الجرام يسجل 5600 جنيه.. ارتفاع كبير في أسعار الذهب والسبائك اليوم الأحد 15 يونيو 2025    البث العبرية: إسرائيل تتعرض لهجوم مركّب من إيران واليمن    هجوم إسرائيلى على منطقة سكنية شرقى طهران    مجدي الجلاد: مصر تعاملت بحكمة شديدة مع قافلة الصمود (فيديو)    "علم مصر والزي الفرعوني".. لقطات من مباراة الأهلي وإنتر ميامي في مونديال الأندية    شاهد بكاء إمام عاشور متأثرا بإصابته في مباراة إنتر ميامي (فيديو)    ترقبوا خلال ساعات.. نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 بالقاهرة عبر بوابة التعليم الأساسي    شديد الحرارة ورياح.. الأرصاد تكشف حالة الطقس خلال الأيام المقبلة ( بيان مهم)    الموعد المتوقع لإعلان نتيجة الدبلومات الفنية 2025؟.. رابط الاستعلام برقم الجلوس    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    "رفقة سواريز".. أول ظهور لميسي قبل مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    أعراض السكتة القلبية، علامات صامتة لا يجب تجاهلها    الجلاد: الحكومة الحالية تفتقر للرؤية السياسية.. والتعديل الوزاري ضرورة    وسائل إعلام إيرانية: الصواريخ على إسرائيل أصابت أهدافا في الجليل الأعلى وحيفا    سوريا تغلق مجالها الجوي أمام حركة الطيران    السفارة الأمريكية في البحرين تدعو موظفيها إلى توخي الحذر عقب الهجوم على إيران    ضبط كوكتيل مخدرات وأسلحة آلية.. سقوط عصابة «الكيف» في قبضة مباحث دراو بأسوان    حدث منتصف الليل| السيسي يبحث مع أردوغان الأوضاع الإقليمية.. وسبب ظهور أجسام مضيئة بسماء مصر    إغلاق كلي بطريق الواحات لمدة 5 أيام.. تعرف على الطرق البديلة    المهرجان القومي للمسرح يعلن عن برنامج ندوات الدورة 18 بالإسكندرية    "العسل المصري".. يارا السكري تبهر متابعيها في أحدث ظهور    الحرس الثورى الإيرانى: موجة جديدة من العمليات المرکبة ردا على عدوان إسرائيل    القانون يحظر رفع أو عرض العلم المصرى تالفا أو مستهلكا أو باهت الألوان    بداية العام الهجري الجديد 1447.. عبارات مميزة لرسائل تهنئة وأجمل الأدعية    3481 طالب يؤدون امتحانات نهاية العام بجامعة حلوان التكنولوجية    إصابة سيدتين وطفل في انقلاب ملاكي على طريق "أسيوط – الخارجة" بالوادي الجديد    رسميًا بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 15 يونيو 2025    كهرباء قنا تفتتح مركزًا جديدًا لخدمة العملاء وشحن العدادات بمنطقة الثانوية بنات    بمشاركة 20 ألف.. مستقبل وطن يُطلق مؤتمر شباب الدلتا بالإسكندرية    محافظ قنا يشارك في الاحتفالية الرسمية لاستقبال الأنبا إغناطيوس بالمطرانية    «الإصلاح والنهضة» ينظم صالونًا حول المستهدفات الحزبية في الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان    سعر الفراخ البيضاء والساسو وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الأحد 15 يونيو 2025    نتناولها يوميًا وترفع من نسبة الإصابة بأمراض الكلى.. أخطر طعام على الكلى    دون أدوية أو جراحة.. 5 طرق طبيعية لتفتيت وعلاج حصوات الكلى    ضمن مبادرة "100 مليون صحة".. صحة الفيوم تقدم خدمات المبادرات الرئاسية لأكثر من 18 ألف مواطن خلال عيد الأضحى    «السما بتنور كل شوية ليه؟».. عمرو أديب يطالب الجهات المعنية ببيان رسمي    الاتصالات: تأهيل أكثر من 7000 متدرب من شباب شمال سيناء للعمل فى مجالات تكنولوجيا المعلومات    النيابة تدشن المرحلة الأولى من منصتها الإلكترونية "نبت" للتوعية الرقمية    أسرار صراع المحتوى «العربي - العبري» في الفضاء الاصطناعي    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    كأس العالم للأندية| «ريبيرو» يعقد محاضرة فنية للاعبي الأهلي استعدادًا لمواجهة إنتر ميامي    صعوبات غير متوقعة.. حظ برج الجدي اليوم 15 يونيو    العناد قد يتسبب لك في المشاكل.. حظ برج القوس اليوم 15 يونيو    التسرع قد ينتهي بالتراجع.. حظ برج العقرب اليوم 15 يونيو    رئيس هيئة الرقابة النووية والإشعاعية السابق: لا تأثيرات لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية على مصر    هانى عادل لبرنامج من إمبارح للنهاردة: أول جيتار جابتهولى أمى ودماغى بتغلى أفكار    سر دموع عبد الفتاح الجرينى على الهواء فى "صندوق الذكريات" ب"آخر الأسبوع"    مجدي عبدالغني: الأهلي قادر على الفوز أمام إنتر ميامي.. وأتمنى تعادل بورتو وبالميراس    بث مباشر مباراة الأهلي ضد إنتر ميامي اليوم (0-0) في كأس العالم للأندية    هشام حنفي: بالميراس أقوى فريق في مجموعة الأهلي.. ومواجهة إنتر ميامي ليست سهلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    إصابة 10 أشخاص إثر حادث تصادم 3 سيارات في دمنهور (صور)    وزيرة التخطيط تلتقي بمجموعة من طلاب كبرى الجامعات بالمملكة المتحدة    جامعة بدر تفتح باب التقديم المبكر بكافة الكليات لطلاب الثانوية العامة والأزهري والشهادات المعادلة    إذاعة جيش الاحتلال عن مصادر: رصدنا استعدادات إيرانية لإطلاق موجة من الصواريخ    أدعية مستجابة في شهر ذي الحجة    الهلال الأحمر المصرى: تنظيم حملات توعوية لحث المواطنين على التبرع بالدم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسباب الابتلاء .. شيخ الأزهر: فقد الأحبة ليس أمارة على سوء حال المُبتلى
نشر في صدى البلد يوم 06 - 02 - 2022

