أثار الداعية السعودي عادل الكلباني، إمام المسجد النبوي السابق، حالة من الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد قوله إن النبي محمد كان يستقبل مطربات في بيته. ونوه إمام جامع «المحيسن» بالرياض، خلال لقاء له عبر تليفزيون «SBC» الرسمي، بأنه لا يمكن لأحد إنكار وجود الغناء في عهد الرسول، مستندًا في قوله على باب «سنة العيدين لأهل الإسلام» في صحيح البخاري. وقال «الكلباني» في رواية لحديث جاء فيه أن النبي رأى امرأة فقال لعائشة: «أتعرفين مَن هذه؟»، قالت: «لا»، قال: «هذه قينة – مطربة فنانة بعصرنا – بني فلان، أتحبين أن تغني لكِ»، قالت: «نعم»، فأعطاه طبقًا وغنت. وواصل الداعية السعودي: «النبي حضر عرسًا فيه مطربة تغني وتقول: «وفينا نبي يعلم ما في غد» ولم ينكر عليها غناءها بل دعاها إلى عدم الغلو في مدحه، وقال لها أن تردد «أما هذا فلا تقوليه، وقولي.. أتيناكم أتيناكم.. فحيانا وحياكم». ونبه الكلباني على أنه «يحلل الغناء منذ سنوات، وأن زمن النبي كان يعج بالغناء والأدوات الغنائية مثل المزهر، المعروف الآن بالعود»، وأكد أنه لا يمانع بتدريس الموسيقى في المدارس شرط ألا يكون إجباريًا على كل الطلاب. الغناء في الإسلام قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن النبي محمدًا -صلى الله عليه وسلم- دخل على السيدة عائشة -رضي الله عنها- ومعها فتيات من الأنصار يستعددن لزفاف وطلب منهن الغناء. وأضاف «جمعة» خلال لقائه ببرنامج «والله أعلم»، أن النبي محمدًا -صلى الله عليه وسلم علم السيدة عائشة أم المؤمنين أغنية من التراث العربي، تقولها بين النساء في الفرح، وهي: «أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ فَحَيَّانَا وحياكم وَلَوْلَا الذَّهَب الْأَحْمَر مَا حلت بواديكم وَلَوْلَا الْحِنْطَة السمراء مَا سَمِنَتْ عَذَارِيكُمْ». واستشهد بما روي عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا زَفَّتِ امْرَأَةً إِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَائِشَةُ، مَا كَانَ مَعَكُمْ لَهْوٌ؟ فَإِنَّ الأَنْصَارَ يُعْجِبُهُمُ اللَّهْوُ» فِي رِوَايَةِ شَرِيكٍ فَقَالَ فَهَلْ بَعَثْتُمْ مَعَهَا جَارِيَةً تَضْرِبُ بِالدُّفِّ وَتُغَنِّي قُلْتُ تَقُولُ مَاذَا قَالَ تَقُولُ أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ فَحَيَّانَا وحياكم وَلَوْلَا الذَّهَب الْأَحْمَر مَا حلت بواديكم وَلَوْلَا الْحِنْطَة السمراء مَا سَمِنَتْ عَذَارِيكُمْ». ولفت إلى أن الأغنية كانت موروثة ومن التراث، وكان التخن والبياض عند العرب قديمًا من علامات الجمال، والحبة الصفراء كانت الذهب. وأشار إلى أن النبي محمدًا -صلى الله عليه وسلم- كان لا يجيد الشعر ولكنه كان يحب الفرح وأن يدخل الفرح في نفوس العباد وخاصة في الأفراح، ومع هذا الفرح كان هناك نظام شديد الصرامة للعبادة. كم الاستماع إلى الأغاني والموسيقى الأغاني كلام، والكلامُ حسنه حسن وقبيحه قبيح، والمُفتى به فى دار الإفتاء إن الموسيقى نفسها لا حرمة في سماعها.. وقال الدكتور محمود شلبي، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء، أن الموسيقى صوت قبيحها قبيح وحسنها حسن، وهي في حد ذاتها ليست محرمة، وإنما المحرم هو أن تجتمع مع خمور أو قمار أو زنا أو رقص نساء أمام رجال أو غير ذلك من المحرمات. وأضاف في إجابته عن سؤال: «ما حكم الاستماع إلى الموسيقى والأغاني؟»