في مقال لها في الجارديان البريطانية، كشفت الكاتبة التركية، إليف شافاق، صاحبة الرواية الأشهر قواعد العشق الأربعون، السبب الرئيسي وراء العداء الذي تكنه السلطات التركية تحت حكم رجب طيب أردوغان، للكتاب والأكاديميين والباحثين وخاصة النساء منهم. تحدثت شافاق، خلال مقالها عن الجيش الكامل من الكتائب التركية التي يجندها حزب أردوغان لاستهداف المبدعين في البلد الذي حكم عليها بالعيش تحت سلطته الغاشمة. وكشفت كيف كانت تلك الكتائب الإلكترونية، تقتطع العبارات من نصوص رواياتها وتروجها وتنشرها على وسائل التواصل الإجتماعي طالبت بمحاكمة الكاتبة بتهمة الفحش والبذاءة. خلال المقال، ذكرت شافاق التهمة التي وجهت إليها منذ شهرين وهي إهانة تركية، وهي التهمة التي سعي النظام لإلصاقها بكل معارض لسياسته الفاشلة. قالت الكاتبة التركية، إن ما يتم تجاه الكتاب والمبدعين الأتراك ما هو إلا إعدام رقمي إلكتروني عن طريق تشويه سمعتهم بسبب القضايا التي يتبناها هؤلاء الكتاب في رواياتهم وقصصهم القصيرة. وصل حد اضطهاد الكتاب في تركيا للدرجة التي دفعت الشرطة بمهاجمة المكتبات للبحث عن كتب بعينها. وأشارت شافاق إلى أن أحد أصدقائها أبلغها بأن الشرطة تحفظت على كتب دويجو آسيا، وهي إحدى الكاتبات المناصرات للنسوية توفيت عام 2006. منذ محاولة الانقلاب عام 2016، تم إغلاق 29 دار نشر، وتم حظر 135000 كتاب من المكتبات العامة، بما في ذلك تلك التي كتبها لوي ألتوسير وناظم حكمت، أعظم شاعر تركي. وقال: "تحب السلطة الاستبدادية تقسيم المجتمع إلى معسكرين: الأخيار وهم أبناء الشعب العاديين والنخبة الفاسدة وغالبًا ما يقع الكتاب والشعراء والصحفيين والعلماء في القسم الثاني من التصنيف". تستمر صاحبة قواعد العشق الأربعون في سرد مدى التشوه الذي وصلت له عقليات العديد من المثقفين والنخبة المؤيدة لنظام الحكم التركي المستبد، حيث قالت إن أحد رؤساء الجامعات التركية في حوار تليفزيوني له قال نصا إنه يفضل الاستماع ويثق في الأشخاص الجهلة أكثر من المثقفين المعارضين، وأضاف رئيس الجامعة أن الرئيس أردوغان هو صمام أمان تركيا، وسوف تنهار البلاد في حالة تركه للحكم. أكدت الكاتبة أن تلك النوعية المتسلقة والمنافقة من المثقفين، هي من تحظى بكافة الفرص في البلاد التي يحكمها ديكتاتور، ومن ثم تم مكافأة رئيس الجامعة وتمت ترقيته من قبل المجلس الأعلي للجامعات لمنصب أعلى، وأن هناك عداء واضح تجاه المثقفين في ظل حكومة حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان. تم فصل أكثر من 7300 أكاديمي بواسطة قانون الطوارئ. اتهم حوالي 700 باحث بسبب توقيع عريضة سلام، فقدوا وظائفهم و أدرجوا في القائمة السوداء، وتم القبض على العديد منهم فرض حظر سفر أو مصادرة جوازات سفر العديد منهم. كل ذلك العداء الذي يواجهه المبدعون في هذه البلد دفع أحد مساعدي رؤساء الجامعات في تركيا إلي الانتحار بعد توجيه تهم له وحبسه بعد توقيع عريضة سلام. استمرت الكاتبة في سرد حكايات العديد من الصحفيات اللواتي تعرضن للسجن بسبب مقالاتهن وتغطيتهن للجرائم التي تقوم بها القوات التركية في سوريا ضد الأكراد والإيزيديات. تسير معاداة النظام لأصحاب الأفكار المتحررة بالتزامن مع معاداة النسوية، يخشى أردوغان وعصابته الحاكمة من النساء ويمارسون عليهن كل أنواع الضغط والظلم، معتمدين على تفسيراتهم المتخلفة ل مرجعيتهم الدينية. توضح إليف شافاق العناصر المشتركة بين فكر أردوغان وفكر الفاشية في جميع أنحاء العالم، ففي الوقت الذي كان يحث الرئيس التركي النساء على إنجاب 5 أطفال كانت تطبق قوانين مناهضة النسوية ومناهضة حق الإجهاض في بولندا من الأحزاب اليمينية المتطرفة. وأكدت الكاتبة أن هذه الأفكار لا تنبت إلا في التربة العنصرية التي تخشى التعددية، وتخشى المهاجرين، ويريدون زيادة عدد القوميين الفاشيين، عن طريق كبح جماح الحركات النسوية التي تسعى لتحرير المرأة من السلطة الأبوية التي يمارسها عليهم النظام الأبوي العنصري الديكتاتوري. كلما زادت الديكتاتورية وزاد العداء للقيم الليبرالية والحرية كلما زاد تفشي الشعبوية والقومية التي لن تعود على المجتمع إلا بمزيد من الاستقطاب والذي تنهار في ظله الديمقراطية ويتراكم الاستبداد في ظلالها.