بايدن يكافح لإنهاء السياسة الخارجية الانعزالية لسلفه ترامب صعود جمهوري في مجلس النواب يهدد خطط دعم أوكرانيا بايدن يعلن مشاركة الولاياتالمتحدة في صندوق تعويض خسائر وأضرار التغير المناخي بقمة COP27 في مصر الأمريكيون يعانون من أزمة التضخم الأعنف منذ 40 عامًا أكثر من 41 مليون أمريكي يعتمدون على برنامج مساعدات غذائية
يشارف عام الرئيس الأمريكي جو بايدن الثاني داخل البيت الأبيض على نهايته، عام حفل بما يصعب حصره من تحديات لإدارته وحزبه داخل الولاياتالمتحدة وخارجها، فبين حرب في أوروبا تفرض على سيد البيت الأبيض الانخراط فيها بقوة، وتضخم يضغط بشدة على الأسر والشركات في الداخل، يكافح بايدن للبرهنة على أن خطوات إدارته في أزمة عويصة تلو الأخرى هي أفضل المتاح. مثل رد الفعل الأمريكي على اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية تحولا لافتا في السياسة الخارجية الأمريكية خلال عام 2022، وقد اتحد كل من الجمهوريين والديمقراطيين خلف الرئيس الأمريكي جو بايدن في مسعاه لتقديم الدعم السياسيي والعسكري لأوكرانيا، في موقف كتب نهاية التوجه نحو العزلة الذي اتسمت به فترة حكم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. وفي خطابه الافتتاحي عقب توليه رئاسة البلاد رسميا في يناير 2021 أعلن بايدن أن الولاياتالمتحدة ستعزز علاقاتها مع حلفائها الدوليين وستعيد التواصل مع العالم مرة أخرى، وقد بدأت إدارته تطبيق هذا التعهد عمليا بإعادة الانضمام إلى اتفاقية باريس للمناخ التي كان ترامب قد انسحب منها سابقا، وأبدى بايدن رغبة جدية في إثبات ريادة الولاياتالمتحدة في القضايا الدولية من خلال مشاركتها في إنشاء صندوق الخسائر والأضرار على هامش أعمال مؤتمر المناخ الأخير في مصر، لتعويض الدول الأكثر فقرا عن معاناتها جراء تداعيات تغير المناخ، بعد اعتراض أمريكي دام لمدة 30 عاما. لذا لا عجب أن يتبنى بايدن سياسة نشطة في محاولة منه لإعادة الولاياتالمتحدة إلى مكانتها باعتبارها اللاعب الرئيسي على الساحة الدولية تنفيذا لوعوده خلال حملته الرئاسية، في خطوة يراها خبراء سياسيون رفضا صريحا لإرث ترامب لصالح استعادة نظام متعدد الأطراف. وجاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتمثل أكبر اختبار لقدرة الولاياتالمتحدة على استعادة زمام المبادرة في الدبلوماسية الدولية مرة أخرى، حيث لعبت الدور الأبرز عالميا في دعم أوكرانيا على الأصعدة السياسية والعسكرية والإنسانية بمساعدات تجاوزت 68 مليار دولار، كما حثت شركائها الدوليين بتقديم المزيد من المساعدات لها. بايدن: الاقتصاد الأمريكي يحقق انتصارات متتالية.. وزيادات الفائدة مناسبة البيت الأبيض: بايدن يشيد بإقرار الكونجرس مشروع التمويل الحكومي بقيمة 1.66 تريليون دولار وقد حظيت سياسة بايدن تجاه أوكرانيا بدعم داخلي واسع على مستوى الحزبين الأكبر في البلاد، باستثناء معارضة بعض الجمهوريين من أنصار ترامب والمعروفين بانتماءهم لليمين المتطرف، حيث تعهدت النائبة الجمهورية مارجوري تايلور جرين بوقف الدعم المالي لأوكرانيا نهائيا، رغم أنهم يمثلون أقلية معارضة