تعمل الدولة جاهدة على تخطي الأزمة الاقتصادية العالمية التي أطاحت باقتصادات الكثير من الدول، والتي جاءت نتيجة لأزمات متتالية واجهها العالم بداية من تفشي فيروس كورونا الذي أخل بالعديد من القطاعات والمجالات وليس الاقتصاد فقط، وصولا للحرب الروسية الأوكرانية والتي تعتبر القشة التي قسمت ظهر البعير. الحكومة تعلن سعر الصرف المرن الحكومة تعلن سعر الصرف المرن وفي هذا السياق، قالت هالة السعيد، وزيرة التخطيط، في تصريحات تليفزيونية، إن الحكومة المصرية تفضل الآن سعر صرف أكثر مرونة لدعم الاقتصاد الذي يتعرض لضغوط من الحرب الروسية في أوكرانيا، وسمحت السلطات بالفعل للجنيه، الذي ظل مستقراً مقابل الدولار لمدة عامين تقريباً، بالتراجع على نحو حاد في مارس، لكن المستثمرين والاقتصاديين يعتقدون أن أمامه الكثير ليعكس قيمته الحقيقية. وانخفضت العملة المصرية بأكثر من 18% حتى الآن هذا العام، ويستعد المستثمرون لموجة ثانية من الانخفاض في قيمة العملة، بينما تجري الحكومة محادثات للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي، والذي يفضل سعر صرف أكثر مرونة. وأشارت هالة السعيد، وزيرة التخطيط، إلى انفتاحها على إدارة أكثر مرونة للعملة. وقالت "السعيد"، وهي أيضاً رئيسة صندوق الثروة السيادي في مصر، في تصريحات تليفزيونية: "نحن كحكومة نتفق على أن سعر الصرف المرن مفيد بالتأكيد للاقتصاد". وتتسابق مصر وهي أكبر دولة في العالم العربي من حيث عدد السكان لدعم الاقتصاد بعد أن أدت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع فواتير استيراد المواد الغذائية والوقود في مصر، وساهمت في تحفيز هجرة مستثمري المحافظ الأجنبية من سوق الدين المحلي. ويذكر أن تغيير القيادة في البنك المركزي الشهر الماضي، أدى إلى إثارة التكهنات بشأن توقعات العملة بعد استبدال طارق عامر، الذي كان محافظاً لمدة سبع سنوات تقريباً وكان يُنظر إليه على أنه داعم لاستقرار الجنيه. وقالت "السعيد" إن "الحكومة تعمل جاهدة لزيادة عائداتنا من النقد الأجنبي" من خلال محاولة تعزيز الصادرات والاستثمار الأجنبي المباشر والتحويلات من الخارج. المساعدة أيضاً جاءت في شكل ودائع وتعهدات استثمارية تزيد على 22 مليار دولار من حلفائها في الخليج العربي الغني بالطاقة. ضخت شركة القابضة "ADQ"، التي تعد أحد صناديق أبوظبي السيادية، وشركة تابعة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، حتى الآن ما يقرب من 3 مليارات دولار في البلاد، للاستحواذ على حصص حكومية في شركات بارزة في صفقات سهلها الصندوق السيادي المصري. ومن المتوقع ضخ المزيد من هذه الاتفاقات، بما في ذلك على الأرجح البيع التاريخي لحصص في بعض الشركات المملوكة للجيش المصري. كما تعد الحكومة بسياسات جديدة بشأن ملكية الدولة، وتحد من مشاركتها في بعض المجالات وتخرج من قطاعات أخرى، لأنها تسعى إلى استثمارات واسعة النطاق من الشركات الخاصة. وقالت "السعيد" إن مصر أنشأت صندوق "ما قبل الطرح العام الأولي" بهدف امتلاك حصص في شركات عامة والعمل مع مستثمرين استراتيجيين قبل الطرح العام. وأضافت أن مصر ستعيد النظر في توقعاتها للاقتصاد بحلول الشهر المقبل لحساب الصدمات من الخارج. بحسب "السعيد"، استفادت البلاد مؤخراً من تحسن مستويات الاستثمار الأجنبي المباشر والصادرات. ويعد ذلك انعكاساً للثروات التي كانت تفضل هذه السوق الناشئة في أحد الأيام، وبالنظر إلى أسعار الفائدة المرتفعة في