لماذا تخشى إثيوبيا من إدراج مصر لمعاهدة 1902 في شكواها ل مجلس الأمن حول سد النهضة؟.. وبحسب العديد من المراقبين الذين تحدثوا ل صدى البلد فإن السبب الحقيقي يكمن في كون هذه الاتفاقية حدودية وليست على الموارد المائية بمعنى أنه إذا لم تلتزم إثيوبيا بما ورد فيها فعليها أن تتنازل عن حدودها للسودان، مع العلم أن السد النهضة الإثيوبي يقع في إطار هذه الحدود الموقع عليها وفي مقابل الحصول على جزء من أراضي السودان تلتزم إثيوبيا بعدم تشييد أو السماح بتشييد أى عمل على النيل الأزرق وبحيرة تانا أو نهر السوباط يكون من شأنه منع جريان المياه إلى النيل إلا بالاتفاق مع حكومة جلالة الملكة البريطانية وحكومة مصر بالسودان". وتحاول آلة الكذب الإثيوبية أن تروج أن هذه الاتفاقية كانت خلال الحقبة الاستعمارية مع العلم أن اتفاقيات الحدود الاستعمارية تورث ولا يمكن تغييرها مهما كان، وإثيوبيا نفسها لم تكن محتلة حين توقيع الاتفاق. ويقول د. عباس شراقي الأستاذ بمعهد البحوث الإفريقية، إن اتفاقية 1902 بين بريطانيا نيابة (عن السودان) وإثيوبيا كانت حرة فى ذلك الوقت تنص في مادتها الأولى على: "اتفق الطرفان خلال المعاهدة على أن خط الحدود بين السودان وإثيوبيا يسير من «أم حجر» إلى «القلابات»، فالنيل الأزرق فنهر بارو فنهر بيبور ثم نهر أكوبو حتى مليلة، ومنها إلى نقطة تقاطع خط عرض 6 شمالا مع خط طول 35 شرق جرينتش وتم رسم خط الحدود بالمداد الأحمر في الخريطتين الملحقتين بالاتفاق. وأضاف شراقي أن المادة الثانية تنص على:" يتعهد الإمبراطور منليك الثانى، قبل حكومة صاحبة الجلالة البريطانية، بعدم تشييد أو السماح بتشييد أى عمل على النيل الأزرق وبحيرة تانا أو نهر السوباط يكون من شأنه منع جريان المياه إلى النيل إلا بالاتفاق مع حكومة جلالة الملكة البريطانية وحكومة مصر بالسودان". وتساءل شراقي :هل اثيوبيا مازلت مصرة على إلغاء الاتفاقيات التاريخية؟ مؤكدا أن إلغاء الاتفاقية يلغى أيضا الحدود فهل تقبل إثيوبيا أن تسلم منطقة سد النهضة إلى السودان؟
من جانبه قال د. عادل العدوي الباحث في الجامعة الأمريكية إن المعاهدة الأنجلو-إثيوبية لعام 1902 تم التوقيع عليها، لتحديد الحدود بين السودان وإثيوبيا بالإضافة إلى وضع الأساس القانوني لتدفق المياه دون عوائق من النيل الأزرق إلى السودان ومصر. وأضاف في تغريدات على حسابه ب تويتر أنه تم التفاوض على المعاهدة بين الإمبراطور مينليك وممثل بريطاني. وحتى اليوم، وتعترف إثيوبيا بحدودها المشتركة مع السودان (المادة 1) بناءً على المعاهدة الأنجلو-إثيوبية لعام 1902. ولكنهم ينوون الآن انتهاك (المادة 3) عن طريق ملء سد النهضة بسرعة وإعاقة تدفق المياه. وأوضح العدوي أن ذلك سيكون انتهاكًا مباشرًا للقانون الدولي. على الرغم من إثيوبيا يمكنها بناء سد النهضة بشكل قانوني ولكن عليها أن تضمن عدم انقطاع تدفق المياه إلى مصر والسودان؛ وفقًا للقانون الدولي. وذكر أنه لا يمكن لإثيوبيا فجأة تجاهل وانتهاك المادة 3 من المعاهدة الأنجلو-إثيوبية لعام 1902 ووصفها بأنها معاهدة الحقبة الاستعمارية، بينما تستخدم في الوقت نفسه نفس المعاهدة كأساس قانوني لتحديد حدودها مع السودان. وقال إنه لا يمكن لإثيوبيا اختيار مواد معينة من المعاهدة الأنجلو-إثيوبية لعام 1902 لجعلها تتناسب مع جدول أعمالها السياسي الحالي المتمثل في الرغبة في ملء سد النهضة بسرعة وتجاهل العواقب القانونية والإنسانية لانقطاع تدفقات مياه النيل إلى السودان ومصر. وتابع أن مصر والسودان يدعمان بناء سد النهضة لأن إثيوبيا بحاجة إليه لتوليد الكهرباء وهو أمر مفهوم. وعليها أن تضمن تدفق المياه من خلال التوربينات وتولد الكهرباء المطلوبة باتفاق ملزم. وبعد ذلك ستتدفق المياه في النهاية إلى السودان ومصر. متسائلا:" إذا ما هي المشكلة؟ وأجاب د. عادل العدوي أن المشكلة تكمن في رغبة إثيوبيا في ملء السد في (3 سنوات) وتسبب عجزا هائلا في إيراد النيل الذاهب لمصر والسودان قبل أن يبدأ تشغيل سد النهضة. ومصر والسودان يريدان جدولًا أطول. ولقد تم التفاوض على هذا لسنوات. وأضاف تم إجراء الدراسة، وتم تقديم تنازلات من قبل جميع الأطراف وبدعم من الولاياتالمتحدة والبنك الدولي كوسيط، وتم التوصل إلى اتفاق أخير. وقعته مصر في فبراير 2020 ، لكن بدون تفسير قررت إثيوبيا في آخر ثانية عدم التوقيع. واستمرت المفاوضات على الرغم من الاتفاق على جميع القضايا الفنية. وفجأة قبل بضعة أيام، أعلن رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد أن بلاده ستبدأ في ملء سد النهضة بناءً على جدولها الزمني السريع للتعبئة دون التوصل إلى اتفاق نهائي أو توقيعه، وأدى قرار إثيوبيا بالبدء من جانب واحد بملء سد النهضة في يوليو 2020 ، إلى تقديم مصر شكوى أمام مجلس الأمن الدولي لضمان التزام إثيوبيا بتعهداتها القانونية الدولية ومبادئ القانون الدولي. وتريد مصر والسودان اتفاقية عادلة ومتوازنة مع إثيوبيا قبل أن تبدأ في ملء خزان السد . وتريد اتفاقا قائما على سيادة القانون الدولي.