في ذكرى رحيله: سميح القاسم حفر اسمه في لوحة شعر المقاومة عاش في الداخل الفلسطيني وتعرض للسجن عدة مرات حفر اسمه في لوحة شعر المقاومة الفلسطينى، واستطاع أن يكون له فيه إسهامه الخاص، والذى تبلور في أنه ربط من خلاله شعرية الداخل الفلسطينى بالخارج، إنه الشاعر الفلسطيني الكبير سميح القاسم، الذي تحل اليوم ذكرى رحيله، فهو شاعر مكثر يتناول في شعره الكفاح والمعاناة الفلسطينيين، وما أن بلغ الثلاثين حتى كان قد نشر ست مجموعات شعرية حازت على شهرة واسعة في العالم العربي. ولد سميح القاسم لعائلة من الموحدين الدروز، وكان والده ضابطًا برتبة رئيس "كابتن" في قوّة حدود شرق الأردن وكانَ الضباط يقيمونَ هناك مع عائلاتهم، حينَ كانت العائلة في طريق العودة إلى فلسطين في القطار، في غمرة الحرب العالمية الثانية ونظام التعتيم، بكى الطفل سميح فذعر الركَاب وخافوا أن تهتدي إليهم الطائرات الألمانية، وبلغ بهم الذعر درجة التهديد بقتل الطفل إلى آن اضطر الوالد إلى إشهار سلاحه في وجوههم لردعهم، وحينَ رويت الحكاية لسميح فيما بعد تركت أثرًا عميقًا في نفسه: "حسنًا لقد حاولوا إخراسي منذ الطفولة سأريهم سأتكلّم متى أشاء وفي أيّ وقت وبأعلى صَوت، لنْ يقوى أحدٌ على إسكاتي". عاش القاسم في الداخل الفلسطينى جل حياته ولم يغادره إلا للمشاركة في المهرجانات والملتقيات الشعرية والأدبية في بلدان العالم، ورغم تعدد التصنيفات النقدية لشعره، ما بين "الشعر المقاوم" و"ما بعد الحداثى" فإن "شعرية الأرض" تظل هي الملمح الأساس والأكثر لصوقا وانسجاما مع إبداعه الشعرى، وكانت رهانه الأساسى على نصه الشعرى وما سيبقى من كتاباته في الشعر والقصة والرواية والمسرح وقضايا الفكر والثقافة، وتطل "شعرية الأرض" بقوة في شعر سميح القاسم. سجن سميح القاسم أكثر من مرة كما وضع رهن الإقامة الجبرية والاعتقال المنزلي وطرد من عمله مرات عدة بسبب نشاطه الشعري والسياسي وواجه أكثر من تهديد بالقتل، في الوطن وخارجه، اشتغل معلمًا وعاملًا في خليج حيفا وصحفيًا. كتب سميح القاسم أيضًا عددًا من الروايات، ومن بين اهتماماته إنشاء مسرح فلسطيني يحمل رسالة فنية وثقافية عالية كما يحمل في الوقت نفسه رسالة سياسية قادرة على التأثير في الرأي العام العالمي فيما يتعلّق بالقضية الفلسطينية. أسهم في تحرير "الغد" و"الاتحاد" ثم رئيس تحرير جريدة "هذا العالم" عام 1966، ثم عاد للعمل محررًا أدبيًا في "الاتحاد" وآمين عام تحرير "الجديد" ثمَّ رئيس تحريرها، وأسس منشورات "عربسك" في حيفا، مع الكاتب عصام خوري سنة 1973، وأدار فيما بعد "المؤسسة الشعبية للفنون" في حيفا. تولى رئاسة اتحاد الكتاب العرب والاتحاد العام للكتاب العرب الفلسطينيين في فلسطين منذ تأسيسهما، ورئس تحرير الفصلية الثقافية "إضاءات" التي أصدرها بالتعاون مع الكاتب الدكتور نبيه القاسم، وهو اليوم رئيس التحرير الفخري لصحيفة "كل العرب" الصادرة في الناصرة. صدر له أكثر من 60 كتابًا في الشعر والقصة والمسرح والمقالة والترجمة، وصدرت أعماله الناجزة في سبعة مجلدات عن دور نشر عدّة في القدس وبيروت والقاهرة. ترجم عدد كبير من قصائده إلى الإنجليزية والفرنسية والتركية والروسية والألمانية واليابانية والإسبانية واليونانية والإيطالية والتشيكية والفيتنامية والفارسية والعبرية واللغات الأخرى. حصل سميح القاسم على العديد من الجوائز والدروع وشهادات التقدير وعضوية الشرف في عدّة مؤسسات، فنالَ جائزة "غار الشعر" من إسبانيا، وعلى جائزتين من فرنسا عن مختاراته التي ترجمها إلى الفرنسية الشاعر والكاتب المغربي عبد اللطيف اللعبي، وحصلَ على جائزة البابطين، وحصل مرتين على "وسام القدس للثقافة" من الرئيس ياسر عرفات، وحصلَ على جائزة نجيب محفوظ من مصر، وجائزة "السلام" من واحة السلام، وجائزة "الشعر" الفلسطينية. توفي الشاعر الفلسطيني سميح القاسم، بعد صراع مع مرض سرطان الكبد الذي داهمه مدة 3 سنوات والذي أدى إلى تدهور حالته الصحية في الأيام الأخيرة حتى وافته المنيه يوم الثلاثاء الموافق 19 أغسطس 2014.