5795 طلبا لتقنين أراضي أملاك الدولة في الشرقية    "البريد للاستثمار" يستعد لتأسيس أول شركة للتأمين متناهي الصغر في مصر    مستوطنون إسرائيليون يرشون أطفالا فلسطينيين بالغاز المسيل للدموع في أحدث هجوم بالضفة الغربية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره السعودي تطورات غزة ويؤكد موقف مصر الداعم لوحدة السودان    الكونغو يفتتح مشواره في بطولة أمم أفريقيا بفوزعلى بنين    كدمات وسحجات.. تفاصيل التعدي على طالبة طب بالشرقية بسبب الميراث    جامعة كفر الشيخ تكرم طلاب «الذكاء الاصطناعي» الفائزين في مسابقة للمطورين    وزيرة التنمية المحلية تبحث التوسع في إنتاج السماد العضوي من وحدات البيوجاز    مجمع البحوث الإسلامية يعلن نتيجة المرحلة الثانية لاختبارات الابتعاث عام 2026    الرئيس السيسي يهنئ قادة العالم بعيد الميلاد ويتمنى عامًا أكثر أمنًا واستقرارًا    "الصليب الأحمر": زيادة المساعدات الإنسانية لغزة دون عوائق أصبح ضروريا    تراجع الأحزاب وصعود المستقلين، تقرير الائتلاف المصري يرصد ملامح جديدة لبرلمان 2025    البورصة المصرية تربح 17 مليار جنيه بجلسة منتصف الأسبوع    الطقس غدًا: شبورة كثيفة وأجواء شديدة البرودة.. والصغرى بالقاهرة 12 درجة    كشف الستار عن نقل ألواح مركب خوفو الثانية تمهيدًا لإعادة تركيبها أمام الزائرين    طرح البوستر الرسمي لمسلسل "بطل العالم"    محمد منير ل اليوم السابع: أنا بخير وفى البيت وكان عندى شوية مغص وراحوا    خالد الجندى يوضح معنى «إياك نعبد وإياك نستعين» ويدعو إلى تحرى الحلال    ملتقى المرأة بالجامع الأزهر يؤكد: الطفولة أمانة شرعية وحق إنساني يُصان    حكام مباراة الثلاثاء ضمن منافسات الدوري الممتاز للكرة النسائية    وكيل وزارة الشباب والرياضة بالفيوم يستقبل لجنة «المنشآت الشبابية والرياضية» لمتابعة أعمال مراكز الشباب بالمحافظة    مليار مشاهدة.. برنامج دولة التلاوة فى كاريكاتير اليوم السابع    15 يومًا حبسًا لقاتل صديقه بالدخيلة.. مزّق الجثمان وأخفاه بسبب 1200 جنيه    وقف إطلاق النار في مهب الريح ..الاحتلال يعمل على تهجير الفلسطينيين بتفريغ قطاع غزة من مقومات الحياة    البحوث الفلكية تكشف موعد ميلاد شهر شعبان وأول أيامه فلكيا    وزارة الصحة تشارك في المنتدى الدولي الأول للشراء الطبي بالجامعة الأمريكية    اكتمال التشكيل النهائى لهيئات مكاتب الغرف الصناعية للدورة الانتخابية 2025-2029    اللجنة الدولية للصليب الأحمر تعلن استعدادها لدعم عملية إطلاق سراح المحتجزين في اليمن    محمد منير بخير.. مصادر مقربة تكشف حقيقة شائعة تعرضه لوعكة صحية    انطلاق «أيام الشارقة المسرحية ال35» 24 مارس 2026    حصاد قطاع المعاهد الأزهرية عام 2025.. تعليم متجدد وإنجازات غير مسبوقة    أمم إفريقيا - مؤتمر محرز: لا أعذار.. نريد كتابة تاريخ جديد لمنتخب الجزائر    الاستفتاءات والتكريمات والجوائز ومصانع المكرونة؟!    