ما أسباب الابتلاء والمصائب ؟ يظن البعض أن نزول البلاء أو المصائب علامة على غضب الله تعالى، لكن قد يكون علامة على حب الله -عز وجل- والنبي محمد صلى الله عليه وسلم جعل البلاء علامة على حب الله لعبده، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه-قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن عِظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط »، رواه الترمذي.

للمصائب و الابتلاءات في الكتاب والسنة سببان اثنان مباشران – إلى جانب حكمة الله تعالى في قضائه وقدره -: السبب الأول ل الابتلاء: الذنوب والمعاصي التي يرتكبها الإنسان، سواء كانت كفرا أو معصية مجردة أو كبيرة من الكبائر، فيبتلي الله عز وجل بسببها صاحبها بالمصيبة على وجه المجازاة والعقوبة العاجلة، « وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ» (النساء: 79)، قال المفسرون: أي بذنبك.

السبب الثاني ل الابتلاء: إرادة الله تعالى رفعة درجات المؤمن الصابر، فيبتليه بالمصيبة ليرضى ويصبر فيُوفَّى أجر الصابرين في الآخرة، ويكتب عند الله من الفائزين، وقد رافق البلاء الأنبياء والصالحين فلم يغادرهم، جعله الله تعالى مكرمة لهم ينالون به الدرجة العالية في الجنة، ولهذا جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا سَبَقَتْ لَهُ مِنْ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ لَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلِهِ ابْتَلَاهُ اللَّهُ فِي جَسَدِهِ أَوْ فِي مَالِهِ أَوْ فِي وَلَدِهِ».

