"خريج صحافة سوهاج".. بتلك الكلمات الثلاث أجبت على رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط حينذاك الكاتب الصحفي الكبير عبدالله حسن وكيل أول الهيئة الوطنية للصحافة الحالي، عندما سألني عن مؤهلي الدراسي، وذلك في بداية التحاقي للعمل بالوكالة، وما إن أنهيت الرد حتى ارتسمت على وجهه ابتسامته المعهودة قائلا: "هو إحنا يا ابني معندناش في مصر غير صحافة سوهاج" . في هذه اللحظات شعرت بسعادة ممزوجة بالفخر تملكتني، وعرفت وقتها معني أن تكون أحد خريجي قسم الإعلام بجامعة سوهاج، هذا القسم الذي خرج عددا من كبار الصحفيين و الإعلاميين على مر السنوات منذ تأسيسه عام 1976، ليثبتوا كفاءتهم في العديد من الصحف والقنوات الفضائية داخل مصر وخارجها . فليس غريبا على هذا القسم العريق أن يكون محط اهتمام الكثير من الصحفيين والإعلاميين والأكاديميين، لكونه يمثل حالة فريدة، ليس فقط في عدد الدفعات التي تخرجت منه، بل وعلى المستوى المهني لخريجيه، وإصرارهم على مواصلة النجاح وإثبات أنفسهم حتى في ظل أسوأ الظروف، فلا يخفى على أحد كما عانينا في بدايات التحاقنا ببلاط صاحبة الجلالة، بدءا من وحشة الغربة عن بلادنا وأهالينا بمحافظات الصعيد بحثا عن أول الخيط، مرورا بضعف المكافآت التي كنا نتقاضاها لسنوات طوال، غير أن الأمل والإصرار الذي زرعه فينا أساتذتنا بقسم الإعلام كان الدافع وراء استكمال الرحلة. وعلى المستوى الشخصي، وخلال استكمالي للدراسات العليا بكلية الإعلام بجامعة القاهرة، بمراحلها المختلفة بداية من حصولي على تمهيدي الماجستير، ثم حصولي على الماجستير ، ومواصلة الطريق للحصول على درجة الدكتوراة، تجدني مازلت مرتبطا بقسمي الذي تخرجت منه، وفخورا بكوني أحد أبنائه، خاصة في ظل جهوده المستمرة لتطوير العملية التعليمية والتكيف مع ثورة الإعلام الرقمية، لأجد به رسائل علمية تمزج بين تاريخ الصحافة، والصحافة العربية والدولية، وفنون التحرير الصحفي المتنوعة، والأساليب الإخراجية الحديثة، برئاسة الفاضلة المجتهدة الدكتورة فاطمة الزهراء صالح رئيسة القسم، التي لم يجمعني بها سوى لقاء عابر، ولكنني لمست من خلاله دماثة خلقها ورقي تعاملها مع الجميع، ويعاونها في ذلك عدد من أكفأ الأساتذة والمدرسين والمدرسين المساعدين والمعيدين. ومن فيض حبي لهذا القسم العريق، تشاء الأقدار أن ارتبط بشريكة عمري الدكتورة إسراء صابر المدرس بالقسم، ليصبح الحب حبين، ويزداد تعلقي به لأتابع أخباره عن كثب وشغف في نفس الوقت، خاصة بعد إدخال تعديلات جوهرية على لائحة القسم في تخصصى الصحافة، والعلاقات العامة والإعلان بما يتناسب ومتطلبات الإعلام الجديد، وإنشاء شعبة الإذاعة والتليفزيون، ليتم الانتهاء من هذه اللائحة وتقديمها للجنة قطاع الإعلام بالمجلس الأعلى للجامعات، فضلا عن الانتهاء من لائحة برنامج الإعلام الرقمي، إضافة إلى الانتهاء من التعديلات الخاصة بلائحة تحويل القسم إلى كلية للإعلام، أسوة ببعض الأقسام الآخرى، وهنا انتهز الفرصة لأناشد مسئولي وزارة التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات، بالموافقة على عملية التحويل لأسباب عديدة، منها أن قسم الإعلام بسوهاج هو الأقدم بين أقسام الإعلام منذ نشأتها، فضلا عن توفير الجامعة ممثلة في رئيسها الوقور الدكتور أحمد عزيز وعميد كلية الآداب الأديب المثقف الدكتور فتوح خليل لكل ما يحتاجه القسم من قاعات واستوديوهات ومعامل تصوير وغيرها، وقبل كل هذا وذاك، ما يضمه القسم من أساتذة أجلاء تعلم على أيديهم آلاف الصحفيين والإعلاميين، مهنم من رحل وترك لنا علمه ننهل منه حتى يومنا هذا ، وعلى رأسهم الأستاذ الدكتور محمد منير حجاب - رحمه الله - والدكتورة رجاء نور - رحمها الله ، فضلا عن كوكبة من أفضل الأكاديميين منهم الدكتور فوزي عبدالغني والدكتورة عزة عبدالعزيز عثمان والدكتورة سحر وهبي ، والدكتور صابر حارص والدكتور أحمد حسين والدكتور محمود عبدالغني .