مصر، واستقرار الجنيه، وسجلها الحافل في التحركات الصديقة للسوق، ضخ الأجانب مليارات الدولارات في سوق ديونها. الحكومة تعلن سعر الصرف المرن تأثير سعر الصرف المرن من جانبه، قال الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن الصرف المرن يتعاكس مع مبدأ الاقتصاد الحر، والحرية الاقتصادية، وأن سعر الجنيه يتحدد وفقا لقوى العرض والطلب، لأن الصرف المرن يعني التدخل لتحديد سعره، وهذا يتنافى مع كوننا نتبع سعر الصرف الحر، وهذا لا يروق لصندوق النقد الدولي، لأن شرط صندوق النقد الدولي أن السعر يترك دون تدخل من الحكومة وأن ما يحدد سعره هو أعرض والطلب. وأضاف عبده، في تصريحات ل "صدى البلد"، أن "تصريحات وزيرة التخطيط بشأن سعر الصرف المرن هو ضد شروط صندوق النقد الدولي، وبهذا الصندوق لن يعطينا القرض، ونحن نطلب قرضا بقيمة 15 مليار دولار، ونحن في أمس الحاجة لهذا القرض، لأن لدينا عجزا في الدولارات خاصة بعد كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية، لأن السياحة ضربت ولم يعد هناك إيرادات، إضافة لارتفاع سعر الغذاء والحبوب مما زاد الفاتورة". ولفت إلى أنه في ظل كل هذا لا يجب أن نقول إننا نتبع سياسة صرف مرنة لأن الدولة أعلنت إحداث إصلاحات اقتصادية في عام 2016، وأن سعر الصرف يتحدد وفقا لقوى العرض والطلب دون تدخل وهي أحد شروط الصندوق وبنفس الشروط منحنا القرض الماضي 12 مليارا. وأوضح عبده أن سعر الصرف المرن يمكن التحكم به وجعله أكثر مرونة بالارتفاع والانخفاض، لذلك يجب أن نكون أكثر وضوحا وتحديدا لسياستنا، فإذا ارتضينا بالإصلاح الاقتصادي وأن سعر الصرف أصبح حرا، لا نستطيع حينها أن نتدخل لأن سعر الصرف المرن يعني أن هناك تدخلا، مشيرا إلى أن هذا هو أحد أسباب استقالة محافظ البنك المركز لأن الصندوق لم يتوافق معه واحتج واشتكى للرئاسة، ونحن في أمس الحاجة للقرض لذلك كان لا بد من استبداله. صندوق النقد الدولي شروط صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد وكان صندوق النقد الدولي أعلن أن الحكومة المصرية بحاجة إلى اتخاذ مزيد من الخطوات لتعزيز تطوير القطاع الخاص وتحسين الحوكمة وتقليص دور الدولة، في حال أرادت مصر الحصول على قرض جديد. وقال المجلس التنفيذي للصندوق بعد اجتماعه لتقييم برنامج القرض الأخير لمصر، إن "مصر بحاجة إلى إحراز تقدم حاسم بشأن إصلاحات مالية وهيكلية أعمق لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد وجعله أكثر مرونة في مواجهة الصدمات". وفي عام 2020، حصلت مصر من الصندوق على 5.2 مليار دولار بموجب اتفاق استعداد ائتماني، بالإضافة إلى 2.8 مليار دولار في إطار أداة التمويل السريع التابعة لصندوق النقد الدولي، مما ساعد الدولة على معالجة تأثير فيروس كورونا. وكشف تقييم صندوق النقد الدولي، أن اتفاق الاستعداد الائتماني حقق هدفه الأساسي المتمثل في الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، وأن تنفيذ السياسة كان يتماشى بشكل عام مع أهداف البرنامج. في حين قال صندوق النقد الدولي إن هدف الحكومة المصرية المتمثل في تعزيز الثقة من خلال عملة مستقرة، كان من الممكن تعزيز تقلبات أكبر في سعر الصرف خلال اتفاق الاستعداد الائتماني، لتجنب تراكم الاختلالات الخارجية وتسهيل التكيف مع الصدمات. وتوقع صندوق النقد الدولي انخفاض نمو اقتصاد مصر خلال العام المالي الجاري 2022، إلى 4.8% مقابل 5% والتي كانت يتوقعها الصندوق في أبريل الماضي.