سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نيران السترات الصفراء تشعل فرنسا.. احتجاجات واسعة واشتباكات عنيفة مع الشرطة.. أعمال سلب ونهب في باريس.. ومتظاهرون يقتحمون قوس النصر .. وإصابة العشرات واعتقال 183 شخصا على الأقل
نيران السترات الصفراء تشعل فرنسا : الشرطة الفرنسية تعتفل 183 شخصا على خلفية الاحتجاجات المتظاهرون يضرمون النار في السيارات وعدد من المرافق العامة استنفار أمني في باريس وإغلاق عدد كبير من محطات المترو موجة جديدة من الاحتجاجات ضربت فرنسا ،اليوم السبت، تلبية لدعوة جديدة من حركة "السترات الصفراء"، وشهدت المظاهرات التي نظمتها الحركة للأسبوع الثالث على التوالي أعمال شغب واشتباكات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين، أسفرن عن إصابة 80 شخصا على الأقل، كما قامت الشرطة باعتقال 183 شخصا من محتجي السترات الصفراء. وقدرت وسائل إعلامية عدد المتظاهرين خلال احتجاجات اليوم بأكثر من 75 ألف متظاهر في أنحاء فرنسا، وهو عدد قليل بالنسبة لاحتجاجات الأسابيع الماضية، حيث وصل عدد المتظاهرين ، السبت الماضي، 282 ألف شخص، وقبلها بأسبوع تظاهر 106 آلاف شخص تلبية لدعوة السترات الصفراء. وقالت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية، إن تلك الاحتجاجات هي الأعنف على الإطلاق إذ بدأت الاحتجاجات "عنيفة بالفعل"، وتعمد بعض المتظاهرين إضرام النار في السيارات والبنايات وسط باريس، كما شهدت العاصمة أعمال سلب ونهب حيث دمر المتظاهرون بعض المتاجر والمطاعم الشهيرة كما قام المتظاهرون بحرق مبنى تابع لأحد البنوك وحاولوا تفريغ ماكينات الصرف الآلي من النقود. وشهدت فرنسا حالة من الاستنفار الأمني ، إذ استدعت السلطات آلاف من رجال الشرطة وقوات مكافحة الشغب لمواجهة الاحتجاجات العنيفة في البلاد، كما قامت الشرطة بإغلاق بعض المطارات وعدد كبير من محطات المترو ضمن إجراءات أمنية مشددة. ولا يختلف مشهد اليوم عن الأسبوع الماضي، حيث حولت السترات الصفراء شارع الشانزليزيه إلى ساحة حرب وتضرر الشارع الشهير في العاصمة باريس كثيرا بعدما أضرم المتظاهرون النار في السيارات وعدد من المتاجر وسيارات الشرطة. واليوم اشتبك المتظاهرون مع الشرطة كما تمكنوا من اختراق حواجز الشانزليزيه وقوس النصر إذ رفع بعضهم العلم الفرنسي فوق المبنى الأثري الشهير. وأشارت وسائل إعلامية إلى أن استمرار الاحتجاجات في فرنسا هو دليلا على تراجع شعبية الرئيس إيمانويل ماكرون وإنه أمام حراك شعبي حقيقي، ووصف محللون "السترات الصفراء" بأنها أقوة موجة شعبية تشهدها البلاد منذ سنوات. كان ماكرون قد ألقى ، الثلاثاء الماضي، خطابا انتظرته باريس لأيام ردا على احتجاجات "السترات الصفراء"، أعلن خلاله عن إنشاء مجلس أعلى للمناخ وأعرب عن تفهمه لحالة الغضب لدى الفرنسيين، مشددا في الوقت نفسه على أنه "لن يتنازل في مواجهة الذين يهدفون للتخريب"، كما أكد أهمية الانتقال البيئي ومراجعة الضريبة على أسعار الوقود بشكل ربع سنوي لتتجاوب مع تغيرات أسعار النفط العالمية. وشدد ماكرون على أن إحداث التغيير لن يتم إلا من خلال الالتزام بالمسئوليات وما تم التعهد به خلال الحملة الانتقالية، مشيرا إلى أن ضريبة الكربون تم اعتمادها عام 2009 و2014 و2015، موضحا أهمية الخروج من استخدام الوقود الأحفوري ودور ذلك في التقليل من انبعاث الغازات الدفيئة، مشددا على أن التحول البيئي يحتاج نهجا وتحالفا أساسه المجتمع. وأضاف "هناك حركة احتجاجية انطلقت منذ عدة أسابيع، أفضت إلى مظاهرات مهمة ولكن أيضا إلى أعمال عنف غير مقبولة. وأنا لا أخلط بين أعمال العنف والتظاهرات. وبين المتظاهرين ومن يقومون بأعمال عنف. أتفهم مخاوف من يقول إن الفرنسيين يدفعون ضريبة الانتقال البيئي دون أن يروا نتيجة ذلك". وتعد السترات الصفراء حركة عفوية ليس لها توجه سياسي معلن أطلقت على نفسها هذا، ودعت لإغلاق كافة النقاط الحيوية والاستراتيجية في البلاد، من الطرقات إلى محطات الوقود مرورا بالمواصلات، وبدأت الدعوة لاحتجاجات شعبية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي في 10 أكتوبر الماضي، عن طريق اثنين من سائقي الشاحنات، إلا أن الدعوة لاقت رواجا واسعا وجذبت أكثر من 200 ألف شخص قبل انطلاقها، وفقا لإذاعة "أوروبا 1" الفرنسية. أهم ما يميز "السترات الصفراء" أنها حركة عفوية انطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي وليس لها زعيم أو هيكل سياسي أو نقابة أو أي خلفية حزبية، بعكس الحركات الاجتماعية التي شهدتها فرنسا قبل ذلك، حيث اعتمدت على المشاركة الافتراضية والطاقات البشرية على وسائل التواصل الاجتماعي، ويقول مدير معهد "إيفوب" الفرنسي للاستطلاعات إن تلك الحركة تمثل فئات مختلفة من المواطنين الفرنسيين وهي بمثابة "حركة شعبية" ضمت الغاضبين من سياسات الرئيس ماكرون وحكومته وهو ما يزيد من خطورة الأمر بالنسبة للسلطات الفرنسية. ورغم أن الحركة لا تمتلك قائدا، إلا أن بعض الناشطين على وسائل التواصل أصبحوا بمثابة متحدثين باسم الحركة واستضافتهم الإعلام لمرات قليلة. وكانت جاكلين مورو وهي سيدة تعمل سائقة قد نشرت مقطع فيديو يدعم الحركة، ولاقى المقطع رواجا واسعا وشوهد نحو 6 ملايين مرة، من بعدها انتشرت الحركة كالبرق في الوسط الفرنسي ولاقت دعما غير مسبوق وضع الحكومة الفرنسية أمام تحد حقيقي لقياس مدى الرضا عن سياساتها. وأشارت وسائل إعلام فرنسية إلى أن الحركة بدأت بتجمع من سائقي السيارات ومحبيها بوجه عام لكنها أصبحت حركة شعبية فعلية ضمت العديد من فئات الشعب الفرنسي، لتظهر حركة جديدة في فرنسا تشكل أقوى تحد جماهيري أمام حكومة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.