أمم إفريقيا – مؤتمر مدرب السودان: أحيانا أسمع وفاة أحد أفراد أسرة لاعب في الفريق    مودى ناصر يوقع على رغبة الانتقال للزمالك وإنبى يحدد 15 مليون جنيه لبيعه    ميناء دمياط يضخ 73 ألف طن واردات في يوم حيوي    وزيرة التعاون الدولي ونظيرها الأرميني يترأسان أعمال الدورة السادسة للجنة المصرية–الأرمينية المشتركة    الصحة: تقديم 34 مليون خدمة طبية بالمستشفيات والمراكز المتخصصة    محافظ شمال سيناء يفتتح عددا من الوحدات الصحية بمدينة بئر العبد    كيان تعليمى وهمى.. حيلة "مستريح مدينة نصر" لاستقطاب ضحاياه    ضبط شخصين بالمنيا لاتهامهما بالنصب على المواطنين    أبطال وصناع "ميد تيرم" ضيوف معكم منى الشاذلي الخميس    البابا تواضروس الثاني يستقبل الأنبا باخوميوس بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون    مقتل 5 أفراد الشرطة الباكستانية في هجوم مسلح بإقليم خيبر بختونخوا    إدارة ترامب ترفع مكافأة الترحيل الطوعي للمهاجرين إلى ثلاثة آلاف دولار    لو لقيت فلوس في الشارع تعمل إيه؟.. أمين الفتوى يُجيب    بالمستند| التعليم: صرف حافز التدريس لمعلمي المعاش الباقين في الخدمة    أمم إفريقيا 2025.. الكونغو الديمقراطية تفتتح مشوارها في البطولة أمام بنين    وزير التعليم في جولة مفاجئة بمدارس إدارتي ببا وسمسطا بمحافظة بني سويف    الحمصاني: الحكومة تستعد لتنفيذ المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل    الاحتلال الإسرائيلي يواصل خرق اتفاق وقف إطلاق النار بأنحاء متفرقة من غزة    الداخلية تسمح ل 23 شخصا بالتنازل عن الجنسية المصرية    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    وائل القباني: هجوم منتخب مصر الأقوى.. والتكتيك سيتغير أمام جنوب إفريقيا    نظر محاكمة 89 متهما بخلية هيكل الإخوان.. اليوم    خطوات التصالح في سرقة الكهرباء    «المستشفيات التعليمية» تعلن نجاح معهد الرمد والسمع في الحصول على اعتماد «جهار»    أمم إفريقيا - ياسر إبراهيم: أحب اللعب بجانب عبد المجيد.. ونعرف جنوب إفريقيا جيدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاكمة طبيبة المنصورة: قضية للمناقشة!
نشر في صدى البلد يوم 16 - 03 - 2020

لا يستطيع إنسان مهما كان ألا يشغل نفسه وفكره بتلك الأخبار الهائلة التي تصدر في العالم كله، وعلى لسان أكبر الشخصيات في العالم، التي تتناول وباء فيروس كورونا، خاصة بعد الانتشار الكبير الذي يحققه الفيروس، متحديا جهاز المناعة في الإنسان، ومعلنا التحدي للعلماء والباحثين في علم الطب، وناظرا بصلف وغرور معلنا قدرته على الفتك بالجهاز التنفسي، بمهاجمته الرئتين دون رادع.
لقد أصبح الفيروس التاجي حديث العالم، حيث توارت خلف أخباره كل الأخبار، في كافة المجالات، وحيث تم ربط تداعيات الاحترازات التي تم اتخاذها من كل دولة من الدول بكافة مجالات الحياة التي تعطلت تمام العطلة في إيطاليا، وتعطلت بنسبة تقترب من الثمانين في المائة في أغلب الدول الأوروبية، التي تكاد تكون شوارعها خالية تماما، سوى من هؤلاء الذين يقدمون الخدمات، كرجال الشرطة، والمسعفين.
إن الصورة في أوروبا وكذلك في الولايات المتحدة الأمريكية تنذر بأن القادم لا يمكن التنبؤ به، فليس معقولا أن ننزع عن الوباء صفة الخطير، ونحن نرى في أوروبا المتقدمة طبيا، وخاصة في تلك الدول التي تمتلك منظومة رعاية صحية أكثر من هائلة، وقد استنفرت كل طاقاتها، في كافة المجالات، معلنة حالة من الطوارئ غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية، لدرجة أننا نرى في دولة مثل النمسا وقد أعلنت تعليق التقاعد مؤقتا في الجيش الذي أعلنت وزيرة الدفاع النمساوية أنه جاهز للمشاركة في الحرب على فيروس كورونا.
