أمين البحوث الإسلامية مهنِّئًا بحلول عيد الأضحى: فرصة لتعزيز المحبَّة والرحمة والتكافل    «الجيل»: ما يدور عن «القائمة الوطنية بانتخابات الشيوخ تكهنات تثير لغط»    المجمع المقدس يدرج ذكرى قداس بطاركة الكنائس الأرثوذكسية في سنكسار الكنيسة    محافظ الغربية: استعدادات مكثفة وفرق عمل على مدار الساعة استعدادا لعيد الأضحى المبارك    وزير قطاع الأعمال يبحث مع شركة كورية فرص التعاون بقطاع الغزل والنسيج    ماذا قالت وسائل الإعلام عن مكالمة ترامب ونظيره الصيني؟    هارب من سجن حماس.. من هو ياسر أبو شباب زعيم المليشيا المسلحة إسرائيليا في غزة؟    تدخل مرتقب من الخارجية الأمريكية لحل أزمة حظر السفر لنجوم مونديال الأندية    أستراليا تضع قدما في نهائيات مونديال 2026    رمضان صبحي يحسم مستقبله مع بيراميدز    مشاهد من فندق إقامة الأهلي قبل الوصول إلى ميامي وعزل البعثة الحمراء    عضو اللجنة العليا للحج: متابعة تنفيذ بنود التعاقد مع شركات الطوافة لحجاج السياحة    مصطفى حجاج ينتهي من تسجيل ألبومه الجديد    محافظ بورسعيد يبحث سبل تطوير الخدمات الصحية للأهالي    في شكوى مها الصغير.. الأعلى للإعلام يستدعي ممثلين المواقع والوسائل الإعلامية المشكو في حقها    واشنطن تعيد تموضع قواتها عالمياً.. أولويات جديدة في حماية الحدود والردع الآسيوي    رئيس إيران يهنئ الرئيس السيسى بعيد الأضحى ويؤكدان أهمية تجنب التصعيد بالمنطقة    وزير العمل يلقي كلمة المجموعة العربية في الملتقى الدولي للتضامن مع شعب وعمال فلسطين    «التنظيم والإدارة» يتيح استعادة كود التقديم في مسابقاته عبر بوابة الوظائف الحكومية    س وج.. كل ما تريد معرفته عن خدمات الجيل الخامس "5G"    تشيفو يقترب من قيادة إنتر ميلان بعد تعثر مفاوضات فابريغاس    «بعتنا ناخده».. رسالة نارية من أحمد بلال ل هاني شكري بعد «سب» جمهور الأهلي    شوبير يكشف موقف أحمد عبد القادر من الاستمرار في الأهلي بالموسم المقبل    نائب وزير المالية ورئيس مصلحة الجمارك فى جولة ميدانية بمطار القاهرة: حريصون على تسهيل الإجراءات الجمركية للعائدين من الخارج    «حلوان» و«حلوان الأهلية» تستعرضان برامجهما المتميزة في «نيجيريا»    "المسرح النسوي بين النظرية والتطبيق" في العدد الجديد من "مسرحنا"    المسرح النسوي بين النظرية والتطبيق في العدد الجديد لجريدة مسرحنا    تهنئة أول أيام عيد الأضحى برسائل دينية مؤثرة    بعروض فنية وسينمائية وأنشطة للأطفال.. قصور الثقافة تحتفل بعيد الأضحى بمحافظات وسط الصعيد    وزير الخارجية الألمانى: نرفض سياسة الاستيطان التى يجرى تنفيذها فى الضفة الغربية    يوم عرفة.. أفضل أوقات الدعاء وأعظم ما يُقال من الذكر    يوم الرحمة.. كيف تستغل يوم عرفة أفضل استغلال؟    تنبيه بخصوص تنظيم صفوف الصلاة في مصلى العيد    وزير الأوقاف يهنئ الرئيس السيسي بيوم عرفة وعيد الأضحى المبارك    تقديم الخدمة الطبية ل1864 مواطنًا ضمن قافلة علاجية بعزبة عبد الرحيم بكفر البطيخ    3 أبراج تهرب من الحب.. هل أنت منهم؟    