ارتبطت عدد من المشروبات بشهر رمضان الكريم، وتتجلى بعضها في هذا الشهر دون باقي شهور السنة، ولا تخلو مائدة الإفطار من تلك المشروبات والتي لها فائدة كبيرة وقيمة غذائية مهمة لكل صائم، لما تحتويه على عناصر ومعادن وفيتامينات هامة لجسم الإنسان ومنها الخشاف وقمر الدين والعرقسوس. وكل من هذه المشروبات لها أصول تاريخية وفوائد غذائية سوف نتناولها في هذا التقرير. الخشاف الراعي الرسمي لمائدة رمضان فهو مرتبط بالشهر الكريم ، وهو ملئ بالعناصر الغذائية والصحية للإفطار، ويعتبر التمر العنصر الأساسي به ويضاف إليه العديد من ثمار الفواكه المجففه كالمشمش والبرقوق "القراصيا"، التين، وبعض المكسرات مثل "الزبيب وهو عنب مجفف، واللوز، وغيرها من المكسرات على حسب الرغبة. وهناك من يفضل تناول البلح فقط مع اللبن وقت الإفطار لإهميته وقيمته الغذائية. فوائده يحتوي على فيتامينات ومعادن هامة وذلك لأنه يجمع العديد من العناصر وكل منها لها فائدته، فالمشمش غني بالحديد وفيتامين "سي،أ، وب2"، والتين المجفف مصدر للحديد ويحتوي على حمض الفوليك، ويقي من الأنيميا، أما الزبيب يعمل على إزالة السموم من الجسم، ومقاوم الفيروسات، والقراصيا تحتوي على مضادات الأكسدة التى تقوي مناعة الجسم. وينصح عدم الاكثار من تناوله لمن يرغب في الحفاظ على وزنه ولا يزيد، لما به من سعرات حرارية عالية. وكلمة خشاف باللغة الفارسية تنقسم لقسمين "خوش آب" وتعني العصير والحلو، إنما باللغة التركية تأتي بمعنى منقوع التمر، وفي لغتنا العربية فهى الثمار الجافة. قمر الدين يعد من المشروبات الهامة، واشتهر به أهل الشام وخاصة سوريا، ويذكر التراث أن أصل تسميته لبلدة صغيرة بدأت صناعته وهى"أمر الدين"، وهو عبارة عن ثمار المشمش المجفف، ويقوم بتجميع المشمش الطازج وتجفيفف بسبب قصر موسمه. تجهيزه: يتم نزع بذور المشمش ووضعه في اناء وغليه حتى يصبح قوامه متماسك ثم يفرد خليط المشمش بصينية مدهونة بزيت الزيتون ويغطى بقماش ويترك بالشمس عدة ايام ويحفظ باكياس. تحضيره: يذاب في ماء بارد ويحلى بالسكر ويقدم بالثلج. فوائده: يحتوي على العديد من المعادن والألياف و مضادات الأكسدة والفيتامينات "سي،أ"، ويحتوي على نسبة كالسيوم تحمي العظام وتقي من هشاشتها، وهو مفيد لزيادة مناعة الجسم وتنظيف الأمعاء والوقاية من علامات التقدم في السن، وتقوية البصر ويزيل الأرق بجانب اهميتة لحالات فقر الدم. التمر هندي يحتوي التمر هندي الطبيعي وليس الصناعي، على مضادات حيوية تبيد الكثير من السلالات البكتيرية الضارة، ويعتبر مصدر لتهدئة الأعصاب و مفيد في حالات الإمساك، ويعزز من صحة القلب ويستخدم في حالات ارتفاع ضغط الدم. تحضيره: يغسل ويوضع على النار حتى يغلي ثم يصفى باستخدام قطعة قماش شفافة، أو يترك فترة طويلة منقوع في الماء ويصفى، ثم يحلى حسب الرغبة ويقدم بارد. وموطنه الأصلي أفريقيا الإستوائية، ثم انتشر بمصر والهند وانتقل لأوروبا عقب التجار العرب خلال الفتوحات الإسلامية، وقيل أن الفراعنة زرعوا التمر خلال العصور الوسطى، حيث عثر علماء الآثار على بعض اجزاء منه في مقابر الفراعنة باعتباره وصفة علاجية لأمراض المعدة و قتل الديدان في البطن. قال عنه أبو بكر الرازي : "عصارة التمر الهندي تقطع العطش لانها باردة طرية". بالإضافة إلى ابن سينا قال: "التمر الهندي ينفع مع القيء والعطش في الحميات ويقبض المعدة المسترخية من كثرة القيء. يسهل الصفراء والشراب من طبيخه قريب من نصف رطل ينفع الحميات". عرقسوس "شفا وخمير يا عرقسوس" هكذا اطلق عليه قديماً لما تحتوي عصارته على الكثير من الفوائد العلاجية و استخدمه أطباء