الفرق بين العقوبة والابتلاء

الابتلاء من سنن الله تعالى في الكون التي لا تتغير ولا تتبدل، ويُبتلى الإنسان في هذه الحياة الدنيا تارة بالخير، وتارة بالشر، كما قال تعالى «كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ» (سورة الأنبياء: 35)، وذكر الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره قوله تعالى: «وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً» أي: نختبركم بالمصائب تارة، وبالنعم أخرى؛ لننظر من يشكر ومن يكفر، ومن يصبر ومن يقنط.
وقد يبتلي الله تعالى، الإنسان بشيء ظاهره الشر لكنه في حقيقته خير كثير، وقد يكون عكس ذلك تمامًا قال - تعالى -: «وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ» (سورة البقرة: 216).
الابتلاء إذا أصاب الإنسان الصالح بعد الطاعات التي يؤديها فهذا ابتلاء بالخير لرفع الله تعالى من درجاته ومنزلة في الجنة، أما الابتلاء بالشر فيصيب الإنسان بعد الذنب الذي يرتكبه وقد يكون بسبب تكفير هذه المعصية حتى يتوب فاعلها إلى الله تعالى ويستغفر فيمحو الخالق عز وجل إثم المعصية التي ارتكبها.
إن الله -عز وجل- يبتلي عباده بالسراء و الضراء ، وبالشدة والرخاء، وقد يبتليهم بها لرفع درجاتهم، وإعلاء ذكرهم، ومضاعفة حسناتهم، كما يفعل بالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، والصلحاء من عباد الله، كما روى ابن ماجة (4023) عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟، قَالَ: «الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ البَلَاءُ بِالعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ»
وتارة يفعل ذلك سبحانه بسبب المعاصي والذنوب، فتكون العقوبة معجلة، كما قال سبحانه: «وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ» (سورة الشورى: 30). فالغالب على الإنسان التقصير، وعدم القيام بالواجب، فما أصابه فهو بسبب ذنوبه وتقصيره بأمر الله، فإذا ابتلي أحد من عباد الله الصالحين بشيء من الأمراض أو نحوها، فإن هذا يكون من جنس ابتلاء الأنبياء والرسل، رفعًا في الدرجات وتعظيمًا للأجور، وليكون قدوة لغيره في الصبر والاحتساب.
الحاصل أنه قد يكون الابتلاء لرفع الدرجات وإعظام الأجور، كما يفعل الله بالأنبياء وبعض الأخيار، وقد يكون لتكفير السيئات؛ كما في قوله تعالى: «مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ»، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حَزَن وَلاَ أَذًى وَلاَ غمٍّ، حتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُها إِلاَّ كفَّر اللَّه بهَا مِنْ خطَايَاه» وقوله صلى الله عليه وسلم: «من يُرد الله به خيرًا، يُصب منه» وقوله: «يصب»: قُرئت بوجهين: فتح الصاد: «يُصَب»، وكسرها: "يُصِب"، وكلاهما صحيح.. أما «يُصِب منه»، فالمعنى أن الله يُقدِّر عليه المصائب حتى يَبتليه بها؛ أيصبر أم يَضجَر.

وأما «يُصَب منه»، فهي أعم؛ أي: يصاب من الله ومن غيره، وقد يكون ذلك عقوبة معجلة بسبب المعاصي، وعدم المبادرة ل التوبة ، كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة» أخرجه الترمذي وحسنه.

أدعية الصبر عند الشدائد.. احرص على ترديدها
فضل الصبر على المعاصي والبلاء والمصائب .. 7 عطايا إلهية للصابرين


ما أسباب الابتلاء والمصائب ؟

فضل الصبر على الابتلاء

قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن الابتلاء بالنسبة للمؤمن كله خير؛ لأن البلاء يعرض المُبتلى لثواب عظيم يناله جزاءً على ما قدم من شكر أو صبر، منوهًا بأن الابتلاء بالمصائب كالفقر والمجاعة والأمراض وفقد الأحبة ليس أمارة على سوء حال المُبتلى، وأن صفوة البشر هم الذين يصيبهم البلاء.

وأضاف شيخ الأزهر، خلال حلقة سابقة له، أن العبد قد تكون له منزلة في الجنة لا يصل إليها بعمله الذي اعتاد عليه لعلو هذه المنزلة وسموها عن درجة عمله، فيبتلى من الله، فيبلغ هذه الدرجة بثواب الصبر على قضاء الله، يقول النبيُّ -صلى الله عليه وسلم: «عَجبًا لأمرِ المؤمنِ، إن أمرَه كلَّه له خيرٌ، وليسَ ذلك لأحدٍ إلا للمؤمنِ: إن أصابَتْه سراءُ شَكرَ فكان خيرًا له، وإن أصابَتْه ضراءُ صبرَ فكان خيرًا له»، وسبب الخير في عموم البلاء هو التحقق بمقام الصبر أو مقام الشكر.