في مقابل أغلبية من المؤيدين الذين تعهدوا بمواصلة دعم القدرات الدفاعية لها. وتظهر استطلاعات الرأي تأييد عموم الأمريكيين لسياسة بايدن تجاه أوكرانيا، وفي حين يرى بعضهم ضرورة توفير أسلحة أكثر تقدما من الناحية التكنولوجية لها، يشيد الكثير منهم بتجنبه المواجهة المباشرة مع روسيا. وقبيل انتخابات التجديد النصفي الأخيرة للكونجرس الأمريكي، أظهرت استطلاعات الرأي تراجع اهتمام الناخب الأمريكي بسياسات بايدن الخارجية بشكل عام، لكن لا يصح أن ينظر إليها باعتبارها سياسات شعبوية، بل باعتبارها تنفيذا لتعهداته بجعل الولاياتالمتحدة شريكا قويا وموثوقا به في مجالات التعاون الدولي من أجل تحقيق السلام والتقدم والأمن عالميا. وبعد انقضاء عامين من فترته الرئاسية الأولى، لا يبدو بايدن على استعداد لتقليص دور الولاياتالمتحدة في التأثير في مجريات الأحداث العالمية، وقد شدد خلال آخر إعلان له عن استراتيجيته للأمن القومي على الحاجة الملحة لقيادة أمريكية قوية الآن أكثر من أي وقت مضى، ومن غير المتوقع أن يعوق الكونجرس ذا الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب جهود بايدن لاستعادة التأثير الأمريكي على الساحة الدولية، حيث يتمتع بخبرة كبيرة في العمل مع الجمهوريين ويبدى استعداده لاستمرار التعاون معهم مستقبلا. ويلقى النشاط الدبلوماسي الأمريكي فيما يتعلق بالقضايا الدولية ترحيبا مشوب بالحذر من المراقبين الأمريكيين، حيث يرون أن التدخل الأمريكي ينبغي أن يكون بحساب وعلى قدر الحاجة دون مبالغة لدرجة يصعب معها السيطرة عليه، وهو ما أيدته استطلاعات الرأي الأخيرة حول السياسات الخارجية للولايات المتحدة. من جانب آخر، يحذر خبراء اقتصاديون من تأثير الانكماش الاقتصادي الحاد للولايات المتحدة على جهود دعم أوكرانيا والمبالغ المخصصة لها، لكن من الواضح أن هذا الدعم سيستمر بشكل أو بآخر، بالتزامن مع مساعي بايدن لإصلاح علاقات بلاده مع بقية العالم. وأعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) أن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة انكمش بنسبة 1.6% و0.9% خلال الربعين الأول والثاني من هذا العام بالترتيب، وهو ما يدق ناقوس الخطر بشأن تزايد حدة الركود الاقتصادي في البلاد. لكن على الجانب الآخر لم يؤثر الركود على التوظيف، بل إن معدل البطالة ظل عند الحدود الآمنة دون 4% على مدار أشهر العام باستثناء شهر يناير الماضي الذي اقترب معدل البطالة خلاله من نسبة 3.5%. بايدن يوقع ميزانية دفاع قياسية تتضمن 800 مليون دولار لمساعدة أوكرانيا صحيفة أمريكية: مسئولون بإدارة بايدن يشككون في قدرة أوكرانيا على هزيمة روسيا ومن المعروف أن الرئيس الأمريكي لا يستطيع السيطرة على أزمة التضخم وتحديد أسعار الفائدة البنكية في آن معا، لكن الإجراءات التشريعية والسياسات التنفيذية يمكن أن تحسن الوضع في أحدهما فقط، فالاحتياطي الفيدرالي وهو هيئة مستقلة هو من يحدد أسعار الفائدة وليس الرئيس، وليس بمقدور الرئيس منعه من رفعها، بل يقتصر دوره على تعيين مجلس الاحتياطي الفيدرالي وأعضائه الآخرين ممن لهم حق التصويت على