«بطرسبرج» تستعد لاستضافة ضيوف المنتدى الاقتصادي الدولي    ماركو روبيو: ترامب سيصدر إعفاءات أولية من العقوبات القانونية على سوريا    ترامب يزور جامع الشيخ زايد في أبوظبي    جنوب إفريقيا تهزم نيجيريا وتتأهل لنهائي أمم إفريقيا للشباب    حبس طالب وفرد أمن فى واقعة الامتحان بدلًا من رمضان صبحي    ياسمين رئيس تشارك يسرا بطولة سينمائية    لابيد بعد لقائه نتنياهو: خطوة واحدة تفصلنا عن صفقة التبادل    تعزيز حركة النقل الجوى مع فرنسا وسيراليون    طارق محروس: مشاركة منتخب الناشئين في بطولة أوروبا أفضل إعداد لبطولة العالم    الأحزاب السياسية ودعم المسيرة التعليمية    ضبط سيدة تنتحل صفة طبيبة وتدير مركز تجميل في البحيرة    حبس عامل مغسلة 4 أيام بتهمة هتك عرض طفلة في بولاق الدكرور    وزير العمل: ميكنة خدمات الوزارة ودمج العمالة غير المنتظمة ضمن خطط التطوير    يونيسيف: غارات جوية إسرائيلية على غزة خلال يومين قتلت أكثر من 45 طفلا    دخول متاحف الآثار مجانا للمصريين الأحد المقبل    «الرعاية الصحية» تبحث آليات تعزيز التعاون في سلاسل الإمداد وتوطين الصناعة الطبية    وكيل صحة المنوفية يتفقد مستشفى رمد شبين الكوم ويتابع معدلات الأداء.. صور    علمي وأدبي.. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي 2025 بمحافظة مطروح    الخارجية الليبية: ننفي شائعات إخلاء السفارات والبعثات    راغب علامة يطرح أغنيته الجديدة "ترقيص"    محافظ الجيزة: عمال مصر الركيزة الأساسية لكل تقدم اقتصادي وتنموي    الإعدام شنقا لربة منزل والمؤبد لآخر بتهمة قتل زوجها فى التجمع الأول    إحالة 3 مفتشين و17 إداريًا في أوقاف بني سويف للتحقيق    استعدادًا للصيف.. وزير الكهرباء يراجع خطة تأمين واستدامة التغذية الكهربائية    التأمينات الاجتماعية تقدم بوكيه ورد للفنان عبدالرحمن أبو زهرة تقديرًا لمكانته الفنية والإنسانية    تحديد فترة غياب مهاجم الزمالك عن الفريق    أمام يسرا.. ياسمين رئيس تتعاقد على بطولة فيلم «الست لما»    تيسير مطر: توجيهات الرئيس السيسى بتطوير التعليم تستهدف إعداد جيل قادر على مواجهة التحديات    كيف تلتحق ببرنامج «سفراء الذكاء الاصطناعي» من «الاتصالات» ؟    الاحتلال الإسرائيلى يواصل حصار قريتين فلسطينيتين بعد مقتل مُستوطنة فى الضفة    جامعة حلوان تطلق ملتقى لتمكين طالبات علوم الرياضة وربطهن بسوق العمل    ستروين C3 أرخص من سيات إبيزا ب14 ألف جنيه.. أيهما تشتري؟    لانتعاش يدوم في الصيف.. 6 إضافات للماء تحارب الجفاف وتمنحك النشاط    زيلينسكي: وفد التفاوض الروسى لا يمتلك صلاحيات وموسكو غير جادة بشأن السلام    موريتانيا.. فتوى رسمية بتحريم تناول الدجاج الوارد من الصين    تصل ل42.. توقعات حالة الطقس غدا الجمعة 16 مايو.. الأرصاد تحذر: أجواء شديدة الحرارة نهارا    محسن صالح يكشف لأول مرة تفاصيل الصدام بين حسام غالي وكولر    «بدون بيض».. حضري المايونيز الاقتصادي في المنزل لجميع الأكلات    "الصحة" تفتح تحقيقا عاجلا في واقعة سيارة الإسعاف    تحت رعاية السيدة انتصار