وتابع: إن ذكر الصبر ومشتقاته ورد في القرآن الكريم أكثر من 100 مرة، وهو يدور حول معنى واحد وهو حبس النفس على ما تكره ابتغاء مرضات الله.

وأشار إلى أن القرآن الكريم والسنة المشرفة ربط بين الصبر وأعظم الدرجات في الدنيا وأجلها في الآخرة، فالصابرون هم أئمة المتقين، وهما الذين يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا، آيات الصبر: «وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ» (سورة النحل: 126)، وقال تعالى: «وَأَن تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» (النساء: 25)، ووصف النبي –صلى الله عليه وسلم- الصبر بأنه نصف الإيمان.

ولفت الإمام الأكبر، إلى أن النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أشار إلى مناط الثواب في الصبر، بقوله: «واعْلَمْ أنَّ في الصبرِ على ما تَكرَه خيرًا كثيرًا»، والصبر المقبول هو ما كانَ في وقته الصحيح: «إنَّما الصَّبرُ عند الصَّدمةِ الأُولَى»، فإذا فتر المبتلى من تأثير مرور الزمن أو مواساة الآخرين فلا يسمى صابرًا محتسبًا، مشددًا على أن الصبر ضرورة دينية ودنيوية، وهو الوسيلة الوحيدة لتحقيق الآمال وبلوغ الغايات.

وألمح إلى أن الإنسان لا يبلغ مجدًا ولا نجاحًا إلا إذا اتخذ الصبر مطية في السعي لبلوغ المقاصد وتحقيق الآمال، معتبرًا أن أبلغ ما قيل في ذلك قول الرسول –صلى الله عليه وسلم-: «حُفَّتِ الجنَّةُ بالمَكارِهِ، وحُفَّتِ النَّارُ بالشَّهواتِ»، وقوله أيضًا: «وَلا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً صَبَرَ عَلَيهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا»، وقول المسيح عليه السلام،: «إنكم لا تدركون ما تحبون إلا بصبرك على ما تكرهون».


الصبر في القرآن الكريم
ورد ذِكر الصبر في القرآن في أكثر من سبعين موضعًا في موطن المدح والثناء والأمر به، وذلك لعظم موقعه في الدين، وقال بعض العلماء: كل الحسنات لها أجر معلوم إلا الصبر، فإنه لا يحصر أجره لقوله تعالى: «إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ» (الزمر 10).

تحصر الناس الصبر في نوع واحد وهو الصبر على البلاء، ولكن للصبر 4 أنواع، وهي: صبر على البلاء وهو: منع النفس عن التسخط والهلع والجزع، وصبر على النعم وهو: تقييدها بالشكر وعدم الطغيان والتكبر بها، وصبر على الطاعة وهو: المحافظة والدوام عليها، وصبر على المعاصي وهو: كف النفس عنها.

فضل الصبر
أولًا-: على الثواب العظيم في الآخرة قال تعالى: «إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ».
ثانيًا: محبة الله قال تعالى: «وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ».
ثالثًا: الجنة لمن صبر على البلاء في الدنيا قال عطاء بن أبي رباح: قَالَ لي ابنُ عَبَّاسٍ: ألَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِن أهْلِ الجَنَّةِ؟ قُلتُ: بَلَى، قَالَ: هذِه المَرْأَةُ السَّوْدَاءُ، أتَتِ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَتْ: إنِّي أُصْرَعُ، وإنِّي أتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي، قَالَ: إنْ شِئْتِ صَبَرْتِ ولَكِ الجَنَّةُ، وإنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أنْ يُعَافِيَكِ فَقَالَتْ: أصْبِرُ، فَقَالَتْ: إنِّي أتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لي أنْ لا أتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا» (متفق عليه).
رابعًا: تحقق معية الله للصابرين قال تعالى: «وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ».
خامسًا: خير عطاء من الله للمؤمن كما ورد في الصحيحين قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنْ الصَّبْرِ».
سادسًا: لذة الإيمان وحلاوته لمن صبر على ترك المعاصي، «وكذلك ترك الفواحش يزكو بها القلب وكذلك ترك المعاصي فإنها بمنزلة الأخلاط الرديئة في البدن».
سابعًا: للصابر ثلاث بشائر بشر الله بها فقال تعالى: «وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ».

