استعرض برنامج «صباح البلد» المُذاع على قناة «صدى البلد»، اليوم الأحد، مقال الكاتبة الصحفية إلهام أبو الفتح بجريدة "الأخبار" بعنوان "أين طفل البلكونة". وقالت "أبو الفتح" في المقال: انخلع قلبى منذ أيام وأنا أعيد مشاهدة حادث طفل البلكونة الذى نشر منذ شهرين، تحديدًا في شهر يناير الماضي.. يومها خلع قلوب كل الأمهات. .. مازلت أذكر الصدمة التى هرعت بسببها عدسات التليفزيون إلى الأم، رأيناها وهى تدفعه ليقفز من الشباك إلي بلكونة في الطابق الرابع من إحدى العمارات.. الطفل كان يصرخ رعباً.. وهي تُصر على أن يكمل العبور للبلكونة.. بينما يمزق صوت صراخه القلوب بما فيهم مصور الفيديو الذى لم تظهر صورته بل ظهر فيها مشبك حبل الغسيل فى الشقة المقابلة، كان صوته مرعوباً وهو يقول للأم الواد هايقع يا ست، لكنه لم يترك التصوير ويهرع لإنقاذه، لكنى فى نفس الوقت أعذره بصرف النظر عن بُعد المسافة حتى يصل إلى الطفل لكنه لولا تصويره ما اهتز المجتمع للجريمة التى كادت تقع فى حق الطفل والأم وأسرتها الغلبانة، والحمد لله تحت ضغط من حولها سحبته للداخل.. لكنها أصرّت على عقابه بالضرب وسمعنا صرخاته من داخل المنزل؟ أين هو الآن؟ بالتأكيد وقعت عليه عيون مُبادرة من عشرات المبادرات التى تعلن عن نفسها كل يوم لإنقاذ حياة طفل أو إغاثة عجوز أو مريض أو ملهوف.. خاصة أن من فعلت به هذا هي أمه.. نعم أمه وليست زوجة أب مثلا ممن اعتدنا منهن مثل هذا القلب الحجر مع أطفال زوجها.. لكنها أمه ومثلها توجد أمهات أخريات يتعامل بجهل وبلادة أحيانا وبعنف وقسوة مع أبنائهن .. وهؤلاء هم وأطفالهم فى المجتمعات الفقيرة من يحتاجون منّا إلي الرعاية والعناية والمتابعة .. وليس أطفال التابلت والكى جى انترناشونال! نحن نحتاج إلى أن نعرف هل هناك متابعة لهذه الأسرة وأمثالها وهل هناك توعية وحماية ورعاية للأطفال الآخرين المُعرضين لمثل هذه المعاملة من أسرهم.. هذه المرة من البلكونة مرات أخرى ممكن أن تحدث بنوع العمل أو بقيادة توك توك أو ادعاء الإصابة أو احتمال عاهة مستديمة لتكون مصدر دخله، هناك مئات الحالات لأسر تسحب أطفالهم من التعليم وتدفعهم للتسول أو العمل ولدينا حالات كثيرة من العنف الجسدي سواء من جانب الأب أو الأم وهي في زيادة مستمرة رغم وجود قانون للطفل ومجلس للطفولة والأمومة ووزارة تضامن لا تبخل عن الرعاية لأطفال الشوارع لكن كل هؤلاء لا يظهرون إلا بعد ظهور ضجة إعلامية أو حادث صادم بطله طفل أو طفلة.. رغم وجود تقارير ودراسات حول العنف الأسري يتطلب من كل هذه الجهات أن تنزل إلي أرض الواقع، وأن يكون التحرك استباقيًا.. وتعامل مع الشارع لتنقذ آلاف القلوب التى تحوّلها ظروف الحياة إلى حجارة بل أشد قسوة، على أطفالهم فينقلبوا بدورهم إلى مشروعات إجرامية بعد أن رضعوا العنف وتربوا علي القسوة! قرأت مؤخرًا تقريرًا لمنظمة اليونيسيف عن العنف ضد الأطفال... وأخطر ما قرأته في هذا التقرير هو أن ثلث الأمهات في مصر يرون أن العنف الجسدي مقبول وأنهم يمارسونه ضد أطفالهم للتربية وصقل شخصيتهم وهناك العديد من الجرائم التي تم نشرها بعد بلاغات لأقسام الشرطة.. لم أسمع أن أي جهة تحركت لحماية أطفالنا أو حتى لنفي الخبر وتكذيبه.. فمنذ أسابيع قرأت أيضا عن جريمة في حي السلام.. قام أب بتعذيب طفليه، بعد انفصاله عن أمهما، واظب علي تعذيب طفليه بمشاركة زوجته الجديدة .. ونجح الطفلان في الهروب إلي منزل الأم التي قررت إيداعهما دار رعاية نفسية فاستعادهما الأب وكان عقابه شديدا وقاسيا تسبب فى موت الطفلة وبقي الولد تحت رحمة الأب الذي هدده بأن يشهد بأن أخته ماتت بعد أن صدمتها سيارة ولولا يقظة الشرطة لأفلت الأب بجريمته.. قصص كثيرة تدمي القلوب من قسوة البعض علي فلذات أكبادهم.. والمشكلة أن قانون الطفل يقف إلي جانبهم فهو ينص علي حق الطفل في اللعب والحركة والحياة والمرح، وأن الأب أو الأم أو من يتولى رعاية الطفل حق تأديبه، ولكنني لا أدري كيف يتم هذا التأديب ؟ هل هو بالضرب أو العنف أم باللين أو التوجيه والإرشاد ماهو حدود هذا التأديب ومتى نعتبر انه عنف هل بعد إصابة الطفل ووفاته أم بعد أن يتشوه نفسيا ويصبح خطرا على نفسه وعلي أسرته أم بعد سقوطه من البلكونة. مطلوب فورا حملة توعية تعمل فى اتجاهين الاتجاه الأول تسأل لنا المُشرِّع عن مفهومه المطلق لحق التأديب الذى يجب ألا يصل للحدف من البلكونة أو في النيل والاتجاه الثانى تنشر الوعى عند الآباء أن حق التأديب يكون بالإقناع والحرية والحب ولا يعنى إطلاقا تطبيق المثل الشعبى المعروف اكسر للبنت ضلع يطلع لها 24 أو اللي ميعلموش أبوه وأمه؛ تعلمه الأيام!