في مشهد جديد على الشارع المصري، لم ير مثله طيلة العقود الماضية، ظهر قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، مساء اليوم الأحد، في افتتاح مسجد الفتاح العليم بالعاصمة الإدارية الجديدة بجوار الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ورجال الدين الإسلامي والمسيحي ولفيف من رجال الدولة. ومن المقرر أن يكون مسجد الفتاح العليم بالعاصمة الإدارية الجديدة هو المسجد الرسمي للدولة الذي ستقام فيه صلاة الأعياد والاحتفالات الدينية، ويقع المسجد، على الطريق الدائري الأوسط الجديد، ويتكون من دور أرضي، يضم صحن المسجد بمساحة 6325 مترًا، وبه 5 مداخل رئيسية، منها 2 للسيدات و3 للرجال. ويتسع المسجد ل6500 مصلٍ و1200 سيدة، وتستوعب الساحة الموجودة أمام المسجد تستوعب 7 آلاف مصلٍ، فيما يستوعب بدروم المسجد أكثر من 1500 مصلٍ، ليصل استيعاب المسجد بالكامل إلى 17 ألف مصلي. وألقى البابا تواضروس كلمة أمام العالم أجمع، من قلب مسجد الفتاح العليم، تؤكد على قوة ومتانة علاقات الإخوة والتسامح التي تربط مسلمي ومسيحيي مصر، قال فيها: إننا نسجل صفحة جديدة في كتاب الحضارة المصرية العريقة، مضيفا: "مصر التي علمت العالم فن الأعمدة فكانت المسلة في العصور الفرعونية وكانت المنارة في العصور المسيحية والمئذنة في العصور الإسلامية". وأضاف: "نحن في هذا اليوم نشهد مناسبة غير مسبوقة في التاريخ ونحتفل فيها ونرى ونشاهد أن المآذن في مسجد الفتاح العليم تتعانق مع منارات كاتدرائية ميلاد المسيح". وتابع: "نحن نرى افتتاح هذه الصروح العالية في هذه العاصمة الجديدة التي تفتح آفاق المستقبل أمام مصرنا الحبيبة، ونرى في رمزية الافتتاح أن مصر ترى وتهتم بالقوى الناعمة فيها، وإن المسجد والكاتدرائية بنيت بأموال وتبرعات المصريين وكان السيسي أول المتبرعين فيها وبنيت بجهود وإبداع المصريين"، مضيفا: كمواطن مصري أقف في المسجد وأفرح بهذه المناسبة السعيدة التي تسجل في تاريخ مصر.
وبالرجوع للتاريخ إلى الوراء يتضح لنا أن هذه ليست المرة الأولى التي يدخل فيها رجل دين مسيحي إلى مسجد ويلقي كلمة لجموع المصريين والعالم، حيث شهدت فترة ثورة 1919 ظهور القمص سرجيوس المولود بجرجا فى سوهاج سنة 1882م، والذي يعد قسا وخطيبا وثائرا وطنيا قدم نموذجًا حيًا لمعنى الوحدة الوطنية، عاش حاملًا رأسه فوق يديه ووقف فى وجه الإنجليز فى مصر والسودان وخطب فى الأزهر وفى مسجد ابن طولون وفى العديد من مساجد مصر وألهب مشاعر المصريين جميعًا بما وهبه الله من موهبة الخطابة وبلاغة اللسان. ففى سبتمبر سنة 1912م أصدر الأب سرجيوس مجلة المنارة المرقسية فى مدينة الخرطوم عندما كان وكيلًا لمطرانيتها، وكان هدف المجلة دعوة المسلمين و الأقباط إلى التآخى وتقويم الاعوجاج ، مما أثار غضب الإنجليز حينها وأمروا بعودته إلى مصر فى 24 ساعة فقط. وبرز نجم القمص سرجيوس، أثناء ثورة سنة 1919م، برز، حيث شبهه البعض ب عبدالله النديم، كما أطلق عليه الزعيم الراحل سعد زغلول لقب خطيب مصر أو خطيب الثورة الأول.