منذ سقوط تنظيم داعش الإرهابي عام 2019 واندحاره منسحبًا من معظم الأراضي التي سيطر عليها في سوريا والعراق، بات التعامل مع منتسبي التنظيم الأوروبيين أو الأجانب الذين استقروا في أوروبا قبل أن يلتحقوا بداعش، مسألة ملحة تستوجب البت فيها بشكل عاجل، مع شروع الكثير من هؤلاء في العودة إلى أوطانهم أو مهاجرهم الأوروبية، أو القبض على بعضهم وتسليمه لبلده. في فرنسا، استُحدثت المادة 25 من القانون المدني عام 1996، لتجيز تجريد أي مواطن فرنسي من الجنسية بسبب إدانته بجرائم إرهاب، وعددت جملة من الأفعال والجرائم التي يمكن – بعد الإدانة بها – أن تؤدي إلى حرمان الشخص من المواطنة الفرنسية، وتشمل الإدانة بأعمال ضد المصالح الأساسية للأمة، وجرائم تشكل أعمالًا إرهابية. وبموجب القانون المشار إليه، لا تجوز المعاقبة بالتجريد من الجنسية إلا بحق المواطنين المتجنسين بالجنسية الفرنسية، وبما لا يؤدي إلى انعدام الجنسية بالنسبة للشخص الخاضع للعقوبة، أي لا بد أن يكون متمتعًا بجنسية دولة أخرى. ويصدر قرار حرمان أي مواطن فرنسي من الجنسية من جانب مجلس الوزراء الفرنسي بناءً على طلب وزير الداخلية، وبعد إتاحة حق الرد للشخص الخاضع للعقوبة واستشارة مجلس الدولة بهذا الشأن. وخضعت المادة 25 من القانون المدني الفرنسي لعدة تعديلات، ففي عام 2003 جرى توسيع نطاقها لتشمل الأعمال الإرهابية التي ارتُكبت خلال فترة 10 سنوات قبل التجنس بالجنسية الفرنسية، وفي عام 2006 وُسع نطاقها أكثر لتشمل جرائم الإرهاب المرتكبة خلال فترة 15 سنة قبل يوم التجنس و15 سنة بعده. وفي أعقاب الهجمات الإرهابية التي استهدفت مقر صحيفة شارلي إبدو الساخرة ومتجرًا يهوديًا وعددًا من الشرطيين بالعاصمة باريس، كانت هناك محاولة أخيرة لتوسيع نطاق المادة المذكورة أكثر، وبالرغم من أن حكومة الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا أولاند عارضت مشروعي قانون يوسعان سلطة التجريد من الجنسية لتشمل المواطنين الذين حصلوا على الجنسية الفرنسية بالولادة، يدعو أولاند نفسه الآن إلى توسيع سلطة التجريد من الجنسية لتشمل المواطنين المولودين في فرنسا، طالما كانوا يتمتعون بجنسية دولة أخرى. وبحسب وزارة الداخلية الفرنسية، فخلال الفترة بين عامي 1996 و2020، جُرد 16 شخصًا مزدوجي الجنسية من جنسياتهم الفرنسية بعد إدانتهم بجرائم تتعلق بالإرهاب، وهم 6 جزائريين و7 مغاربة وتونسي وتركي وشخص مجهول الأصل، وجميعهم كانوا يحتفظون بجنسيات بلادهم الأصلية بجانب الجنسية الفرنسية.