لست ممن يخطب ود أحد أو يثني علي مسئول أو أحب ما يحبون وأذر ما يكرهون لأن ذلك علة وداء، وأدعو الله أن لا يبتليني بهذا الداء. مصر لديها إرث ثقيل من المشكلات والتحديات وإنجاز أي مهمة ومواجهة الأزمات يحتاج إلي مجهود ورجال مقاتلون يدركون أهمية الوقت، وأن منصبهم لم يعد رفاهية ووجاهة كما كان في السابق. خرج رئيس الوزراء يعترف، بوجود بعض الأخطاء في مواجهة أزمة الطقس -رغم المجهود المبذول- نتج عنها 20 حالة وفاة على مستوى الجمهورية، تهدم المنازل بالمكان المخصص كمخرات للسيول، 5022 شكوى فى يومين، قطع المياة لضعف شبكة الصرف الصحي - التي آن الأوان للنظر اليها - وتقليل أحمال الكهرباء، حادث القطار مما دفع لإتخاذ قرار وقف حركة السكك الحديدية -وهو أمر جيد رغم التأخير، تحولت بعض الشوارع إلي حمامات سباحة وغرق سيارات بعض المواطنين.
لكن 12 مارس 2020 تاريخ فيصلي في علاقة الحكومة بالمواطنين، فهي تدرك أن أسلوب إنكار الأزمة وعدم الأعتراف بوجودها أو اتباع الأساليب التقليدية لإدارة الأزمات أو الأسلوب القديم للمسئولين وهو (كل شيء علي ما يرام وفي أحسن صوره)،لم يعد مقبول في مصر، خاصة بعد ثورتين ساهمتا في إنتشار الوعي والمعرفة، وفي ظل إنتشار السوشيال ميديا والإنترنت والفضائيات، فلم يعد يجدي نفعا إخفاء أي شئ. تعامل الحكومة مع أزمتي الطقس وكورونا، بكشف الحقيقة و بشفافية-كان له نتائج إيجابية بل فرصة ذهبية يجب إستغلالها والبناء عليها، في ظل الصورة الذهنية الإيجابية عند الناس لتقوية جسور الثقة بينها وبين المواطنين. لم تتعامل الحكومة مع موجة الطقس السئ كرد فعل هذه المرة، فتنبأت هيئة الارصاد بأزمة الطقس قبل وقوعها، ووضعت الحكومة الخطوات التي تسير عليها، فأعطت الموظفين والمدارس والجامعات اجازة، وحذرت المواطنين من النزول لتسهيل مهام التعامل مع مياة الأمطار. حرص رئيس الوزراء الدكتور مصطفي مدبولي علي عدم مغادرة مكتبه علي مدار 24 ساعه لمتابعة مجريات اﻻحداث لحظة بلحظة من خلال غرفة العمليات، أما رجاله من الوزراء والمسئولين، تركوا مقاعدهم ومكاتبهم ونزلوا الي الشارع كلا في مكانه، يعلم ما هي مهامه ويعمل عليها من خلال خطة محددة للتعامل مع الأزمة، حتي يمكن تقليل أضرارها ومخاطرها إلي اقل الخسائر. تبنت الحكومة مبدأ قول الحقيقة كاملة والإعلان عن التفاصيل وتطورات الأمور كل دقيقة، مدركة أن الثقة بينها وبين المواطنين يسهم في توفير الكثير من الوقت والجهد وتجاوز العقبات، وتعاون المواطنين من أجل إنجاح سياساتها وعدم إعاقة عملها. ورغم صعوبات المناخ استمرت الحكومة في توفير الخدمات التموينية وعمل محطات الوقود والكهرباء رغم الأمطار، وإطلاقت حملات توعية ، وانتشر رجال المرور في شوارع مصر لتقديم الخدمة كاملة حفاظا علي ارواح المواطنين وكلفت وزارة التضامن بإعانة المنكوبين ومساعدة الأطفال بلا مأوي والمشردين وتعويض المضارين وتعاملت مع ردود الافعال بشكل جيد واستجابة لمجريات الأزمة.
