بعد رحلة طويلة مليئة بالنجاحات والمحطات المهمة، استطاع محمود العربي اكتساح السوق المصري بدهاء وحنكة شديدين حتى لٌقب ب شهبندر التجار ورجل الصناعة الوطنية، الذي رحل عن عالمنا اليوم عن عمر ناهز 89 عاماً. رجل الأعمال محمد محمود العربي نجل الراحل محمود العربي، أعلن وفاة والده على حسابه الخاص على موقع فيسبوك، وكتب :" «إنا لله وإنا إليه راجعون، ننعي بمزيد من الحزن والأسى وفاة الوالد الحاج محمود العربي، والجنازة غدا بعد صلاة الجمعة من مسجد العربي بقرية أبورقبة مركز أشمون بمحافظة المنوفية. بدايات محمود العربي محمود العربي من جذور ريفية وهو من مواليد عام 1932 بقرية أبو رقبة أشمون منوفية وكان والده مزارعًا مستأجرا يزرع أرضًا ليست ملكه، وقام بإرساله إلى "الكُتَّاب" وهو في سن ثلاث سنوات فتعلم القرآن، ولم يلتحق بالتعليم بسبب ظروف والده الاقتصادية. مع مرور السنوات، قرر محمود العربي العمل كبائع في متجر ، وظهر عليه وهو في سن صغيرة ميله للتجارة ، وبدأ يبيع لعب الأطفال على "مصطبة المنزل" بالقرية في العيد، ويدخر ثمن اللعبة ويعطي المكسب لأخيه ليشتري له ألعاب أخرى. يقول العربي عن هذه الفترة: "كنت أوفر مبلغ 30 أو40 قرشا سنويا أعطيها لأخي لكي يأتي لي ببضاعة من القاهرة قبل عيد الفطر، وكانت هذه البضاعة عبارة عن ألعاب نارية وبالونات، وكنت أفترشها على "المصطبة" أمام منزلنا لأبيعها لأقراني وأكسب فيها حوالي 15 قرشا، وبعد ذلك أعطى كل ما جمعته لأخي ليأتي لي ببضاعة مشابهة في عيد الأضحى، وبقيت على هذا المنوال حتى بلغت العاشرة، وأشار أخي على والدي أن أسافر إلى القاهرة للعمل بمصنع روائح وعطور وكان ذلك في عام 1942، وعملت به لمدة شهر واحد وتركته لأني لا أحب الأماكن المغلقة والعمل الروتيني". ولما وجد فيه أخيه هذه الموهبة اصطحبه إلى القاهرة وعمل بالموسكي بائعا من محل لمحل ثم اشترى له محلا بالموسكي وبدأ التحول من عامل لصاحب عمل، بمشاركة شخصاً أخر . في عام 1963 سعى العربي للاستقلال بنفسه في التجارة، لكن لم يكن لديه ما يبدأ به، ففكر هو وزميل له بنفس العمل، أن يتشاركا مع شخص ثري، على أن تكون مساهمته هو وصاحبه بمجهودهما، بينما يساهم الطرف الثاني بأمواله، وكان رأس مال المشروع 5 آلاف جنيه، وهكذا أصبح لديه أول محل بمنطقة "الموسكي" بالقاهرة، الذي مازال محتفظا به حتى الآن. محمود العربي كان يحلم بأن يتحول من رجل تجارة إلى صناعة، فكان يتمنى يفتح أكبر قدر من البيوت بزيادة عدد العاملين معه وانتقل النشاط لأماكن آخرى غير الموسكي ليمتد لجزيرة بدران بشبرا وبورسعيد وتبنى المصانع في بنها ثم تتوسع لتحتل الجزء الأكبر من المنطقة الصناعية بقويسنا في المنوفية وتدور العجلة ومع نفس الخط الصناعي التجاري يسير الخط الخيري، ويعاون الرجل نخبة من أهل الثقة وأهل الخبرة يتقدمهم أخيه محمد العربي وكوكبة من الرجال المخلصين للشركة . الحاج محمود العربي.. رحلته من تجارة الأدوات المكتبية إلى صناعة الإلكترونيات وفاة الحاج محمود العربي صاحب مجموعة مصانع توشيبا أسرار نجاح محمود العربي في كتاب خاص ب محمود العربي، تحدث عن العوامل الثلاثة الرئيسية وراء نجاح مسيرته الصناعية والاقتصادية ، ألا وهي العزيمة والإصرار والإيمان، وإنه يمتلك قناعة تامة بأن المنتجات المصرية تمتلك المقومات والإمكانات التي تؤهلها لكسب ثقة العالم وأن ما حققته مجموعة العربي خير دليل على ذلك، ونجحت الشركة في امتلاك توكيلات لأشهر الشركات الإلتكرونية العالمية مثل شركة توشيبا اليابانية التي اتخذت من مصر بفضل شركة العربي مركزاً رئيسياً للتصنيع والتواجد بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. محمود العربي وشركة توشيبا في عام 1975 زار محمود العربي اليابان، ورأى مصانع شركة توشيبا التي حصل على توكيلها، فطلب منهم إنشاء مصنع في مصر، وكان لديه أرض في طريق مصر-إسكندرية الزراعي، زارها خبراء من اليابان وأقروا بصلاحيتها، وتم إنشاء أول مصنع للشركة في مصر. وفي 1982 تم بناء مجمع صناعي في بنها، وعلى مدار العقود التالية زادت شراكاته مع شركات يابانية مصنعة للأجهزة الإلكترونية وغيرها ليصبح وكيلاً لعلاماتها التجارية مثل سوني، سيكو، إن إي سي، وهيتاشي. وفي الوقت الحالي، وصلت مبيعات "مجموعة العربي" أكثر من 400 منتج في 22 دولة، وتتكون شبكة التوزيع والخدمات للمجموعة من أكثر من 2800 مركز بيع وأكثر من 180 مركز لخدمات ما بعد البيع. حصل الحاج محمود العربي على أرفع وسام يابانى (وسام الشمس المشرقة) من الإمبراطور اليابانى أكيهيتو في مايو 2009، لدوره في دعم وتحسين العلاقات الاقتصادية المصرية اليابانية وقد قام بتسليمه الوسام هيروفومي ناكاسوني .