بكثير من المحبة يرصد الكاتب المغربي محمد مشبال آثار مغاربة أصابهم ما يطلق عليه الهوى المصري فحلوا بالقاهرة وغيرها من المدن المصرية وسجل بعضهم رحلته واختار آخرون الاستقرار وأصبحوا جزءا من نسيج المجتمع المصري. ويقول: لا يوجد بلد أو شعب أو ثقافة استطاعت أن تتغلغل في وجدان المغربي وتصوغ وعيه مثلما استطاعت مصر والمصريون والثقافة المصرية... أصبحت الثقافة المصرية عاملا فاعلا في تشكيل الرغبة الأدبية والفنية والفكرية عند الإنسان المغربي" حتى لدى بعض الذين لم يزوروا مصر ومنهم الروائي محمد أنقار مؤلف رواية (المصري). ويضيف في كتابه (مصر في عيون المغاربة) أن هناك "حقيقة تاريخية وثقافية هي أن الهوى المصري يشكل جزءا" من ثقافة القارئ المغربي ووجدانه إلا أن الأجيال الجديدة ليس لديها حنين كبير إلى ما هو مصري لأسباب منها "التعالي واللامبالاة". ويرى أنه آن الأوان لكي يتدبر المثقف المغربي الصيغ المختلفة والممكنة للتواصل بين الثقافتين المغربية والمصرية. ومشبال الذي يعمل أستاذا للتعليم العالي بكلية الآداب في جامعة عبد المالك السعدي في مدينة تطوان الشمالية أهدى كتابه إلى الكاتبين المصريين سيد البحراوي وأمينة رشيد "أول من احتضن هواي المصري"، ويقع الكتاب في 224 صفحة متوسطة القطع وصدر في القاهرة عن المركز العربي للدراسات الغربية. ويقول المؤلف إنه بعد معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979 وموت رموز الثقافة والفنون خلت الساحة المصرية ل"الغناء الاستهلاكي" وانصرف المغاربة إلى الفنون الغربية وفي ظل عزلة ثقافية وسياسية مصرية "ساد الاعتقاد أن الريادة الغنائية قد انتقلت إلى مناطق عربية أخرى... ولم تكن السينما أفضل حالا من الغناء حيث سادت موجة سميت في مصر بأفلام المقاولات وهي أعمال متواضعة المستوى ذات طابع تجاري. ويضيف أن تلك الفترة شهدت أيضا هجرة لأبرز المثقفين المصريين وتراجع البحث الفكري والأدبي "في بلد أنتج أعظم المفكرين والأدباء في الثقافة العربية الحديثة" في حين برز مثقفون يحظون بالاحترام منهم المغاربة محمد عابد الجابري وعبد الله العروي ومحمد مفتاح وعبد الفتاح كليطو وسعيد يقطين والتونسيون عبد السلام المسدي وحمادي صمود والهادي الطرابلسي والسوري كمال أبو ديب والسعودي عبد الله الغذامي والفلسطيني فيصل دراج. وعلى الرغم من صدور رواية (المصري) في القاهرة في نوفمبر 2003 ضمن سلسلة شهيرة هي (روايات الهلال) فإنها لم تحظ باهتمام النقاد والمثقفين في مصر وهو ما يراه المؤلف جزءا من آثار العزلة المصرية التي بدأت منذ نهاية السبعينيات.