القرارات، وقد دعم الرئيس الأمريكي جو بايدن استقلال البنك ولم يتدخل في قراراته المتتالية بشأن رفع أسعار الفائدة بوتيرة تاريخية. ومن الجدير بالذكر أن المواطنين الأمريكيين تحملوا هذا العام أزمة التضخم الأعنف منذ 40 عامًا، ويشيد مؤيدو بايدن بقانون خفض التضخم الذي أصدره للحد من الركود الاقتصادي، حيث انعكس أثره على كبح ارتفاع الأسعار الذي تسببت فيه جائحة كورونا عالميا، لكن على الجانب الآخر ينتقد معارضوه خطة الإنقاذ التي اعتمدها بتكلفة 1.9 تريليون دولار والتي أدت ارتفاع معدل التضخم بسبب ضخ الكثير من الأموال في السوق بشكل متسارع. وبغض النظر عن الوضع الاقتصادي الكلي، فإن الحقائق القاسية تفرض نفسها على أرض الواقع، حيث انخفضت القوة الشرائية لملايين العائلات الأمريكية نتيجة الارتفاع المطرد في أسعار السلع والمرافق الأساسية كالطعام والوقود والنقل والإسكان، وارتفعت تكاليف الاقتراض عما كانت عليه خلال 20 عاما، كما سجلت نسب الفائدة السنوية على بطاقات الائتمان أعلى مستوى لها منذ 30 عاما، وربما يكون الأثر الإيجابي الوحيد للأزمة هو تنامي مدخرات الأفراد بوتيرة أسرع من المعتاد. ووفقا لإحصائيات مكتب العمل الأمريكي فقد انخفض متوسط الأجور في الساعة بنسبة 23% بين أكتوبر 2021 وأكتوبر 2022، بشكل لا يوازي معدل ارتفاع الأسعار، وقد دفع هذا الوضع الاقتصادي المأزوم العمال للمطالبة برفع الأجور، ولم ينج من هذه الأزمة سوى العمال الذين خاطروا بتغيير وظائفهم مبكرا في الفترة بين أبريل 2021 ومارس 2022 رغم التحذيرات من حدوث ركود وشيك، وقد آتى قرارهم أكله، حيث استطاعوا إيجاد وظائف بأجور حقيقية أعلى. وقد حاول بايدن التدخل لإنقاذ ملايين الأمريكيين من خلال برنامجه المقترح لإعفاء الطلاب من تكاليف القروض، لكن من المرجح أن ترفض المحكمة العليا هذا البرنامج، ورغم ذلك مدد بايدن فترة تأجيل السداد دون تراكم للفوائد والغرامات لجزء من العام المقبل. ويتضمن قانون الحد من التضخم العديد من البنود التي تستهدف خفض تكاليف الرعاية الصحية لملايين العائلات، رغم أن برامج الرعاية الصحية لن تشمل الكثير منهم حتى الفترة بين عامي 2024 و2027، ومع ذلك فقد أجرى بايدن ثلاثة تغييرات كبيرة على برنامج "ميديكير" ومن المقرر تطبيقها خلال العام المقبل. وعلى صعيد آخر يعتمد أكثر من 41 مليون أمريكي على برنامج المساعدة الغذائية التكميلي، وقد حصلوا هذا العام على مزايا تفوق ما حصلوا عليه العام الماضي وما سيحصلون عليه العام المقبل، وقد راجعت وزارة الزراعة الأمريكية البرنامج في أواخر العام الماضي وأضافت 36.24 دولار لمتوسط الفوائد الشهرية للمستفيد منه، والذي كان يبلغ 218 دولار العام الماضي وارتفع إلى 222 دولار خلال هذا العام وفقا لما أعلنته لجنة الميزانية الفيدرالية المسئولة، وقد حلت الزيادة الجديدة البالغة 36.24 دولار لهذا العام محل زيادة طارئة بنسبة 15% (27 دولار) شهريا خلال العام الماضي، ومن المتوقع أن ينخفض متوسط الدفعة الشهرية خلال العام المقبل بسبب انتهاء مخصصات الطوارئ التي أقرت لتخفيف الأعباء الاقتصادية الناتجة عن جائحة كورونا.