أعتقد انه لم يدر بخلد اكثر المتشائمين في مصر ،يوم 11 فبراير عام 2011 الذي اعلن فيه حسني مبارك تخليه عن السلطه ،ان يصل الحال في مصر بعد عامين من ثورة شهد لها العالم اجمع بسلميتها ورقيها ،الى ما نحن فيه الان من انشقاق ومحاولة فصيل السيطرة على البلد بأكملها ،وتخوين كل من يعارضه ،وانهيار اقتصادي لم يسبق له مثيل ،وتنصيب الجهله وانصاف المثقفين على مفاصل الدولة ،من اجل تمكين جماعة الاخوان المسلمين من الحكم دون النظر الى الحالة المذرية التي وصل لها المواطن المصري البسيط ،والى حالة الفوضى التي تشهدها البلاد والانفلات الامني والاخلاقي الذي ضرب عمق المجتمع المصري . عامان مرا على الثورة المصرية ،والمحصلة صفر ..بل اقل من الصفر كثيرا ،أعتقد ان مصر اصبحت في طريقها الى عصر الجاهلية الاولى ،فهناك انهيار كامل في مرافق الدولة لم نشهده من قبل من طرق وشبكات مواصلات ،وازمات خطيرة في الكهرباء والوقود ووصل الامر الى رغيف العيش الذي تفتق ذهن الجماعة الى صرف 3ارغفة فقط للمواطن في اليوم الواحد من الخبز المدعم وببطاقة التموين ،و5 لترات من البنزين للاسرة يوميا ايضا ،والمرحلة المقبلة اعتقد انه سيتم الاستغناء عن السيارات ووسائل النقل التقليدية ،والعودة الى ركوب الدواب مرة اخرى فهي موفرة للوقود وتقضي على زحام المرور ،كما سيتم توحيد الملابس للمواطنين بجلاليب من الكستور ستكون مدعمة ايضا . خرج الشعب المصري عن بكرة ابيه يوم 25 يناير 2011 ليطالب بالعيش والحرية والعدالة والكرامة ،وتخيل انه بعد سقوط نظام مبارك سيصل الى اهدافة ويحققها ،ولكنه وبعد كل تلك التضحيات ودماء الشهداء التي سالت ،تم خداع ذلك الشعب البسيط المسكين لتقفز على السلطة جماعة الاخوان المسلمين وتنفذ مخططها واهدافها وتبعد كل من شارك في تلك الثورة بل وتوجه اليه اتهامات الخيانه والعمالة ، وتطلق العنان لميليشياتها لتضرب وتسحل كل من له رأي مخالف ،او كل من يعترض على حكم الجماعة أو فكرها او رموزها ،بل انها حللت لنفسها التظاهر ومحاصرة الاماكن الحيوية وترهيب القضاة والاعلام ،وسب واهانة الجميع دون اية محاسبة او عقاب . لقد وضعت جماعة الاخوان المسلمين نصب عينيها منذ وصولها للحكم تفكيك وتدمير 3 جهات اساسية في مفاصل الدولة المصرية ،وهي الشرطة والقضاء والقوات المسلحة المصرية ،واخضاع تلك الجهات السيادية تحت امرة الجماعة ،فما حدث مع الشرطة ليس ببعيد عندما تم تكسيرة خلال الثورة ،وفي كل وقت تستعيد فيه الشرطة قوتها كانت تفتعل العديد من المشاكل من اجل جرها الى صدام مع الشعب ،والمطالبة المستمرة بتطهيرها ،كل ذلك اثر بشكل كبير على اداء تلك القوات وانهكها . المعركة الثانية مع قضاء مصر الذي يشهد له العالم بالكفاءة والنزاهه فنجد محاصرة المحكمة الدستورية ،وتعيين نائب عام بالمخالفة ،واتهام وكلاء النيابة بالبلطجية ،واصحاب المصالح ومحاولات الاعتداء على رموز القضاء ،بجانب محاولات شق الصف بين القضاة من اجل التغلغل داخل تلك المؤسسة العريقة . اما بالنسبة للقوات المسلحة الدرع الاخير للشعب المصري ،فنجد انه تم تنفيذ عمليات ممنهجه لتشويه صورتها خلال المرحلة الانتقالية ،واتهام رجالها بالقتلة والخونه وادخال اطراف اخرى ليشتعل صراع بلا اي داع من اجل جر رجال الجيش الى صدام مع الشعب ،وتشويه صورته داخليا وخارجيا ،وما ان وصل الدكتور محمد مرسي الى سدة الحكم حتى واتته الفرصة لاقالة المشير طنطاوي والفريق عنان ،وتصورت الجماعة انها بذلك استطاعت ان تسيطر على الوضع في الجيش المصري ،وهو بالفعل الامر ببعيد المنال عنها ،لان جيش مصر هو جيش وطني لا يعمل لحساب فصيل ،ونجد ان هناك بعض التسريبات التي خرجت للطعن في جيش مصر من خلال تحويل المشير الى المحاكمة ،ومن بعدها تصريحات مرشد الجماعة ضد قادة الجيش ،وربما كانت تلك التسريبات كبالونات للاختبار لمعرفة ردة الفعل في الجيش وفي الشارع المصري ،الا ان ردة فعل القادة في الجيش عنيفة وموجعة مما جعلهم يتراجعون في كافة تلك التسريبات والاحاديث ،ولكن ذلك لن يمنع انهم مستمرون في مخططاتهم . لم يكن يتوقع احد حالة الانهيار السريعة التي شهدتها مصر ،لم يتوقع احدا ان تفقد مصر دورها الريادي في منطقة الشرق الاوسط وفي العالم بهذه السرعة ،ولا يمكن ان نتخيل ان مصر اصبحت تابعة لدولة صغيرة مثل قطر ،ولا يمكن ان نتخيل ان علاقاتنا الاستراتيجية والقوية مع دول الخليج العربي اصبحت على شفا الانهيار بسبب سوء الادارة في البلاد . اصبح الحزن هو السمه الاساسية على وجوه المصريين ،بعد ان كانت البسمه لا تفارقة في اصعب الظروف ،والاحباط هو العنصر المشترك بين طوائف الشعب كافة ،الخوف من المستقبل والمجهول ما يفكر فيه المصريون حاليا ،كل ذلك بسبب استحواذ الاخوان المسلمين على الحكم ،بعد تفصيلهم الدستور وتمكينهم من مفاصل الدولة . فهل ستبقى مصر هكذا كثيرا ولسنوات طويلة ،هل ستعود البسمة والامل في غد افضل ،هل ستأخذ مصر دورها القيادي في المنطقة؟ ،اسئلة كثيرة وعديدة ،واعتقد انها ستضح خلال اليومين المقبلين في ذكرى الثانية للثور .