، أن الموسيقى الهادئة ليست حرامًا فى ذاتها بل إذا اقترنت بشيء محرم فتكون حرامًا، أما أن نسمع الموسيقى وحدها وليس بها صخب ولا معها شيء يدعو إلى إثارة الغرائز، فالموسيقى بهذا المعنى حلال لا شيء بها. تحريم الأغاني والموسيقى في القرآن والسنة غير ثابت نوهت دار الإفتاء، بأن حكم استماع القضيب والأوتار – آلات الموسيقى - لم نجد في إباحته وتحريمه نصًا شرعيًا لا صحيحا ولا سقيما، مشيرةً إلى أن المتقدمين أباحوا استماعها؛ لأنه مما لم يرد الشرع بتحريمه فكان أصله الإباحة. وأوضحت الإفتاء، أن النصوص الواردة في تحريم الأغانى والموسيقى غير ثابتة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، منوهةً بأن أهل المدينة أباحوا استماعها. وأضافت، أنه وردت أحاديث تبيح سماع الموسيقى والأغانى، كما يدل على الإباحة قول الله عز وجل: «وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ»، وبيان هذا من الأثر ما أخرجه مسلم في باب الجمعة عن جابر بن سمرة: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائما فمن نبأك أنه كان يخطب جالسا فقد كذب، فقد والله صليت معه أكثر من ألف صلاة». وعن جابر بن عبد الله: «أنه كان يخطب قائما يوم الجمعة فجاءت عير من الشام، فأقبل الناس إليها حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلا فأنزلت هذه الآية»، وأخرج الطبري هذا الحديث عن جابر، وفيه: أنهم كانوا إذا نكحوا تضرب لهم الجواري بالمزامير فيشتد الناس إليهم ويدَعون رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قائما، فهذا عتاب الله عز وجل بهذه الآية. وتابعت: «قال ابن القيسراني، والله عز وجل عطف اللهو على التجارة، وحكم المعطوف حكم المعطوف عليه، وبالإجماع تحليل التجارة، فثبت أن هذا الحكم مما أقره الشرع على ما كان عليه في الجاهلية؛ لأنه غير محتمل أن يكون النبي – صلى الله عليه وسلم - حرمه ثم يمر به على باب المسجد يوم الجمعة ثم يعاتب الله عز وجل من ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائما وخرج ينظر إليه ويستمع، ولم ينزل في تحريمه آية ولا سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه سنة، فعلمنا بذلك بقاءه على حاله». ويزيد ذلك بيانا ووضوحا ما روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها زفت امرأة من الأنصار إلى رجل من الأنصار فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أما كان معكن من لهو؛ فإن الأنصار يعجبهم اللهو»، وهذا الحديث أورده البخاري في صحيحه في كتاب النكاح. وقد عقد الغزالي في كتاب إحياء علوم الدين الكتاب الثامن في السماع وفي خصوص آلات الموسيقى قال: "إن الآلة إذا كانت من شعار أهل الشرب أو المخنثين، وهي المزامير والأوتار وطبل الكوبة، فهذه ثلاثة أنواع ممنوعة، وما عدا ذلك يبقى على أصل الإباحة؛ كالدف وإن كان فيه الجلاجل، وكالطبل والشاهين والضرب بالقضيب وسائر الآلات". ونقل القرطبي في الجامع لأحكام القرآن قول القشيري: ضرب بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم دخل المدينة، فهم أبو بكر بالزجر فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «دعهن يا أبا بكر حتى تعلم اليهود أن ديننا فسيح»، فكن يضربن ويقلن: نحن بنات النجار حبذا محمد من جار، ثم قال القرطبي: وقد قيل: إن الطبل في النكاح كالدف، وكذلك الآلات المشهرة للنكاح يجوز استعمالها فيه بما يحسن من الكلام ولم يكن فيه رفث. واستطردت: « وفي المحلى لابن حزم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى» فمن نوى استماع الغناء عونا على معصية الله تعالى فهو فاسق، وكذلك كل شيء غير الغناء، ومن نوى به ترويح نفسه ليقوى بذلك على طاعة الله عز وجل وينشط نفسه بذلك على البر فهو مطيع محسن، وفعله هذا من الحق، ومن لم ينوِ طاعة ولا معصية فهو لغو معفو عنه، كخروج الإنسان إلى بستانه متنزها، وقعوده على باب داره متفرجا.