تحيي منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو اليوم العالمي ل "اللغة الأم" لعام 2019 تحت شعار "لغات السكان الأصليين مهمة من أجل التنمية وبناء السلام والمصالحة"، حيث تعد اللغات هي الأدوات الأقوى التي تحفظ وتطور التراث الملموس وغير الملموس. ودأبت العاصمة الإماراتيةأبوظبي خلال السنوات الماضية على دعم مبدأ الحفاظ على اللغة العربية والتراث العربي من خلال المسابقات المتنوعة، ولعل أبرزها المسابقات الثلاث التي تنظمها إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، وهي "أمير الشعراء"، و"شاعر المليون"، و"المنكوس". ويُعد برنامج "أمير الشعراء" أكبر مسابقة تليفزيونية من نوعها على مستوى المنطقة، ويتنافس على مضمارها شعراء القصيدة الفصحى بكل ألوانها وأطيافها، سواء القصيدة العمودية المُقفاة كما عرفت منذ العصور القديمة، أو ضمن النمط الحديث، نمط القصيدة الحرة أو قصيدة التفعيلة. أُطلق برنامج أمير الشعراء عام 2007 ليعيد الشعر العربي الفصيح إلى صلب المشهد الثقافي في المنطقة، وذلك مع مضيّ أبوظبي قدمًا نحو تحقيق هدفها في التحوّل إلى عاصمة ثقافيّة اقليميّة. فالشعر الذي كان الشغل الشاغل للناس، ووسيلة الإعلام ومنبر الرأي والإبداع خلال قرون من التاريخ المشرق للعرب، يعود مع برنامج "أمير الشعراء" ليشكل جسرًا بين عشاق لغة الضاد في العالم العربي وابعد، وظاهرة اعلامية غير متوقعة في عصر السرعة والتبسيط والإعلام الجديد. أما برنامج "شاعر المليون" هو من دون شكّ يعد من أبرز العلامات الفارقة في عالم التلفزيون العربي.. فقد أعاد هذا البرنامج الذي يقوم على إنتاج ضخم ويقدم جوائز تكاد تكون غير مسبوقة، الشعر النبطي الى عصره الذهبي.. خمسة ملايين درهم للفائز بالبيرق، اي المرتبة الاولى، ما يتجاوز قيمة جائزة نوبل على سبيل المثال! البرنامج المخصص للشعر النبطي بشكل حصري، يتألف من مرحلتين: مرحلة اولى يقوم خلالها فريق الإنتاج بزيارة مختلف البلدان في المنطقة لاختيار المتسابقين ويتم بث الحلقات مسجلة في هذه المرحلة، ثم المرحلة الثانية التي تقام على مسرح شاطئ الراحة وتبث على الهواء مباشرة على قناة أبوظبيالإمارات وقناة بينونة وعدد من الفضائيات العربية. يحظى البرنامج بمعدلات مشاهدة مرتفعة ويشكل ظاهرة اعلامية واجتماعية بكل معنى الكلمة سيّما ان المتسابقين يطرحون في قصائدهم شؤون الوطن والمجتمع والانتماء والقيم القبليّة والولاء، وغالبًا ما يلهبون مشاعر الجماهير في المنطقة ويعود الشعر ليصبح الشغل الشاغل للمجتمع، كما كان في العصور الغابرة. تجري منافسات المتسابقين للحصول على لقب "المنكوس" ضمن 8 حلقات تقدم أمام جمهور مسرح شاطئ الراحة بأبوظبي وتبث على الهواء مباشرة عبر قناتي " الإمارات وبينونة "، وتتضمن منافسات المشاركين الذين تأهلوا من الحلقات التسجيلية التي تم عرضها سابقًا، وتسير مجريات كل حلقة وفق آلية معينة سيتم الإعلان عنها في الحلقة المباشرة الأولى من البرنامج. ويتبع كل حلقة مباشرة، عرض حلقة تسجيلية بعنوان "كواليس المنكوس"، بواقع 8 حلقات تسجيلية، حيث تتضمن كل منها نشاطات المشاركين في البرنامج، وزياراتهم خلال الأسبوع، بعيدًا عن أجواء المنافسة. أما برنامج ومسابقة المنكوس، التي انطلقت فعاليات نسختها الأولى الشهر