السيسي.. وزير الثقافة يعتمد أسماء الفائزين بجائزة الدولة للمبدع الصغير في دورتها الخامسة    أشرف صبحي: توفير مجموعة من البرامج والمشروعات التي تدعم تطلعات الشباب    تحرير (143) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق    "الأوقاف" تعلن موضع خطبة الجمعة غدا.. تعرف عليها    رئيس إدارة منطقة الإسماعيلية الأزهرية يتابع امتحانات شهادة القراءات    فرصة أخيرة قبل الغرامات.. مد مهلة التسوية الضريبية للممولين والمكلفين    خطف نجل صديقه وهتك عرضه وقتله.. مفاجآت ودموع وصرخات خلال جلسة الحكم بإعدام مزارع    إزالة 44 حالة تعدٍ بأسوان ضمن المرحلة الأولى من الموجة ال26    شبانة: تحالف بين اتحاد الكرة والرابطة والأندية لإنقاذ الإسماعيلي من الهبوط    فتح باب المشاركة في مسابقتي «المقال النقدي» و«الدراسة النظرية» ب المهرجان القومي للمسرح المصري    مسئول تركي: نهاية حرب روسيا وأوكرانيا ستزيد حجم التجارة بالمنطقة    تشكيل منتخب مصر تحت 16 سنة أمام بولندا فى دورة الاتحاد الأوروبى للتطوير    جهود لاستخراج جثة ضحية التنقيب عن الآثار ببسيون    ترامب: لا أرغب في اللجوء إلى القوة مع إيران وسنراقب تطور المفاوضات معها    وزير الخارجية يشارك في اجتماع آلية التعاون الثلاثي مع وزيري خارجية الأردن والعراق    أمين الفتوى: لا يجوز صلاة المرأة خلف إمام المسجد وهي في منزلها    أيمن بدرة يكتب: الحرب على المراهنات    جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    حكم الأذان والإقامة للمنفرد.. الإفتاء توضح هل هو واجب أم مستحب شرعًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



‮ ‬الثورة‮ .. ‬والثورة المضادة "
نشر في صدى البلد يوم 08 - 02 - 2013

الثورة المصرية في‮ ‬25‮ ‬يناير‮ ‬2011‮ ‬كانت ثورة ذات صبغة متميزة مستمدة من العبقرية المصرية فقد كانت ثورة شعب بأكمله خرج يطالب بحقوقه المهضومة وحرياته المصادرة ويتصدي للفساد والاستبداد،‮ ‬وتجلت فيها أروع ما في البشر من خصائص‮ : ‬الشجاعة والتضحية والاتحاد والحب والثبات والصبر،‮ ‬والإيثار والعفاف،‮ ‬والشرف والأمانة‮.‬
وكان أروع ما فيها سلميتها،‮ ‬فقد خرجت الملايين الهادرة تستقبل بصدورها رصاص شرطة النظام البائد وتتلقي الضربات وتستنشق الغازات ويقاد بعضها للمعتقلات دون أن تستفز أو تغير سياستها أو تلجأ إلي العنف،‮ ‬وكان هذا هو مصدر قوتها وعظمتها،‮ ‬وقضت الجماهير ثمانية عشر يوماً‮ ‬في الميادين ،‮ ‬انصهرت في بوتقة واحدة والتحمت التحام الأعضاء في الجسد الواحد،‮ ‬لم يشك أحد من الزحام،‮ ‬تقاسموا الخبز،‮ ‬وافترشوا الأرض،‮ ‬ذابت من بينهم الأيدلوجيات والتحزبات والطبقات،‮ ‬توجهوا إلي الله كل حسب ديانته فالمسلم يصلي والمسيحي يصب عليه ماء الوضوء،‮ ‬والمسيحي يصلي علي المنصة في رعاية المسلمين،‮ ‬والبنات والسيدات في مأمن لا تمتد إليهن يد آثمة ولا يتعرضن لتحرش بالفعل أو بالقول،‮ ‬والجميع يحمون المباني والمنشآت والممتلكات،‮ ‬والشباب يتنافس علي الشهادة حماية لمن خلفه وإرواء لشجرة الحرية للشعب والوطن من بعده.
