أن تكون طبيبا بيطريا، مسالما هادئا،هذا كله لايمنعك من دخول المعترك السياسي أو يشكل لك حائط صد أمام طموحات الوصول إلى مناصب عليا فى الدولة، هذه الكلمات تنطبق تماما على الحاج داودا كَيْرابا جاوارا الأب الروحى لشعب جامبيا وأول رئيس لها بعد الاستقلال.. فما هى قصة هذا الرجل الذي مازالت صورته عالقة فى أذهان شعبه. ليس مهما كم عاش الإنسان على الأرض لأن المهم هو ماذا قدم الإنسان خلال حياته، جاوارا قدم حياته لازدهار شعبه واعلاء راية بلده جامبيا، وعليه ظل اسمه باقيا عبر التاريخ. بداية جاوارا وتميزه عن غيره كانت منذ صغره فأبوه اختاره من بين إخوته الستة من أجل استكمال الدراسة فى المدرسة الابتدائية ببلدان باراجالى، ثم درس العلوم في كلية "أشيموتا" لمدة عامين وبعدها التحق ب "جامعة جلاسكو" عام 1948م لدراسة الجراحة البيطرية. خلال سنوات دراسته ظهر الحس السياسي لدى جاوارا حيث كان رئيسا لاتحاد الطلاب الآفارقة فى جامعة جلاسكو وبعد انتهاء دراسته حصل جاوارا على لقب طبيب بيطري في عام 1953م، ثم عاد لخدمة وطنه ليعمل كطبيب بيطرى حكومي. إقرأ أيضا: ثروة بدأت ب قرض.. قصة"أليكو دانجواتى" أغنى رجل فى أفريقيا كان عمل جاوارا ينصب داخل قري ومناطق ريفية، هذه المناطق جعلت جاوارا يشعر بالآلام التى يعيشها سكان الريف، بالرفاهية والترف أشياء متاحة لسكان المدن فقط وعليه ثار داخل جاوارا، الشخص السياسي الذي يأبي الظلم فانضم إلى حزب شعب المحمية والذي تم تغير اسمه بعد ذلك إلى حزب الشعب التقدمي، بل وبعد فترة وجيزة أصبح هو قائد الحزب. وبعد أن خاض جاوارا المعترك السياسي استطاع أن يخوض أيضا انتخابات الهيئة التشريعية الجامبية عام 1960 وفاز بمقعد بها، ثم تم اختياره كوزير للتعليم إلا أنه استقال من منصبه عام 1961. وبعد عام واحد من الاستقالة وبالتحديد فى عام 1962 استطاع جاوارا أن يتقلد منصب رئيس الوزراء فى البلاد إلا أنه لم ينس أن بلاده تحت سيطرة الاستعمار البريطاني وعليه سعى لأن تكون جامبيا دولة ذات سيادة الشعب هو المتحكم فى مصيره وليس قوي استعمارية تتخذ قرارات وفق أهوائها. ففي عام 1965م، قاد جاوارا بلاده إلى الاستقلال، وتم انتخابه كأول رئيس لجمهورية جامبيا من عام 1970م، واستمر فى الحكم إلى أن تم الإطاحة به إثر انقلاب عسكري عام 1994. عاش جاوارا فى وطنه إلى أن توفي فى 2019 عن عمر يناهز 95 حول وفات، ولكن لم يذكر التاريخ داودا كَيْرابا جاوارا إلا بكل الخير ومدى تضحيته لتحيا جامبيا.