وإذا كان هذا هو الحال على المستوى العالمي، وخاصة على مستوى العالم المتقدم منه، فإننا على العكس من ذلك، نلحظ دون عناء أن الشعب المصري غير مدرك لحقيقة الأزمة، بل إني أزعم أن هذا الفيروس قد عرّى العقلية المصرية تعرية كشفت عن العورة في القدرة على قراءة المشهد، واستطاعة تفكيك الحالة للوصول إلى مدى خطورتها، فوجدنا مناقشات بيزنطية، ومجادلات عقيمة، أكدت أننا بعيدون بعدا هائلا على القدرة في تقييم الأوضاع تقييما موضوعيا، فمن فَرِحٍ لعطلة المدارس وكأنها إجازة ترفيهية، ومن مُلْتَقِطٍ لتصريح لمسؤول ليبحث في مفرداته أو صياغته عن مدخل لسخرية، ومن مُسْتَغِلٍ للأزمة في أبعادها المختلفة: سياسية، أو اقتصادية أو اجتماعية أو دينية، ولهذه اللحظة لم نر فعلا منضبطا كل الانضباط في منظومة الدولة المصرية إلا الصادر عن القيادة السياسية متمثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي اتخذ من الإجراءات ما يتماهى مع ما اتخذته قادة الدول الكبرى، وذلك، في تصوري، لأن الرئيس يدرك حجم الأزمة، ويعلم مقدار الخطر.
تلك الأزمة وهذا الخطر اللذان هما في حاجة على مزيد من الإجراءات الاحترازية التي أظن أنه لن ينتهي هذا الأسبوع إلا ويكون السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي قد اتخذها، والتي ستكون أكثر حزما وحسما، والتي يجب أن يساعد الشعب نفسه على التقيد بها، ولعل تفتقد رئيس أركان الجيش المصري الفريق محمد فريد اصطفاف عناصر الجيش استعدادا لمواجهة وباء فيروس كورونا مؤشرا لجاهزية مؤسسات الدولة التي تدرك خطورة الأزمة.
وإذا كانت هذه الأزمة العالمية والتي مصر إحدى بيئاتها الجغرافية هي معركة حامية الوطيس يواجهها بني البشر جميعا؛ فإن الجنود الذين سيتقدمون وسيخوضون هذه المعركة هم الأطباء والصيادلة وكل العاملين في قطاع الصحة، هؤلاء الذين يقع عليهم العبء الأكبر لإنقاذ البشرية من عدو صلف مغرور، يصيب مئات الآلاف ويحصد أرواح الآلاف منهم حول العالم.
وإذا كان الانتصار في أية معركة لا يمكن أن يتحقق إلا بوقوف الشعب صفا واحدا مع المقاتلين، فإن وقوف الشعوب جميعا داعمين للأطباء والممرضين والصيادلة وكل أفراد المنظومة الصحية لهو أمر ضروري حتمي، ولهو أقل ما يمكن أن يقدم لهؤلاء الذين يبذلون فوق طاقاتهم، بل يضحون بأرواحهم في صراع البشرية مع هذا العدو الجديد.
وفي المقابل على قطاع الصحة أن يدرك أنه يقود هذه المعركة، وأن الواجب الإنساني المقدس ينادي عليهم، ولا يمكن ألا يلبوا هذا النداء، وليعلموا أن الشعب بل كل الشعوب خلفهم، مساندين داعمين، مقدرين لهم دورهم البطولي.