أما عن تعامل الحكومة مع فيروس كورونا.. فمنذ الإعلان عن اكتشافه -ديسمبر الماضي - والآلة الأعلامية لاتتوقف ومواقع التواصل لاتهدأ عن الحديث عنه وعن آثاره،والإجراءات التي تتخذها الدول لحماية مواطنيها من هذا الوباء الذي يهدد حياة البشر ومن البداية مصر تسير بمنطق الشفافية سواء بالإعلان عن اعداد المصابين أو إجراءات التي تتخذها. وما بين التهويل والتهوين من خطورة الفيروس، تحركت الدولة المصرية بإتخاذ الإجراءات والتدابير اللأزمة إبتداء من تجهيز طائرة خاصة لعودة الجالية المصرية من الصين -منبع انتشار الفيروس - متحمله كافة النفقات، وتجهيز مستشفي خاص للعزل الصحي لإقامة العائدين حتي التأكد من خلوهم من هذا الوباء متلقين كافة الرعاية الصحية اللازمة. الملف الصحي في مصر يلقي اهتمام خاص من جانب الرئيس السيسي، حيث وجه الحكومة بالعمل علي قدم وساق لمحاصرة الوباء واتباع الطرق العالمية في إتخاذ الإجراءات الإحترازية بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية وتضافر كافة أجهزة الدولة لحماية المواطنين. إقامة حجر صحي بالمطارات والموانئ البرية والبحرية، للكشف علي كل القادمين الي مصر من الخارج، وتعاقدت علي 250 الف من الكواشف الحديثة الخاصة باختبار (PCR) لإظهار نتائج التحاليل خلال 30 دقيقة، وتوفير طواقم طبية مدربة، وسيارات اسعاف ذاتية التعقيم، وتوفير أسرة ووحدات عناية مركزة. اطلقت الحكومة خط ساخن لتلقي الشكاوي والاستفسارات الخاصة بالفيروس، يعمل علي مدار 24 ساعة، وموقع الكتروني يحتوي علي كل المعلومات المتعلقة بكورونا، ودشنت حملة توعية لحماية المواطنين والوقاية من الإصابة بكورونا وتعلن عن حالات الإصابة والوفاة يوميا. وهو ما جعل منظمة الصحة العالمية تشيد بالإجراءات والتدابير التي اتخذتها مصر .. أما الذين يبالغون في ضرورة إتخاذ الكثير من الإجراءات الإحترازية، ويطالبون بوقف السياحة ورحلات الطيران وشل حركة التجارة من والي مصر، ويشككون في اعداد المصابين والوفيات بسبب كورونا، من منطق درء الضرر ، فهذه مطالب ظاهرها خير وباطنها شر ، فهؤلاء يريدون العودة بمصر إلي الوراء وما كانت عليه كدولة هشه ضعيفة اقتصاديا، عاجزة عن توفير ابسط احتياجات مواطنيها، بعد أن حققت إستقرارًا كبيرًا في ظل التحديات المحلية والدولية والإقليمية، فهناك تقدير للأمر بشكل يومي من جانب الحكومة وفي ضوءه تتخذت الإجراءات المناسبة تجاه أزمة كورونا. مصلحتنا وهدفنا جميعا، سواء حكومة أو مواطنين، واحد وهو النهوض بمصر والدفع بها في مصاف الدول المتقدمة، ولن يتحقق ذلك إلا بالتعاون والتكامل والشفافية وليس بالتضاد و إنكار الأخر والتقليل من مجهوده.. فعندما تحسن الحكومة نشيد بها وعندما تخطئ نوجهها ونصوب اخطائها. (أننا سويا، يدا بيد .. أقوي من أي شيء) كما قال الرئيس السيسي.