دعاء الصبر والفرج
«اللّهُمّ إلَيْك أَشْكُو ضَعْفَ قُوّتِي، وَقِلّةَ حِيلَتِي، وَهَوَانِي عَلَى النّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ! أَنْتَ رَبّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأَنْتَ رَبّي، إلَى مَنْ تَكِلُنِي؟ إلَى بَعِيدٍ يَتَجَهّمُنِي؟ أَمْ إلَى عَدُوّ مَلّكْتَهُ أَمْرِي؟ إنْ لَمْ يَكُنْ بِك عَلَيّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي، وَلَكِنّ عَافِيَتَك هِيَ أَوْسَعُ لِي، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِك الّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظّلُمَاتُ وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَنْ تُنْزِلَ بِي غَضَبَك ، أَوْ يَحِلّ عَلَيّ سُخْطُكَ، لَك الْعُتْبَى حَتّى تَرْضَى ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوّةَ إلّا بِك»


اللهم اجعل لي من كل ما أهمني وأكْربني من أمر دنياي وأمر آخرتي فرجاً ومخرجاً، وارزقني من حيت لا أحتسب واغفر لي ذنبي وثبّت رجائي واقطعه عمن سواك حتى لا أرجو أحداً غيرك

اللهم احرسني بعينك التي لا تنام، واكفني بركنك الذي لا يرام، واحفظني بعزك الذي لا يضام، واكلانى فى الليل والنهار، وارحمني بقدرتك علي أنت ثقتي ورجائي، يا ذا المعروف الذي لا ينقضي أبداً ويا ذا الجلال الذي لا بلى ابدًا.

ويا ذا النور الذي لا يطفأ سرمدا، أسألك أن تكفيني شر كل ذي شر، وأسألك فرجا قريبا وصبرا جميلا، وأسألك العافية من كل بلية اللهم بك أدفع ما أنا فيه، وأعوذ بك من شره يا أرحم الراحمين، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

اللهم إنك تعلم سري وعلانيتي فاقبل معذرتي وتعلم حاجتي فاعطني سؤلي وتعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنوبي، اللهم إني أسألك إيمانًا يباشر قلبي ويقيننا صادقا حتى أعلم أنه لن يصيبني إلا ما كتبه على والرضا بما قسمته لي يا ذا الجلال و الإكرام.
اللهم إنى أعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرًا.

اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك، وأعوذ بك من شر ما عاذ به عبدك ونبيك ربي لا تكلني الى احد ولا تحوجني الى احد واغنني عن كل احد يامن اليه المستند وعليه المعتمد وهو الواحد الفرد الصمد لاشريك له ولا ولد.

الصبر على الابتلاءات
أنواع الصبر
للصبر 4 أنواع، وهي: أولًا: الصبر على البلاء وهو: منع النفس عن التسخط والهلع والجزع. الصَّبْر على أفعال الله والابتلاءات والنّوازل العصيبة: حيث إنّ من طبيعة الحياة الدنيا أنّها لا تصفو لأحد، ولا يسلم من آلامها وبلائها بَرّ ولا فاجر، ولكنّ المؤمن بدافع الرّضا عن أفعال الله -سبحانه- وأقداره يواجه كلّ الابتلاءات بثبات وجَلَد، وهو بذلك هادىء النّفس مطمئن البال؛ لأنّه على يقين أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، ويرى المؤمن أنّ أنبياء الله -تعالى-وهم صفوة خَلْقه، وأفضل إنسه قد ابتلاهم المولى -سبحانه- بأنواع كثيرة من الابتلاءات، لكنّهم واجهوها بالرّضا والتّسليم والصَّبْر الجميل، ولقد صبر أيوب -عليه السّلام- على المرض وفقدان الأهل والولد، وصبر يوسف -عليه السّلام- على ما حلّ به من بلاء السّجن والافتراء إلى أن حصحص الله -تعالى- الحقّ وأظهره، أمّا النبيّ محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- فقد صبر في مواقف كثيرة منذ بعثته إلى وفاته.