المصريين القدماء لتخفيف مرارة الدواء، ويعالجون به أمراض الكبد والأمعاء، والسعال الجاف والربو والعطش الشديد، كما استخدمه البابليون كمادة مقوي للجسم ومناعته، وعرف قديماً بأهميته للجهاز الهضمي، والصدر، الأعصاب، الصدفية، وحالات القئ، تهيج وقرحة المعدة، ولكن يحذر أيضاً شرابه اصحاب الضغط المرتفع. وتم اكتشافه بعهد الفراعنة حيث وجدت جذور العرقسوس بمقبرة توت عنخ آمون التي تم اكتشافها1923، ويستخرج من نبات السوس وهو نبات معمر يحتوي على عناصر "البوتاسيوم، والكالسيوم، والماغنسيوم"،فهو مضاد حيوي طبيعي للجسم. وقال عنه الأطباء العرب الكثير من الفوائد العلاجية مثل ابن سينا: " إن عصارته تنفع في الجروح وهو يلين قصبة الرئة وينقيها وينفع الرئة والحلق وينقي الصوت ويسكن العطش وينفع في التهاب المعدة والأمعاء وحرقة البول ". وقال ابن البيطار " أنفع ما في نبات العرقسوس عصارة أصله وطعم هذه العصارة حلو كحلاوة الأصل مع قبض فيها يسير ولذلك صارت تنفع الخشونة الحادثة في المريء والمثانة....". ويذكر أن كلمة عرقسوس تنقسم لمقطعين عرق بمعني جذر، وسوس تعني متأصل ، ويرجع تاريخ العرقسوس للقدماء المصريين والفراعنة ويشربه الملوك، إلي أن انتقل للعامة وأصبحت مهنة بائع العرقسوس في شوارع العديد من الدول. السوبيا تعد مشروب محبب للكثيرون، وهو مفيد للكلى ولعلاج حصوات المرارة. وهناك اقاويل ترجع السوبيا لعصر المماليك حين افتقر بيت المال من الدقيق وزاد الأرز والسكر، وتمت صناعة السوبيا بهم، وبعد فترة قل الأرز ببيت المال وتحولت السوبيا من مشروب شعبي لمشروب الأغنياء. مكوناتها في مصر تتكون من الأرز المسلوق ولبن وسكر حسب الرغبة ويمكن إضافة المكسرات والقرفة عليها، وهناك من يصنعها من الشعير والسكر وقليل من جوز الهند وهذا هو المنتشر في الشوارع، وهناك نوع أخر يتم تناوله بالملعقة لقوامه الغليظ ويصنع من سكر مطحون ولبن وسكر، ولتحصل على سوبيا مززة استبدل السكر بقليل من ملح الليمون، وهناك من يتناولها مكس مع التمر هندي. وهناك بعض الدول تصنعها بالزبيب والخميرة وحب الهال، ويحذر تركها لمدة تزيد عن يومان حتى لا تتحول لخمر وتزيل عقل شاربها. الخروب تعتبر شجرة الخروب ذات أصول عربية ومشهورة بنموها في ليبيا وفلسطين وبلاد الشام والمغرب والمشرق العربي، وهناك من يرجع موطنها الأصلي منذ أربعة ألاف عام لبلاد الشام وقبرص والعراق، ثم انتشر باليوننان وإيطاليا وانتقل لأسبانيا والاندلس عبر التجار العرب وأطلقوا عليه هناك "خروبو". وهناك روايات ترجع ظهور شجرة الخروب لأول مرة في مصر منذ الألفية لثانية قبل الميلاد، حيث أوضحت تقارير تحتمس الثاني ورمسيس الثالث، أن خشب الشجرة استخدم للبناء، وتم استخراج من ثمرة شجرة الخروب شرائط النسيج المستخدمة في تحنيط الموتى. كما تم ذكر الخروب في الإنجيل، وكان أسمه "خبز القديس حنا"، أو"قرن الخروب". فوائده: يعد الخروب وصفة طبية وعلاجية لما يحتويه من عناصر غذائية كبيرة، كالفيتامينات و البروتين بجانب عدة معادن منها البوتاسيوم والكالسيوم، وكلها مفيدة للجسم. فهو مفيد في حالات السعال الحاد، والإمساك والإسهال، ومدر للبول،ويخلص الجسم من الماء الزائد به، ويعالج قرحة المعدة والأمعاء ويمتص السموم والبكتريا منها،ويقلل حالات القئ، ويخفض نسبة السكر في الدم بجانب خفض نسبة الكولسترول لذلك فهو هام جداً لمرضى السكر والقلب، بجانب تنشيط الدورة الدموية. بالإضافة إلى إمكانية مضغ ثمار الخروب جافة والتي تنشط اللثة اثناء عملية المضغ. تحضيره: تنقع ثمار الخروب يوم كامل ثم تغلى وتصفى بواسطة شاشة خفيفة، ويحلى بالسكر ويقدم بارد.