قالت دار الإفتاء، إن التيسير في تكاليف الزواج يجلب البركة، مستشهدة بقول رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ أَعْظَمَ النِّكَاحِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُ مُؤْنَةً» رواه الإمام أحمد. وأضافت الإفتاء عبر صفحتها ب«فيسبوك» أن الإسلام شرع المهر لمصلحة المرأة نفسها وصونًا لكرامتها وعزة نفسها، والمغالاة في المهر عائق للزواج ومنافٍ للغرض الأصلي من الزواج وهو عفة الفتى والفتاة، ويحثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الرفق بالزوج في تكاليف الزواج فيقول: «أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ صَدَاقًا» أخرجه الحاكم. وأشارت الإفتاء إلى أنه ينبغي أن يكون الاختيار في الزواج مبنيًّا على الأخلاق وحسن الصلة بالله؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ في الأَرْضِ وَفَسَادٌ» رواه الترمذي. ونبهت الإفتاء على أن الإسلام لم يشترط في الراغب في الزواج إلا القدرة على تكاليف الأسرة الجديدة حتى تعيش في كرامة وعزة، أي إنه لم يشترط الغنى أو الثراء العريض، وقال عليه الصلاة والسلام عن المهر لشخص أراد الزواج: «الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيد» رواه البخاري. فإذا كان خاتم الحديد يصلح مهرًا للزوجة فالمغالاة في المهر ليست من سنة الإسلام، لأن المهر الفادح عائق للزواج ومنافٍ للغرض الأصلي من الزواج وهو عفة الفتى والفتاة؛ محافظة على الطهر للفرد والمجتمع؛ ويقول عليه الصلاة والسلام: «أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ صَدَاقًا» رواه الحاكم في "المستدرك". وواصلت الإفتاء أن الإسلام لم يضع حدًّا أعلى للمهر فإن السنَّة المطهرة دعت إلى تيسير الزواج والحض عليه عند الاستطاعة بكل وسيلة ممكنة، وكان الصدر الأول من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتزوجون ومهر الزوجة أن يعلمها آيات من القرآن الكريم؛ يقول عليه الصلاة والسلام لرجل أراد الزواج: «زَوَّجْتُكَهَا عَلَى مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ» رواه النسائي، فتعليم بعض آيات كان هو المهر. وشددت الإفتاء على أنه من الواجب عدم المغالاة في المهر، وأن ييسر الأب لبناته الزواج بكل السبل إذا وجد الزوج الصالح؛ حتى نحافظ على شبابنا وفتياتنا من الانحراف، وقد قدم لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم النصيحة الشريفة بقوله: «إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ في الأَرْضِ وَفَسَادٌ» رواه الترمذي، منوهة بأن هذه النصيحة من جوامع كلمه صلى الله عليه وآله وسلم، ومن الواجب أن تكون شعار كل أب في موضوع الزواج، ويجب العمل والتمسك بها للتغلب على هذه المشكلة الاجتماعية وغلاء المهور.
التيسير في تكاليف الزواج أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن هناك أمرًا أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بمراعاته في الزواج، إلا أن كثير من الآباء يستهينون به عند تزويج بناتهم، وهو من علامات توفيق الله سبحانه وتعالى وسببًا للألفة والبركة في الحياة الزوجية. حديث الرسول عن تيسير الزواج وأوضح «الأزهر» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن تيسير أمر الخطبة والزواج من علامات توفيق الله سبحانه، وسبب للألفة ووضع البركة في الحياة الزوجية، ويدل على ذلك حديث أمنا عائشة رضي الله عنها: «إِنَّ مِنْ يُمْنِ الْمَرْأَةِ: تَيْسِيرَ خِطْبَتِهَا، وَتَيْسِيرَ صَدَاقِهَا» [مستدرك الحاكم]، فيما أن المغالاة في المهور هو من الأمور التي نهى عنها رسول الله –صلى الله عليه وسلم-. وأضاف أن من حسن رعاية الإسلام للمرأة أن أعطاها حقها في التملك، بعدما كانت المرأة في الجاهلية مهضومة الحق، وكان وليها يتصرف في خالص مالها ويمنعها حقها من التصرف فيه، فرفع الله عنها هذا الإصر وفرض لها المهر وجعله حقاً على الرجل لها، وليس لأبيها ولا لأقرب الناس إليها أن يأخذ شيئاً منها