ثانيًا: الصبر على النعم وهو: تقييدها بالشكر وعدم الطغيان والتكبر بها، وكَانَ ما يلقى الْعَبْد فِي هَذِهِ الدار لا يخلو من نوعين: أحدهما يوافق هواه ومراده، والآخر مخالفه وَهُوَ محتاج إِلَى الصبر فِي كُلّ منهما، أما النوع الموافق لغرضه: فكالصحة والسلامة والجاه والْمَال وأنواع الملاذ المباحة وَهُوَ أحوج شَيْء إِلَى الصبر فيها من وجوه:
أحدهما: أن لا يركن إليها ولا يغتر بها ولا تحمله على البطر والأشر والفرح المذموم الَّذِي لا يحبه الله وأهله. الثانى: أن لا ينهمك فِي نيلها ويبالغ فِي استقصائها فَإِنَّهَا تنقلب إِلَى أضدادها. فمن بالغ فِي الأكل والشرب انقلب ذَلِكَ إِلَى ضده وحرم الأكل والشرب والجماع. الثالث: أن يصبر على أداء حق الله فيها ولا يضيعه فيسلبها.
الرابع: أن يصبر عَنْ صرفها فِي الحرام، فلا يمكن نَفْسهُ من كُلّ ما تريده مَنْهَا فَإِنَّهَا توقعه فِي الحرام، فَإِنَّ احترز كُلّ الاحتراز أوقعته فِي المكروه، ولا يصبر على السراء إلا الصديقون. وقَالَ عبد الرحمن بن عوف رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ابتلينا بالضراء فصبرنا وابتلينا بالسراء فلم نصبر.

الصبر

ثالثًا: الصبر على الطاعة وهو: المحافظة والدوام عليها: حيث إنّ النفس بطبعها تميل إلى الشّهوات، وهذا مانع للعبد من الانقياد السريع لفعل الطّاعة، لذا يلزم المرء في هذا النوع من أنواع الصَّبر أنْ يعوّد نفسه على خُلُق الصَّبر في ثلاثة مواضع؛ الأوّل: قبل البدء بالطّاعة يَحْسُن بالمسّلم أنْ يتفقّد نيّته ويطهّرها من كل شائبة رياء، ويستحضر الإخلاص لله -تعالى- وحده، والثّاني: الصَّبْر أثناء قيامه بالطّاعة، فيحرص المسّلم على أدائها على الوجه المشّروع وفق ما جاء به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، والثّالث: الصَّبْر بعد أداء الطّاعة، فيحرص أنْ لا يُدخل لنفسه العَجب أو محبّة ثناء الخَلْق؛ فيُفسِد على نفسه عمله، وعلى الدّاعية إلى الله -تعالى- أنْ يعلم أنّ الصَّبْر سلاحه في طريق الدّعوة، وأنْ يستذكر خطى الأنبياء وسيرتهم في تحمّل الأذى وصنوف الصدّ عن الدّعوة، من نوح -عليه السّلام- إلى خاتم الأنبياء محمّد صلّى الله عليه وسلّم.

رابعًا: الصبر على المعاصي وهو: كف النفس عنها. الصَّبْر عن فعل المعاصي وارتكاب المحرّمات: حيث إنّ الدنيا بملذّاتها وشهواتها تُشكّل ابتلاء من نوع آخر في مسيرة حياة المسلم، لذا فإنّ العبد محتاج لسلاح الصَّبْر لمواجهة هذه المُغريات الكثيرة والمتنوعة التي تعرضُ له في حياته، ومن شهوات الدنيا التي يدفعها المسّلم عن نفسه بالصَّبْر كي لا تُعْسِر عليه سلامة المسير وفق مراد الله -تعالى- شهوة النّساء والمال والمتاع وغيرها، ويستذكر المسّلم في هذا المقام قصة قارون ومصيره بعد أنْ أغدق الله -تعالى- عليه من صنوف المال والذّهب والفضة، ثمّ أنكر فضل الله -سبحانه وتعالى- عليه؛ فخسف الله به الأرض، وجعله عبرة لأولي القلوب والأبصار، قال الله تعالى: «وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ الله خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلا الصَّابِرُونَ».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.