في قلب العاصمة الأمريكيةواشنطن، يقف مبنى الكونجرس الضخم في واجهة مجمع الكابيتول، شاهدًا على تاريخ غني بالأحداث والتحولات، بالرغم من حداثة عمر البلاد نسبيًا. ومن بين الوقائع التي يشهد عليها مبنى الكونجرس حوادث وكوارث طالته هو نفسه عبر فترة تمتد لأكثر من قرنين، آخرها أمس الجمعة، عندما حاول شخص اقتحام مجمع الكابيتول بسيارته فصدم شرطيين أمام حاجز أمني، لقي أحدهما مصرعه وأصيب الآخر. وخرج المشتبه به من سيارته بعد دهس الضباط، حاملا سكين، بحسب الشرطة، التي بادرت بإطلاق النار عليه وأردته قتيلا. وفي 6 يناير الماضي، قضت واشنطن يومًا عصيبًا وتحولت إلى مسرح فوضى غير مسبوقة، بعدما اقتحمت جحافل من أنصار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مبنى الكونجرس بالتزامن مع جلسة التصديق على نتيجة الانتخابات الرئاسية. وبحسب قناة "العربية"، لم تكن عملية اقتحام الكابيتول يوم 6 يناير 2021 أول مرة يشهد خلالها المقر الرئيسي للسلطة التشريعية الاتحادية بالولاياتالمتحدة حالة من العنف والفوضى فعلى مر تاريخه الذي يمتد لأكثر من قرنين، شهد هذا المبنى عمليات لإحراق وتفجيرات وإطلاق نار أدت لسقوط ضحايا من بين النواب. في شهر يونيو 1812، اندلعت حرب، لقبت بحرب 1812، حيث وضعت الولاياتالمتحدة وجهًا لوجه مع البريطانيين الذين تمركزوا بمستعمراتهم بشمال القارة الأمريكية، وقد استمرت هذه الحرب قرابة العامين وثمانية أشهر وانتهت باتفاقية أعادت الأمور لما كانت عليه سابقا ومثّلت خيبة أمل لكلا الطرفين. وفي خضم هذه الحرب، كان الأمريكيون على موعد مع كارثة حلّت بالعاصمة واشنطن حديثة النشأة. فعلى حسب مكتبة الكونجرس والموقع الرسمي لمجلس الشيوخ الأمريكي، تدخلت القوات البريطانية يوم 24 أغسطس 1814 بالعاصمة واشنطن واتجهت لإحراق جانب هام من معالمها انتقامًا لمدينة يورك، بكندا حاليًا، التي أحرقها الأميركيون عام 1813. وإضافة لمقر الرئيس المعروف حاليًا بالبيت الأبيض، أحرق الجنود البريطانيون مبنى الكابيتول. وقد التهمت ألسنة اللهب جناح مجلس الشيوخ الذي كانت أرضيته من الخشب واحترق معه جزء هام من مجموعة الكتب الموجودة بمكتبة الكونجرس كما امتدت النيران نحو أعمدة الخام بالمبنى فألحقت بها أضرارًا جسيمة. إلى ذلك أنقذت الأمطار الغزيرة ما تبقى من مبنى الكابيتول فساهمت في إخماد الحريق وأبقت على جانب منه. وأمام هذا الوضع، أمر الرئيس جيمس ماديسون أعضاء الكونجرس بعقد اجتماعاتهم بفندق بلادجيت مؤقتًا قبل أن ينتقلوا خلال العام التالي لمبنى آخر عرف بالكابيتول الآجر (Brick Capitol) الذي كان عبارة عن مبنى شيّد اعتمادًا على الآجر الأحمر واستضاف اجتماعات الكونجرس مؤقتًا. وقد تواصلت اجتماعات الكونجرس بهذا المكان لحدود العام 1819 حيث عاد أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب لمبنى الكابيتول السابق الذي شهد إصلاحات كبيرة. وفي عام 1835، كان الكابيتول على موعد مع محاولة اغتيال فاشلة لرئيس أمريكي. فأثناء جنازة النائب إرين ديفيس بالكابيتول يوم 30 يناير 1835، حاول الرسام ريتشارد لورانس إطلاق النار على الرئيس أندرو جاكسون. إلا أنه فشل في إصابته ليقبض عليه ويرسل لاحقًا نحو مصحة عقلية بعد أن أكدت المحكمة على تدهور مداركه العقلية. وببعض المناسبات، كان مبنى الكابيتول على موعد مع محاولات تفجير. ففي خضم الحرب العالمية الأولى، حاول أستاذ اللغة الألمانية، والمعروف بتعصبه للنظام القيصري الألماني، إريك مونتر تفجير مبنى الكابيتول عن طريق زرع قنبلة بغرفة الاستقبال بجناح مجلس الشيوخ. إلى ذلك، ألحق انفجار قنبلة مونتر أضرارًا بسيطة بالمبنى دون أن يتسبب في إصابات بشرية. وفي مارس 1971، عمد أعضاء منظمة الطقس تحت الأرض (Weather Underground) اليسارية المتطرفة لتفجير مبنى الكابيتول باستخدام قنبلة احتجاجًا على التدخل العسكري الأمريكي في لاوس. وقد أسفر هذا الانفجار عن أضرار جسيمة قدرت بمئات آلاف الدولارات. ويوم 7 نوفمبر 1983، هزّ انفجار مبنى الكابيتول وتسبب حسب الموقع الرسمي لمجلس الشيوخ الأمريكي في أضرار قدرت قيمتها بنحو 250 ألف دولار. وتبنت هذا التفجير منظمة أطلقت على نفسها اسم "فرقة المقاومة المسلحة" احتجاجًا على التدخل العسكري الأمريكي بكل من جرينادا ولبنان. ويوم 1 مارس 1954، شهد الكابيتول حادثة إطلاق نار غير مسبوقة بتاريخ الولاياتالمتحدة حيث أقدم أربعة من القوميين المنحدرين من أرخبيل بورتوريكو على إطلاق نحو 30 رصاصة نحو أعضاء مجلس النواب انطلاقًا من شرفة الزوار. وأدت الحادثة لإصابة خمسة نواب، هم: ألفن بنتلي وكليفورد ديفس وبن جنسن وجورج هيد فالون وكينث روبرتز، بجروح متفاوتة الخطورة.