إلا في حال الرضا والاختيار. واستشهد بما قال تعالى: «وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً » الآية 4 من سورة النساء، ولم تجعل الشريعة حدا للمهر قلة ولا كثرة، مشيرًا إلى أن أكرم المهور ما وروي خَطَب رجلٌ امرأةً عند سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له صلى الله عليه وسلم ملِّكها أي شيء لك، أي على سبيل المهر، فلم يجد الرجل شيئًا؛ لضيق ذات يده، فعرض الرجل أن يعطيها إزاره الذي على جسده؛ ولكن كيف.. وهو ولا يملك غيره؟! فلم يقبل منه صلى الله عليه وسلم. وتابع: فجلس الرجل وطال جلوسه؛ ولما همَّ بالانصراف دعاه صلى الله عليه وسلم؛ ليبحث معه عن مهر يقدر عليه، فسأله صلى الله عليه وسلم عما حفظ من القرآن، وجعل مهر المرأة تعليمها ما حفظ من كتاب الله عز وجل، وهو لا شك خير المهور وأكرمها، مما يدل على أن الصداق حق للزوجة لها ألا تتنازل عنه، وإن كان يُمكن التيسير فيه، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ وَهَبْتُ نَفْسِي لَكَ، فَقَامَتْ قِيَامًا طَوِيلًا، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَوِّجْنِيهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ. واستطرد: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ تُصْدِقُهَا إِيَّاهُ؟»، فَقَالَ: مَا عِنْدِي إِلَّا إِزَارِي هَذَا [الإزار: هو ثوب يستر الجزء السفلي من البدن]، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكَ إِنْ أَعْطَيْتَهَا إِزَارَكَ جَلَسْتَ وَلَا إِزَارَ لَكَ؛ فَالْتَمِسْ شَيْئًا»، قَالَ: لَا أَجِدُ شَيْئًا، قَالَ: «فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ»؛ فَالْتَمَسَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَهَلْ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ؟»، قَالَ: نَعَمْ، سُورَةُ كَذَا، وَسُورَةُ كَذَا لِسُوَرٍ سَمَّاهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». [سنن أبي داود] المهر حق للمرأة والزوج ملزم بدفعه المهر حق للمرأة والزوج ملزم بدفعه، ورد فيه أنه يجب على الزوج سداد ما عليه من مهر مؤخر لزوجته، متى طلبته الزوجة، دون مماطلة في الدفع، وفي الإجابة عن سؤال: «ما حكم مماطلة الزوج في دفع المهر المؤخر لزوجته؟»، أنه إذا طالبت الزوجة بالمهر المؤخر بعد الدخول، وجب على الزوج أن يوفيه، وقت طلبها، ولا يماطل في دفعه لها، ما لم يتم تحديد أجل لقسط المهر المؤخر، وإن كانت الزوجية قائمة، وإذا تراضي الطرفين على تأخير المهر أو جزء منه حتى الفراق –الطلاق- كان لهما ذلك، وإلا فيلزم دفعه وقت مطالبة المرأة، حيث إن المهر حق للمرأة ، لما قال الله تعالى: «وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً» الآية 4 من سورة النساء. والآية الكريمة تعني أنه يا أيها الأزواج أعطوا النساء مهورهن عطيّة واجبة، وفريضة لازمة، و " النحلة " في كلام العرب، هي الواجب، يقول: لا ينكحها إلا بشيء واجب لها، صدقة يسميها لها واجبة، وليس ينبغي لأحد أن ينكح امرأة، بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا بصداقٍ واجب، ولا ينبغي أن يكون تسمية الصداق كذبًا بغير حق، وقال آخرون: بل عنى بقوله: " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة "، أولياء النساء، وذلك أنهم كانوا يأخذون صَدقاتهن. المهر اقتراضه من العروس لا يبطل الزواج المهر اقتراضه من العروس لا يبطل الزواج، حيث إنه إذا اقترض الرجل قيمة المهر من عروسه يصح زواجه ولا يعد باطلًا، فالمهر يصح كونه حالًّا ويصح كونه مؤجَّلًا في الذمة، وإذا استدان الرجل قيمة المهر فلا يكون هذا مبطلًا لنكاحه، ولا فرق بين أن يكون الدائن هو المرأة التي سيتزوجها أو غيرها، ولا يطعن ذلك في صحة نكاحه منها بعد ذلك، وكذلك لا يكون إثبات هذا المهر المستدان من الزوجة في وثيقة النكاح تدليسًا بحال من الأحوال، ولا يصح ادعاء بطلان الزواج بهذه الحال، وإلّا بطل كل نكاح فيه مهر مؤجَّل في الذمة.