الرئيس البرازيلي: الاعتراف بدولة فلسطينية واجب أخلاقي    استعدادا ل عيد الأضحى.. رفع درجة الاستعداد داخل مستشفيات دمياط    زلزال بقوة 4.6 درجة على مقياس ريختر يضرب بحر إيجة    خطيب عرفة: الالتزام بالأنظمة والتعليمات المُنِّظَمة للحج جُزْءٌ من تحقيق مقاصد الشريعة    كيف تؤدى صلاة العيد؟.. عدد ركعاتها وتكبيراتها وخطواتها بالتفصيل    طارق يحيى: حظوظ الزمالك متساوية مع بيراميدز للفوز بكأس مصر    أحمد سعد يحيي أولى حفلاته في بورتو مارينا ضمن احتفالات عيد الأضحى 2025    الصحة: فحص 17.8 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف عن الأمراض المزمنة    استشاري تغذية مُحذرًا من شوي اللحمة: يعرّض للإصابة بالأورام - فيديو    21 ألف جنيه تراجعًا بأسعار "باجاج كيوت" أرخص مركبة جديدة بمصر.. التفاصيل    مفاجأة.. ماسك طلب تمديد مهمته في البيت الأبيض وترامب رفض    هيئة التأمين الصحي الشامل تعلن مواعيد العمل خلال إجازة عيد الأضحى    بث مباشر من عرفات.. مئات الآلآف يقفون على المشعر الحرام    وزير التعليم العالي: إعداد قيادات شبابية قادرة على مواجهة التحديات    قبل عيد الأضحى.. حملات تموينية بأسوان تسفر عن ضبط 156 مخالفة    «24 ألف ماكينة ATM».. خطة البنوك لتوفير النقد للمواطنين خلال إجازة العيد    أسعار البقوليات اليوم الخميس 5-6 -2025 في أسواق ومحال محافظة الدقهلية    مصرع عامل في حادث انقلاب دراجة نارية بالمنيا    تكثيف الحملات التموينية المفاجئة على الأسواق والمخابز بأسوان    «مسجد نمرة».. منبر عرفات الذي بني في مكان خطبة الوداع    مسجد نمرة يستعد ل"خطبة عرفة"    أحمد سالم: صفقة انتقال بيكهام إلى الأهلي "علامة استفهام"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلتي معه
نشر في صدى البلد يوم 22 - 12 - 2022

بالغ الجدية، بالغ العمق، يحدثك وكأنه يرى من خلالك ما لم تدركه بعد، يعتقد بصدق و نزاهة فيما يقوله، و يقوله بحسم مسئول أو بشدة والد محب أو باستنارة فيلسوف أو بشعور دافق صوفي، قد تفاجئك بعض مواقفه حين لا تدرك دوافعه، لكنه يعني ما يقول و يراه صائبا، فيتصرف بقلب شجاع مجدد.
رحلتي معه بدأت و كنت طالبا بالسنة الرابعة بكلية الطب التي كان بها استاذا للطب النفسي 1974، جذبتني حكمة محتوية بادية في محاضرته؛ و كنت قارئا لعلم النفس منذ بداية المراهقة، فتحمست مع مجموعة اصدقاء لرغبته في عمل مجموعة طوعية تجريبية للعلاج النفسي الجمعي الذي بدأ تطبيقه في مصر. ومازلتُ أتذكر كلماته الأولي حينما دخلنا مكتبه فرحين: جئتم هنا بناء علي رغبتكم و مسئوليتكم، فمن يتزوج او ينفصل أو يغير معتقداته أو عمله أو مهنته أو بلده فهو المسئول، قالها بكل جدية و ثبات و هو يقرأ كتابا، و رغم شعوري بالصدمة غامرت شغفا بالتعلم النفسي.