ولابد أن يدرك كل فرد في منظومة الصحة أنه جندي في هذه المعركة، وعليه أن يتخلق بأخلاق الجنود البواسل، التي لا ترضى إلا بالنصر، أو الشهادة، وإن قدّرنا ما يعتريهم من ضعف بشري، يتجلى أحيانا في الخوف الذي هو والنصر لا يلتقيان، هذا الخوف الذي يتجلى في واقعة عرضها العالم المصري الكبير الأستاذ الدكتور جمال مصطفى السعيد أستاذ جراحة الأورام بجامعة القاهرة، وهو صديق عزيز نعتز بصداقته، كما نتوقف دائما بعين التقدير وكل الاحترام لما يطرحه من قضايا، تلك التي كان آخرها قضية طبيبة المنصورة والتي نشرها على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك والتي طلب منّا أن ندلوا فيها بدلونا وكان نص القضية كما كتبها العالم المصري الكبير الأستاذ الدكتور جمال مصطفى السعيد كالتالي:
"قضية هامة جدا
أثار أحد الصحفيين الكبار ( بل هو كبير جدا) قضية هامة تحتاج لرؤية وثقافة فى مناقشتها وهى طلبه بمحاكمة طبيبة ( كده.!!) لرفضها مصاحبة مريض ثبتت إصابته بالكورونا أثناء نقله من المنصورة الى الإسماعيلية وقد نزع في مقاله عن الطبيبة صفات الرحمة ومقتضيات الواجب المهني. .. ولى هنا وقفة فالطبيبة المذكورة هي إنسانة لها أسرة وزوج وأطفال وأشقاء وأم وأب وهى في رفضها طبقت الإرشادات الواجب عليها اتباعها كإنسان يواجه الإصابة والموت وهذا حق أصيل لها مثلى ومثلك وقد تكون مجبرة عائليا على ذلك مع العلم بأن الإجراءات التي يتبعها الأطباء تقلل احتمالات العدوى ولا تمنعها ...ولو طلبنا من الكاتب مصاحبة المريض لرفض حتى لو أجبرته سلطة رؤسائه على ذلك فالرفض هنا حق إنساني أصيل وهى بالضبط مثل أن يأمر أحد رؤساء فرد المطافئ الدخول إلى النار ليحترق ويموت هو وأسرته وينقذ غيره.
القضية حساسة جدا وتحتاج إلى مناقشة من أصحاب الفكر المستنير الذين أرجو أن يقولوا رأيهم بتجرد خصوصا أن الكاتب أمر بمحاكمتها لا معاقبتها إداريا
فما رأيك؟"
ونضع هنا رأينا الذي سجلناه في القضية التي طرحها الصديق الأستاذ الدكتور جمال مصطفى السعيد حيث كانت:
أية محاكمة؟
علينا في البدء أن نعرف قبل الخوض في القضية كافة التفاصيل!
أولا: من الناحية الطبية؛ هل يلزم مرافقة طبيب للمريض أو المريضة في مدة نقلة من مكان إلى مكان؟ أعني المصاب بفيروس كورونا.
ثانيا: هل هناك تخصص معين في فرع الطب هو الذي يجب أن يكون الطبيب دارسا له لو كانت إجابة السؤال الفائت بنعم؟ وهل الطبيبة أحد المجيزين لهذا التخصص؟
ثالثا: العاملون في الطب مثلهم مثل كل العاملين في أي تخصص: فيهم من يعشق المغامرة العملية، وفيهم من يقوم بواجبه فقط، وفيهم من يضحي تضحية هائلة، وفيهم من يعمل في الحدود الدنيا.
رابعا: كما أن المجتمع يقدم ويكرم الشجعان، فإنه أيضا يضع من هم عكسهم من "المتخاذلين" في مكانة دنيا. وهذه هي المحاكمة الشعبية.
خامسا: المحاكمة قضائيا، يحكمها القوانين، وتتم فقط لو أن الطبيبة قد خالفت القوانين، وهذا يحدده المتخصصون في قانون مهنة الطب.
سادسا: الملاحظ أن الشعب المصري عموما لا يعيش حقيقة أزمة الفيروس، فالعالم كله يعيش حالة طوارئ، أعني الشعوب كلها تقريبا، التي تقوم طوعيا لمساعدة الحكومات في السيطرة على الفيروس، بالتزام المنازل، على العكس من ذلك أرى الشعب المصري معيقا لما تتخذه الحكومة من إجراءات احترازية.
الخلاصة: في وقت الأزمات الكبرى، تتغير القوانين، وأحيانا يتم فرض قوانين جديدة، بل بالفعل تم فرض قوانين جديدة، وهذا ما يجب أن تقوم به مصر.
خوف الطبيبة مبرر، لو أن هناك ضرورة لمصاحبة الحالة ولم تفعل تكون قد تخلت عن دورها، لو لم يكن متاحا من الأطباء إلا هي، وكان لابد أن يصاحب الحالة مريض، فلابد أن تخضع لتحقيق.
هكذا رأينا أن تعرض القضية في سياقها، لكي نستطيع أن نقيّمها تقييما مناسبا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.