توالت ردود الأفعال المحلية والعالمية عقب مداهمة قوات الأمن المصرية لمقرات 17 منظمة حقوقية غير حكومية صباح الخميس والتي اعتبرتها منظمات حقوقية مصرية وعالمية مؤشراً خطيراً على مستقبل حقوق الإنسان والديمقراطية في مصر، خاصاً أن ما حدث الخميس يناقض المواثيق والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والتي تكفل لهذه المنظمات حق العمل بحرية في ظل مناخ ديمقراطي. وفي رد فعل سريع قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن المداهمات "لا تتسق مع التعاون الثنائي الذي كان بيننا منذ سنوات عديدة" ولمحت إلى إمكانية أن تعيد واشنطن النظر في المساعدات العسكرية لمصر التي تبلغ قيمتها 1.3 مليار دولار سنويا في حالة استمرار المداهمات. وعبرت الولاياتالمتحدة عن قلقها العميق وحثت السلطات المصرية على وقف "التضييق" على موظفي المنظمات غير الحكومية فورا. وأشارت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية في مؤتمر صحفي إلى أنه قد يكون من الصعب المضي قدما في إقناع الكونجرس بالاستمرار في تقديم المعونة العسكرية إذا لم يتحسن الوضع. وقالت "لدينا عدد من الاشتراطات الجديدة بخصوص التقارير والشفافية على التمويل في مصر يتعين علينا تقديمها للكونجرس." ومضت تقول "الحكومة المصرية على وعي تام بذلك ومن المؤكد أنها تحتاج الى أن تدرك ذلك في سياق مدى السرعة التي تحل بها هذه القضية." وأردفت "نحن قلقون للغاية لان هذا تصرف غير مناسب في المناخ الحالي" مضيفة أن مسئولين أمريكيين كبارا على اتصال بالقادة العسكريين المصريين للتعبير عن قلقهم من هذه المداهمة. وجاءت تصريحات نولاند في أعقاب سلسلة من الانتقادات من قبل وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بشأن "إهانة المرأة بطريقة منهجية" أثناء احتجاجات في القاهرة هذا الشهر فتل خلالها 17 شخصا قائلة إن ذلك "عارا على الدولة." وفي نفس السياق، قالت وزارة الخارجية الألمانية إنها سوف تستدعي سفير مصر في برلين يوم الجمعة بعد أن استهدفت المداهمات مؤسسة كونارد أديناور التي يوجد مقرها في ألمانيا والقريبة من الحزب الديمقراطي المسيحي الذي تنتمي إليه المستشارة انجيلا ميركل. فيما قالت 27 منظمة حقوقية في بيان وزع في مؤتمر صحفي وعبر عن استنكار ما حدث إنها تتوقع أن تمتد المداهمات إلى عشرات المنظمات في إطار ما قالت إنها "حملة للتشهير والوصم لكافة النشطاء الحقوقيين والعديد من القوى المنخرطة في فعاليات ثورة الخامس والعشرين من يناير." وأضافت المنظمات أنها تشدد على أن "هذه الحملة غير المسبوقة حتى في عهد الرئيس المخلوع تستهدف التغطية على الإخفاقات الكبرى من جانب المجلس العسكري في إدارة المرحلة الانتقالية." ومنذ شهور تقول منظمات تراقب حقوق الإنسان في مصر إنها تتعرض لحملة منظمة من قبل الحكومة تهدف إلى تشويه صورتها وإلصاق تهمة العمالة لدول أجنبية بها. وقال القيادي الحقوقي ناصر أمين في المؤتمر الصحفي الذي أذيع فيه بيان المنظمات الحقوقية "شرف لنا أننا حرضنا على قيام الثورة وشرف لنا لا ندعيه مساعدة الشعب المصري على الوقوف ضد السجن والظلم والحبس والاعتقال." وقال القيادي حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان كبرى المنظمات الحقوقية المصرية "كل ما حدث هو ارتداد على الثورة وأهدافها." وقال بيان في موقع مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان يوم الخميس "اقتحام مقار المنظمات في هذا التوقيت مرتبط بالحملة الشرسة والتي بدأت في يونيو 2011 ضد المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان." وأضاف "سبق وتم استدعاء المعهد الوطني الديمقراطي والمعهد الجمهوري الدولي ومؤسسة بيت الحرية للتحقيق من قِبل وزارة العدل تحت دعوى تلقى التمويل الخارجي. "في حين أن المركز العربي لاستقلال القضاء والمهن القانونية لم يبدأ التحقيق معه بعد كما كان من المقرر أن يتم التحقيق مع منظمة الموازنة العامة وحقوق الإنسان صباح الأحد أول يناير 2012." وقال المعهد الوطني الديمقراطي في بيان أرسل بالبريد الالكتروني إن المداهمات استهدفت مكاتبه في القاهرة والإسكندرية وأسيوط وقامت خلالها الشرطة بمصادرة معدات ووثائق. وفي الناحية الأخرى قال المجلس الأعلى للقوات المسلحة انه سيحقق في تمويل منظمات المجتمع المدني ومنظمات مراقبة حقوق الإنسان وانه لن يسمح بالتدخل الأجنبي في شؤون مصر. فيما قال عضو قيادي في حزب ليبرالي طلب ألا ينشر اسمه "المعهد الوطني الديمقراطي يدرب الأحزاب الجديدة على كيفية المشاركة في الانتخابات. وهذا يحدث بمعرفة السلطات الكاملة وليس سريا." وقال خبراء سياسيون إن المنظمات التي اقتحمت مكاتبها اليوم تتخذ موقفا محايدا من الأحداث المصرية وتركز على تعزيز الديمقراطية في مصر من خلال تدريب أعضاء الأحزاب الجديدة. ومن جانبه قال المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والمرشح المحتمل للرئاسة محمد البرادعي في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي تويتر "منظمات حقوق الإنسان هي أيقونة الحرية... الجميع سيراقب عن كثب أي محاولات غير شرعية لتشويهها." يذكر أن الشرطة المصرية داهمت مكاتب 17 من الجماعات المؤيدة للديمقراطية والمدافعة عن حقوق الإنسان الخميس، وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية أن الجماعات استهدفت في إطار تحقيق في التمويل الأجنبي لمثل هذه المنظمات وبينها المعهد الجمهوري الدولي والمعهد الوطني الديمقراطي وبيت الحرية وهي جماعة مراقبة ديمقراطية ومقراتها في واشنطن.