منذ عقود طويلة بدأ المسلمون البحث عن مشروبات تساعدهم على تعويض نقص الغذاء والعطش الشديد طوال النهار، وبرعت كل منطقة في صنع مشروبها الخاص الذي اشتهر وامتد إلى المناطق المجاورة. مع بداية شهر رمضان وتزامنه مع فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة فى هذا التوقيت من العام يظهر الإقبال الشديد، بعد انتهاء ساعات الصيام وحلول موعد الإفطار على تناول المرطبات والعصائر لتعويض فترة طويلة من الصيام. تتربع مشروبات بعينها على مائدة المصريين فى الشهر الفضيل وعلى رأسها مشروب "الخشاف"، الذي يعد من المشروبات الرمضانية الشهيرة التي لا تخلو مائدة إفطار من تواجده والذي كان لارتباطه بشهر رمضان عوامل متعددة منها تاريخي وآخر ثقافي والتى نستعرضها فى السطور التالية: يتكون الخشاف من قطع فواكه مجففة مثل التين والمشمش والزبيب والقراصية، وتضاف إليها قمر الدين والبلح، والمكسرات بأنواعها في طبق واحد، وقد تتخلى الطبقات الإجتماعية الأقل دخلًا عن بعض مكونات الخشاف، حتى أن هناك من يكتفي بالبلح المبلل بقمر الدين فقط. أغلب الروايات تؤكد أن المشروب أصله تركي أو فارسي، ولكنه مزيج من حضارات بلدان قريبة جغرافيًا من بعضها، فكلمة "خشاف" في اللغة التركية تعني التمر المنقوع، وفي الفارسية تنطق«خوش آب» وتعنى الشراب الحلو أو العصير، أما كلمة الياميش فهي مصرية الأصل تعود للعصر الفاطمي، وتعني الفاكهة المجففة. نقل المصريون عن العثمانيين طريقة إعداد الخشاف، حتى بات المشروب الرسمى لشهر رمضان في مصر وعند حلول آذان المغرب، حيث أغلب العامة يقومون بتناول مشروب الخشاف والتوجه لقيام الصلاة ثم العودة للبدء فى وجبة الإفطار الأساسية. معظم مكونات الخشاف الحالية لم يعرفها المصريون منذ القدم.. فشهد الطبق تطورًا بمرور الزمن.. كان في البداية مقتصرًا على نقع التمر والزبيب وإضافة اللبن عليه.. ثم أضيفت له المكونات الأخرى الأغلى ثمنًا نتيجة ازدهار التجارة بين مصر والشام منذ العصر المملوكي.. حيث لم تكن الفواكه المنتجة محليًا في مصر تكفي للتجفيف وبعضها لم يكن يصلح. اعتاد المصريون تناول كوب خشاف مع أذان المغرب، حيث يتبركون بالبلح ويكسرون به صيامهم. ومنذ عقدين، بدأ البعض يفطر على كوب الخشاف، ثم يتوجه لصلاة المغرب فى المسجد. الخُشاف تركى الأصل، ومعناه نقيع التمر، وهو عصير مكون من قطع فواكه مجففة، كالتمر والتين والمشمش، تنقع فى الماء الساخن ساعة على الأقل، ويضيف المقتدرون لها القراصيا، أما مكسرات الجوز واللوز والبندق والصنوبر، فينقع كل منها على حدة، ساعتين على الأقل، قبل أن تضاف لمنقوع الفواكه، مع قليل من الماء وعصير قمر الدين والسكر.