بالرغم من ان الشتاء لم يبدأ بعد وباقي علي قدومه العزيز شهران تقريبا الا ان الامطار الكثيفة المتعجلة في شهر الخريف والتي سقطت علي القاهرة وبعض المحافظات الساحلية كشفت مدي المعاناة التي تعيش فيها مصر فيما يتعلق بصرف مياه الامطار ومدي الفساد الذي يعتري المحليات والذي أدي الي الاهمال المستمر في الاستعداد للامطار والتي تسبب كوارث للاشخاص والمباني والممتلكات وفي كل مرة نجد ان بلادنا تغرق في شبر ميه علي رأي المثل الشهير الذي حفظناه عن ظهر قلب. وعندما سقطت الامطار في بداية شهر الخريف المعروف بطبيعته الجميلة جوا ليلا ونهارا , وجدنا ان شبكات الصرف والبالوعات متهالكة جدا وغير قادرة علي تصريف المياه الامر الذي اصاب الطرق بشلل تام وتوقف الحياة في بعض المناطق تقريبا ولم تستطع تصريف مياه الامطار التي حولت الشوارع الي بحيرات صناعية وبحار واماكن متسعة للسباحة والغوص ناهيك عن تغطية اجزاء السيارات والقطارات وفي المطار ايضا بشكل لا يشرف امام العالم الخارجي. المسؤولية هنا تقع على عاتق الجميع، لكن الحل في منع تكرار تلك الأزمات، يتمثل في إعادة النظر في شبكة الطرق بالمدن الجديدة، مع مراعاة رفع كفاءة شبكة صرف مياه الأمطار بحيث يسهل التخلص من كل الكميات المتراكمة في الشوارع وأسفل البيوت، والتي تسببت في غرق أثاث مواطنين كثر، بالإضافة إلى تهالك عشرات السيارات. كما وقعت حوادث قتل بسبب الامطار للطفلة مروة 9 سنوات وحريق في اكثر من مكان بسبب حرق اعمدة الكهرباء الموجودة في بعض الشوارع لعدم قدرتها علي تحمل ضغط الامطار . وكالعادة يلقي المسئولون بالأزمة عرض الحائط بعد ان تسببت الامطار لمدة ساعات قليلة في كشف وفضح الاكاذيب التي نتردد دائما بان مصر مستعدة لمجابهة الامطار والسيطرة عليها وان كل شيء تمام، ويبررون دائما "مسئولي المحليات عدم نجاحهم في هذا بقولهم إن الأمطار التي سقطت كانت كثيفة جدًا لدرجة عدم استيعاب البالوعات للمياه، الأمر الذي أدى إلى غرق الشوارع، لافتًا إلى أن معدل هطول الأمطار على نفق العروبة كان هائلا، ما تسبب في عجز البالوعات على استيعابه وشفط مياهه. كما كشفت الاهمال سوء البنية التحتية للقاهرة والمحافظة، وكذلك المدن الجديدة وخاصة منطقة التجمع الخامس، كذلك كشفت سوء تخطيط المحافظات ورؤساء المدن، الذين تاخروا عن إصدار أوامر لمواجهة المياه المتراكمة في الشوارع، فهي كارثة كما وصفها المصريون. والامر الاكثر صعوبة في هذا تصريح رئيس شركة الصرف الصحي في القاهرة عادل زكي بان عمر شبكة الصرف بالعاصمة يبلغ 105 أعوام وأنها من أقدم الشبكات على مستوى المنطقة, وأن الشركة لديها خطة مكونة من 3 مراحل للتعامل مع موجات السيول والأمطار المتوقعة، مؤكدًا أن شبكة الصرف الصحي يمكنها التعامل مع مياه الأمطار حتى ارتفاع 4 مم، ولكن إذا تجاوزت كمية الأمطار المتوقع سقوطها حاجز 5 مم، لن تستطيع الشبكة التعامل معها. علي أي حال ينبغي تدشين شبكة جديدة لصرف مياه الأمطار على غرار الدول الأوروبية ومعظم دول العالم، للتخلص من تلك البرك التي تتسبب في كوارث على الطرق، وينتج عنها مئات الحوادث المتكررة ضد الاطفال والنساء والكبار، ويقتل فيها مئات المواطنين بسبب الإهمال وسوء التخطيط، ولابد من تنظيم حملات صيانة مستمرة من حين لآخر للتعرف على مشاكل الطرق، وإيجاد حل سريع وفعال لها، وإعادة النظر في الطرق المتهالكة التى تحولت إلى مقابر للمصريين، ونطالب المسئولين بضرورة إعادة النظر في التخطيط الهندسي للطرق وخاصة في المدن الجديدة والمحافظات حتى نأمن مخاطر الأمطار. لابد من الاهتمام والاستعداد الجيد للامطار وموسم الشتاء حفاظا علي الارواح والممتلكات حتي لا نفاجأ بكوارث اخري لا يعلم احد مداها وتأثيرها.