‮ ‬وحينما انهارت شرطة النظام،‮ ‬دفع رأس الظلم الجيش لإخماد الثورة‮ ‬غير مدرك أن الجيش هو جيش الشعب وأنه سيفه ودرعه فلجأ بعد ذلك إلي جحافل البلطجية الذين رباهم ليستخدمهم في الملمات وفتح للمسجونين منهم أبواب السجون وأطلقهم علي الشعب الأعزل،‮ ‬وكانت موقعة الجمل المشهودة التي كانت موقعة فاصلة في تاريخ الثورة أبلي فيها الشباب وعلي رأسهم الإخوان المسلمون أعظم البلاء،‮ ‬وتكسرت موجات هجوم البلطجية علي صخرة صمود الشباب،‮ ‬حتي أيقن النظام ألا سبيل لإخماد الثورة فاضطر مكرها إلي التنحي،‮ ‬وهكذا انتصر السلم علي العنف والدم علي السيف والحق علي الباطل والشعب علي البطش والإرهاب،‮ ‬وهذا هو أعظم دروس الثورة‮ .‬
وخرج الناس من الميادين فوجدوا الأمن‮ ‬غائباً،‮ ‬والبلطجية يعيثون في الأرض فساداً‮ ‬ويعتدون علي الأنفس والممتلكات بعدما قاموا بإحراق عدد من المؤسسات أثناء الثورة،‮ ‬فشكّل الأهالي لجاناً‮ ‬شعبية لحماية أنفسهم وذويهم وجيرانهم وممتلكاتهم ومؤسسات الدولة،‮ ‬وتنظيم المرور وتنظيف الشوارع،‮ ‬وانتشرت دعوات راقية بوجوب احترام إشارات المرور،‮ ‬واحترام القانون وعدم دفع أو قبول رشاوي والحفاظ علي المال العام،‮ ‬وأداء الواجبات قبل المطالبة بالحقوق وهذا أعلي من قيمة الإيجابية وهو ما يعتبر الدرس الثاني من دروس الثورة‮.
‬وقد كانت الرغبة في الحرية والتحول نحو الديمقراطية من أهم مطالب وشعارات الثورة وتأكيد سيادة الشعب،‮ ‬وهو ما تجلي في الانتخابات البرلمانية‮ (‬الشعب والشوري‮) ‬ثم الانتخابات الرئاسية ثم وضع الدستور والاستفتاء عليه‮ ‬،‮ ‬إلا أنه‮ - ‬للأسف الشديد‮ - ‬لم تتوقف محاولات التعويق والإفشال،‮ ‬بعد أن تخندقت بعض القوي السياسية في خنادقها وأعلت من شأن مصالحها الخاصة،‮ ‬وتنكرت لسيادة الشعب واحترام إرادته،‮ ‬وانقلبت علي مبادئ الديمقراطية،‮ ‬ورفضت خيارات الشعب،‮ ‬وأصرت علي فرض رؤيتها وإرادتها وتعاونت مع أعداء الثورة في الداخل من أنصار النظام السابق وفي الخارج من الكارهين للثورة خوفاً‮ ‬من امتداد عدواها إليهم وللإسلاميين حتي لا يصبحوا مثالاً‮ ‬تتطلع إليه الشعوب وأيضاً‮ ‬القوي العالمية التي تريد لمصر أن تظل منكفئة علي نفسها تعاني من مشكلاتها حتي لا تستعيد عافيتها ومكانتها في المنطقة‮.‬
وهكذا انطلقت الثورة المضادة تغتال آمال الجماهير،‮ ‬فكلما أقام الشعب مؤسسة دستورية سعوا إلي هدمها فحلّوا مجلس الشعب الذي انتخبه أكثر من ثلاثين مليوناً‮ ‬من الشعب وأنفق علي انتخاباته مليارًا وستمائة مليون جنيه واستغرقت الانتخابات زمناً‮ ‬طويلاً‮ ‬وجهداً‮ ‬كبيراً‮ ‬هذا‮ ‬غير ما أنفق علي الدعاية الانتخابية ثم شرعوا في هدم مجلس الشوري والجمعية التأسيسية لوضع الدستور،‮ ‬وهددوا بعدم السماح بإجراء الاستفتاء عليه،‮ ‬وإذا وافق عليه الشعب فلن يعترفوا به وسيسقطونه،‮ ‬وبعدما فشلوا في ذلك بدأوا في جحود شرعية الرئيس المنتخب وأنهم سيشكلون مجلساً‮ ‬رئاسياً،‮ ‬وعندما رفض الشعب هذه الدعاوي،‮ ‬لجأوا إلي تسيير المظاهرات التي يسير فيها معارضون للنظام القائم