لعام و نصف من حضور المجموعة الكاشفة كانت خبرتي عن نفسي مؤلمة وشاقة، إذ اكتشفت بعضا مما كنت لا اعرفه او انكره، و كان علي اما تغييره او تقبله و تحمل مسئوليته، لكن في النهاية تغيرت الي حد بعيد و شعرت بالمزيد من الثقة و الامان و القدرة علي التأثير لحصيلة الايجابيات ، حتي انه اختارني للعمل معه وبعرض سخي، و بدأت التدرب بمستشفاه مع مجموعة مساعديه، و رغم انه كان يضرب مثلا بحماسي للتعلم، الا انني ادركت انني لا اريد ان امنح كل وقتي للعمل، فحدث ما حذر منه في بداية التعارف؛ كنت أول طبيب يلتحق بالسلك الدبلوماسي من بداية درجاته، و هو ما وصفه مداعبا بانه هروب جيد، و اصبحت أقيم بين مصر و الخارج، و افادني ما تعلمته في حياتي و علاقاتي، بل كان العمل الدبلوماسي استكمالا لمسيرة التعلم بتحليل ذاتي الي التفاعل و التعلم من خلال تجارب و ثقافات الشعوب.
تمر العقود بعملي دبلوماسيا و مازال علم النفس شغفي و هوايتي، فاقبل علي تعلم الجديد فيه و في علوم الطاقة، حتي اكتشفت العلاج الفوري لتطوير الشخصية،و حصلت علي ملكيته الفكرية، و نشرته علميا في مجلات و مؤتمرات و ندوات في مصر و الخارج، فرشحني زميل له بالعمل معه. قابلته و قد تعدي الثمانين، ذكرته بي، و تعجب لاول وهلة لاكتشافي، حتي تشاور مع احد مساعديه، و علم انه يعتمد علي تقنية طبع الشخصية علي العقل اللاواعي، فاشاد بي بمحبة و حماس،و بالعلاج الفوري و عرض علي مجددا العمل معه لولا ظروف لا داعي لذكرها، بل ابلغني في لقاء لاحق انه عندما استشارته احدي الجهات الرسمية رد بانه يحق لي ممارسة هذا العلاج غير الدوائي كطبيب.
لم يكن دكتور يحيي الرخاوي بالنسبة لي مجرد معلم و صاحب عمل لم يرده القدر، بل شخصية ملهمة، تابعت حواراته الاعلامية و كتبه التي أهداني بعضها قدر الاستطاعة، كان رائدا مجددا في مهمة تعلم و عطاء مستمر،تتوخي الصدق و الشجاعة،بل و حتي في مشواره الادبي، اذ كنت حاضرا لملابسات احدي روايته الاولي التي اسماها "مدرسة العراة" عن مجموعة علاج جمعي تخيل ابطالها يكشفون أغوار أنفسهم، فنال جائزة عنها، و حتي مقالاته عن حوارات مع الأديب العالمي نجيب محفوظ، فحياته كمثلي مهمة تعليمية مستمرة شغوفة لإنضاج النفس، لذا كان طبيعيا ان اتابع تجربته و انتاجه و عطاءه.
قد تتفق او تختلف معه، لكنه كان صادقا مع نفسه و الآخر، و اعطي قدر اجتهاده حتي لو لم يفهمه البعض، اعطي نفسه حق الاختلاف و بشجاعة مع ما لا يعتقده العامة، و أفاض عليهم من حكمته و رؤيته، فالرائد ينير الشموع و لا ينتظر الاعجاب، و المحبة لا تختزن، و الحق أبدي ان يقال، و الخير يجب ان يعم. هكذا عايشت تلك الشخصية الفريدة الرائدة المتبحرة المجددة المعطاءة، رحم الله دكتور يحيي الرخاوي و أحسن جزاءه، و جعله قدوة لمن يعطي بقلب ناضج و حس مسئول و عقل حكيم و فكر مجدد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.