أورد كتاب «قلب الإخوان.. محاكم تفتيش الجماعة»، للكاتب ثروت الخرباوي، والصادر عن مطبوعات دار الهلال، حقائق ووثائق من قلب الإخوان، حقائق غائبة عن جماعة الإخوان غابت عنها فغابت عنا ولم يعرفها الرأي العام. "قلب الإخوان" تجربة شخصية للكاتب ثروت الخرباوي، بالوقائع والوثائق والحقائق تكشف لمن لا يعرفون حقيقة التنظيم المحظور ملامح ووقائع تعري محاكم تفتيش الجماعة، فلكل شيء بداية، ولكل شيء نهاية سطرها ثروت الخرباوي المحامي في تجربته التي وصفها بأنها شخصية في قلب الإخوان، بدأها بكلمة وأنهاها بالرحيل وما بينهما يسرد الكثير من المفاجآت والأسرار التي لا تخلو من الحقائق والوقائع التي تبدو غائبة حتي عن كثير من المنتمين لذلك التنظيم المحظور وتتعامل مع تلك الجماعة من منظور الزجاج الشفاف الذي يعري نظرتهم للدين والسياسة والحياة.
فهناك صراعات وانقسامات وأقطاب تتلاعب بعموم الناس وتدغدغ عواطف الباحثين عن السياسة والمصالح بلغة دينية تخلط المصلحة بالغاية وتبرر بشعارات جوفاء ما يرتكبونه ضد المجتمع.
ويُناقش ثروت الخرباوي في مقدمة كتابه مبدأ السمع والطاعة عند الجماعة، والقيود التي تفرضها على أعضائها من حيث التسليم بجميع الأوضاع، وعدم الاعتراض على القادة، بما يكرس الديكتاتورية والتبعية المطلقة، مشيرًا إلى أن حديثهم الدائم عن أخطاء الحكام والمنظومات السياسية كان يفرض عليهم أن يمنحوا لشبابهم وأعضائهم وكذلك المتابعين وغير الأعضاء فرصة نقد الجماعة، والاطلاع عليها من الداخل.
ولكن الجماعة تستخدم الدين كستار لمنع حدوث ذلك، أي أن القادة والمرشدين على اختلاف أجيالهم يتعاملون مع الأتباع بفوقية لا تقبل النقد باعتبار إياهم ممثلين عن الدين الإسلامي، فضلا عن كون عقيدتهم هي الحل للأزمات السياسية بالعالم، وهو المتمثل في شعارهم (الإسلام هو الحل)، مضيفًا أن الإسلام لم يمنع النقد أو إبداء الآراء ومنح الجميع حرية الاختلاف، وهو ما يتضح في أقوال النبي محمد صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين.
ويعني هذا أن استخدام الإخوان للديمقراطية ما هي إلا مطية للوصول للحكم، بينما هم في حقيقتهم لا يقتنعون بها كأساس لإدارة الدول، بل يروجون لاستبدادية الحكام؛ كي يسيطرون على الشباب الراغبين في التغيير باسم الدين، وتظهر أهمية كشف هذه المعتقدات في نهم السلطة لديهم، وسعيهم في السيطرة على المراحل الانتقالية للدول في الشرق الأوسط، وبالأخص تونس والجزائر، وكذلك حلمهم في العودة لعروش فقدوها شعبيًّا.
ويتحدث ثروت الخرباوي عن النظام الخاص للجماعة، وكيفية دفاع مأمون الهضيبي "المرشد السادس للجماعة" عن الاغتيالات التي نفذها هذا القطاع التابع لها، حين مناظرته مع الكاتب فرج فودة الذي قتلته الجماعات الظلامية؛ ما يدل على أن الدماء لدى الجماعة لها تبريراتها الخاصة، وأن الأعضاء ينسلخون من إنسانيتهم إلى براجماتية الجماعة.
كما يدلل ذلك على كذب ادعاءات الجماعة بأنها لم تمتلك جناحًا مسلحًا، ويستقيم ذلك مع العرض العسكري لشبابها في الجامعة، فما حاجة تنظيم يدعي العمل السياسي إلى فريق مسلح إلا إذا كان جماعة إرهابية.
ويرصد الخرباوى بأسلوب أدبى وما يشبه السيرة الذاتية فى كتابه بداية تعرفه على الجماعة، وهو فى الجامعة والتحاقه بها، وكيف أدخل الجماعة فى قلبه، وكيف أثر فيه موقف د.عبد المنعم أبو الفتوح، وهو يحدث أنور السادات، رئيس الجمهورية السابق، وعمر التلمسانى، المرشد العام السابق، وكيف مارس المحاماة لخدمة الجماعة، وكشف على لسان أحد قيادات الإخوان السابقين كيف أن الجماعة اختلفت بين منهجى حسن البنا وسيد قطب، وكيف تسبب "النظام الخاص" الذى أنشأته الجماعة فى الأربعينيات، واستمر لفترة طويلة سبب نكبة الإخوان باعتراف البنا نفسه.
ويكشف الخرباوى تجربة مختار نوح فى الدخول، ومن ثم السيطرة على نقابة المحامين بمساعدة عمر التلمسانى، ومن خلال مراحل ومحطات يرصدها الخرباوى فى 250 صفحة من القطع المتوسط، فيروى كيف تم توقيفه بالجماعة فى 2002 بسبب تأييده لسامح عاشور، نقيب المحامين السابق، وقت أن كان يترشح لأول مرة للمنصب ومخالفته الجماعة التى أعلنت تأييدها لرجائى عطية، ووصل الأمر بمنعه من الخروج لأسبوع وقت الانتخابات، واستعرض عددا من القرارات التى وصفها بالأحكام العرفية بالجماعة التى وصلت إلى طلب القيادة من عضو تطليق زوجته لأنها انتقدت المرشد.
وذكر الخرباوى كيف تم عسكرة الجماعة على أيدى قيادتها من النظام الخاص وأصحاب منهج سيد قطب، وكيف ضاق التنظيم على أبناء الجماعة حتى قتل داخلهم المواهب والإبداع، وعرض ما حدث لأعضاء حزب الوسط ود. سيد عبد الستار المليجى وغيره ممن تم إبعادهم عن التنظيم، واستعرض بعض الصفات لقيادات الجماعة الذين خالفهم ومنهم د.محمد بديع وقت أن كان محبوسا فى قضية المهنيين العسكرية 1999، وبعض الصفات السلبية لأعضاء يظنهم الإخوان من القدوة والدعاة بالجماعة كشهادة الزور فى محكمة داخلية.
ويروى الخرباوى ذكرياته وكيف أنه شعر بارتياح بعد خروجه من التنظيم، رغم أنه مازال قائما على أفكار ومبادئ مؤسس الإخوان حسن البنا، وعرض أسباب تحول الجماعة لتنظيم طارد للكفاءات وأصحاب الأفكار الذين لم يكن هو آخرهم، ويحكى كيف قاطع الإخوان حتى من إلقاء السلام عليه حتى من وقف منهم، ودافع عنهم بدون مقابل أمام المحاكم من الإخوان حتى بعد أن خرجوا من السجن.
ويضم الكتاب العديد من الوثائق بخط اليد لقيادات فى الجماعة بجانب "خطة تصدير القلق" التى شارك فى صياغتها محمد بديع، وقت أن كان عضوا فى أمانة المهنيين بالجماعة التى تتحدث عن كيفية دخول الإخوان الانتخابات، كما يكشف أن هناك جهازا سريا بالجماعة اسمه "جهاز أمن الدعوة".