وهذا أمر مقبول لولا انهم يطلقون خلالهم أعداداً‮ ‬من البلطجية المأجورين المسلحين يعتدون علي رجال الشرطة علي عكس ما كان يحدث في يناير‮ ‬2011،‮ ‬ويقتلون حتي بعض المتظاهرين معهم حتي يسيل الدم ويشتعل الموقف ويحرقون المقرات والمنشآت العامة والخاصة‮: ‬المدارس والمجمع العلمي ومباني المحافظات وبعض الفنادق مستخدمين الأسلحة النارية والخرطوش وقنابل المولوتوف وكسر الرخام والأدهي من هذا كله مهاجمة قصر الرئاسة ومحاولة اقتحامه وإضرام النار فيه،‮ ‬إضافة إلي الجريمة البشعة والمتكررة من أولئك المجرمين وهي التحرش الجنسي حتي وصلت حالات الاغتصاب الجنسي الجماعي للفتيات والسيدات ثلاثاً‮ ‬وعشرين حالة في يومي‮ ‬25‮ ‬،‮ 62 ‬يناير‮ ‬2013‮ ‬هذا عدا الحالات التي تحاشت الإبلاغ‮ ‬خوفاً‮ ‬من الفضيحة‮ .‬
كما قامت مجموعات عديدة بقطع الطرق والكباري وتعطيل مترو الأنفاق وخطوط السكك الحديد في محاولة لإثارة الفوضي والرعب والإرهاب في المجتمع،‮ ‬وضرب مقومات الحياة الاقتصادية بتعطيل المصانع والإنتاج وطرد السياح وتعطيل الفنادق والخدمات الأمور التي تؤدي إلي مزيد من التدهور الاقتصادي وانخفاض الجنيه أمام العملات الأجنبية مما يؤدي إلي ارتفاع الأسعار وخفض المكانة الائتمانية لمصر،‮ ‬من أجل قيام ثورة جياع،‮ ‬وهذه كلها معالم الثورة المضادة التي يقودها نفر يأبون الاستجابة لصوت العقل ووحي الضمير ودعوة الرئيس للحوار من أجل الصالح العام،‮ ‬ويقدمون علي ذلك كله مصالحهم الخاصة ولو أدت إلي خراب البلاد وهلاك العباد‮.‬
هذا في الوقت الذي من المفروض أن يستعد الجميع للتنافس الشريف علي ثقة الشعب في انتخابات مجلس النواب الجديد نجد أن أسلوب البلطجة والإرهاب هو الذي يستخدمه المعارضون للنظام بديلاً‮ ‬عن العمل السياسي‮.‬
وهكذا تتضح أمامنا خصائص الثورة المضادة‮ : ‬استخدام العنف والبلطجة والقتل والتخريب والتدمير والتحرش والاغتصاب الجنسي للنساء،‮ ‬وقطع الطرق وتعطيل المواصلات وتدفق المال الحرام من الداخل والخارج لاستئجار البلطجية المرتزقة لإحداث هذا الفساد العريض،‮ ‬ورفض التنافس السياسي الشريف وعدم احترام الشعب وإرادته والديمقراطية ومبادئها ومحاولة فرض الرأي واغتصاب السلطة وتقديم المصالح الخاصة علي المصالح العامة،‮ ‬ورفض الحوار والتفاهم السلمي،‮ ‬ومحاولة هدم مقومات الدولة وخصوصاً‮ ‬المقومات الاقتصادية‮ .‬
ورغم هذا كله فالشعب المصري بوعيه الفطري وبحريته التي انتزعها انتزاعاً‮ ‬ولن يفرط فيها وبتطلعاته وآماله يعرف جيدا من الذي يحافظ علي ثورته ويؤتمن علي أهدافها ويسعي للإصلاح بعيداً‮ ‬عن المصالح الشخصية والفئوية والحزبية،‮ ‬ومن الذي يهدف إلي تحقيق مصالحه ولو علي حساب الشعب والوطن والثورة،‮ ‬وإذا كان هناك من تأثر بقادة الثورة المضادة وإعلام الفتنة والتضليل فإن الغالبية العظمي من الشعب تعرف الحقيقة وتنحاز إلي الحق وإلي الثورة الحقيقية،‮ ‬ولن تخضع مصر بعد‮ ‬ذلك‮ - ‬بإذن الله‮ - ‬ولن تهون‮.
نقلا عن " الأخبار "


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.