قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن هناك فرقًا بين البدعة السيئة، والسُنة الحسنة، فالسُنة الحسنة من الدين، بينما البدعة ضد الدين وناقضة له. وأضاف «جمعة»، خلال لقائه ببرنامج «والله أعلم» المذاع على فضائية «سي بي سي»، أن الاحتفال بمولد سيدنا عيسى –عليه السلام-، ليس بدعة، فهو نبي عندنا، والاحتفال بمولده من الدين، تعبيرٌ عن الفرح به، كما أن فيه تأسِّيًا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم القائل في حقه: «أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ» رواه البخاري. وتابع: «لو علمنا يوم مولد سيدنا إبراهيم -عليه السلام- سوف نحتفل به؛ لأن هؤلاء أنبياء أُمرنا باتباعهم وحبهم»، لافتًا إلى أن النبي –صلى الله عليه وسلم- لم يكن لديه نصارى يحتفلون بمولد المسيح حتى يشاركهم الاحتفال، وإنما كان لديه يهود فعلمنا كيف نتعامل معهم، حيث عندما دخل على يهود يحتفلون بيوم نجاة سيدنا موسى عليه السلام احتفل به وقال: «نحن أولى بموسى منكم». وألمح إلى أن المتشددين تعلموا أبجدية الدين خطأ ففهموا النصوص فهما مشوها مما أدى بهم لوصم الإسلام بما ليس فيه، وتكفير البعض وتحريم الاحتفال ببعض المناسبات. واختتم أن المراد من قوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه مسلمٌ: «كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» ما جاء على غير أصول الشرع المتفق عليها وخالف منهج الإسلام الصحيح وليس كل ما هو محدَث. وواصل: يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه مسلمٌ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»، ومفهوم هذا الكلام النبوي البليغ أن من أحدث فيه ما هو منه فهو مقبول؛ تمامًا كما فعل سيدنا عثمان رضي الله عنه في الأذان الثاني يوم الجمعة، وما فعله سيدنا عمر رضي الله عنه من جمع الناس على التراويح جماعةً عشرين ركعة، فكان ذلك منهما سُنةً حسنة، وهكذا، وهذا هو فهم الأئمة والمذاهب الفقهية المتبوعة، وهو ما جرى عليه عمل المسلمين سلفًا وخلفًا من غير نكير معتبَر، ولو لم نقل بذلك لضاقت على الناس معايشهم ولأصبح واجبًا عليهم ترك كثير من أمور حياتهم ومعيشتهم. ولفت إلى أن العلماء يقسمون البدعة إلى أقسام: فمنها المباحة، ومنها المستحبة، ومنها المحرمة، ومنها المكروهة، ومنها الواجبة؛ أي إنها تعتريها الأحكام التكليفية الخمسة، مضيفًا: وقد شذ في هذه المسألة بعضهم فزعم أنه ما من بدعة إلا وهي سيئة؛ مخالفًا بذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا...، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا...» رواه مسلم.