الماضي، تدعم الحفاظ على اللغة العربية من زاوية مختلفة، من خلال دعم أحد بحور الشعر النبطي.. فقد استقبل برنامج "المنكوس" أكثر من 300 مشاركًا من عدد من الدول العربية لأداء لحن المنكوس، أحد ألحان وبحور الشعر النبطي. ويعتبر "المنكوس" أحد بحور الشعر النبطي الطويلة التي تطرب سامعها وتشده إليها، وذلك من خلال تفعيلته المتميزة عن غيره من بحور الشعر الأخرى، وتفعيلة المنكوس هي من البحر الطويل (فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن) مع الالتزام بالقافية في صدر بيت الشعر وعجزه. ويوجد ل المنكوس عدد من الألحان المتعارف عليها في منطقة الخليج العربي، ولقد قامت لجنة التحكيم باختيار عدد منها لتكون ضمن معايير التقييم في الحلقات المباشرة، بالإضافة إلى عدد من المعايير المهمة والتي تعتمد على جمالية الصوت وقوته وطريقة الأداء عبر إتقان اللحن، وطول النفس. وترجع تسمية المنكوس بهذا الاسم إلى طريقة أدائه في الغناء، إذ يبدأ المغني بطبقة صوت مرتفعة تنخفض شيئًا فشيئًا مع الشطر الأول من صدر البيت الشعري لتبلغ أوجها في نهاية هذا الشطر، ثم تعود وتنتكس (تنخفض) بشكل متدرج في الشطر الثاني من البيت. كما أن هناك من يرجع تسمية المنكوس بهذا الاسم إلى حركة طائر الورقاء "أم سالم"، الذي يستدل البدو من حركته هذه على قدوم فصل الصيف، إذ أنّ صوت هذا الطائر وتغريده يزداد كلما ارتقى إلى الأعلى، ثم لا يلبث صوته الشجي أن ينخفض كلما انتكس نازلًا نحو سطح الأرض، كما يطلق على المنكوس اسم طارق أو لحن المنكوس، لأن المؤدي يطرق بصوته مسامع الآخرين أثناء الأداء. على هذا النحو تواصل لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية التي تأسست بقرار صادر عن الأمانة العامة للمجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي بتاريخ 3 فبراير 2013، نشاطها لدعم اللغة العربية. وتهدف رؤية واستراتيجية اللجنة إلى تعزيز قيم الولاء والانتماء من خلال ممارسة التراث الإماراتي والعربي الأصيل. كما تعمل على ترسيخ قيم الموروث الإماراتي في الوفاء والولاء للقيادة والوطن كمثل أصيل يحتذى به وضمان استدامته. تخدم جميع أنشطة اللجنة الاستراتيجية الثقافية لإمارة أبوظبي ودولة الإمارات العربية المتحدة، وتساهم في الحفاظ على الموروث الثقافي، وتعمل على إيصال الرسالة الحضارية والإنسانية للإمارات لمختلف ثقافات وشعوب العالم، فضلاً عن الترويج لأبوظبي وللمؤتمرات والأنشطة والفعاليات التي تنظمها وتستضيفها. تدير اللجنة العديد من المهرجانات والبرامج التراثية والثقافية التي تلعب دورًا بارزًا في صون التراث، والترويج لممارسته خاصة بين الأجيال الناشئة، وهو ما يسهم في الحفاظ على هذا التراث، ويبرز قيم حب الوطن والولاء للقيادة، منها برنامج "شاعر المليون"، برنامج "أمير الشعراء"، برنامج "الشارة " التراثي الثقافي، مهرجان ليوا للرطب، مهرجان الظفرة، المعرض الدولي للصيد والفروسية، مهرجان الصداقة الدولي للبيزرة، مهرجان الظفرة المائي، فعاليات العيد الوطني، أكاديمية الشعر، قناة بينونة التليفزيونية، فرقة أبوظبي للفنون الشعبية، مجلة شاعر المليون، مجلة شواطئ، أكاديمية نيويورك للأفلام، بالإضافة لأي برنامج أو مهرجان أو فعالية ثقافية أو تراثية يتم تكليف اللجنة بها.