انطلاق قافلة دعوية كبرى للواعظات بأوقاف الفيوم.. صور    خطة حكومية لإعادة تشغيل المصانع الكبرى المتوقفة وتوطين صناعات استراتيجية    نائب محافظ الفيوم يُكرم المشاركين في البرنامج التدريبي "العمليات التصميمية وإعداد مستندات الطرح"    مصر والمغرب تتفقان على رؤى مشتركة حول فلسطين وسوريا ولبنان وليبيا والسودان    جوتيريش: الوضع في قطاع غزة كارثة من صنع الإنسان    ضبط 400 قضية مخدرات وتنفيذ 83 ألف حكم قضائي خلال يوم    الداخلية تكشف تفاصيل الثقب الأسود بالجيزة    السياحة تعلن نتائج مسابقة هواة التصوير الفوتوغرافي للتراث الثقافي المغمور بالمياه    «100 يوم صحة» قدّمت 57.7 مليون خدمة طبية مجانية خلال 37 يومًا    وكيل مديرية صحة الفيوم تفاجئ وحدة طب أسرة منشأة عبدالله لمتابعة سير العمل    وكيل وزارة الأوقاف بأسيوط يؤدى صلاة الجمعة بمسجد الموحدين بديروط    المستشار محمود فوزي: البكالوريا مجانية.. وستكون الخيار المفضل لمعظم الأسر المصرية    عائلات المحتجزين: ندعو لوقفة احتجاجية قبالة مقر نتنياهو    زيلينسكي: صمدنا 1276 يوما من الحرب أمام روسيا للحصول على استقلالنا    زلزال بقوة 7.5 درجة يضرب ممر دريك بين أمريكا الجنوبية والقارة القطبية    تحليل: إيران وقوى أوروبية تناقش المحادثات النووية والعقوبات    3 ملامح فنية.. كيف ضرب الزمالك خصمه ب 7 تمريرات فقط؟ (تحليل)    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام وست هام يونايتد.. بيدرو يقود الهجوم    ناشئو وناشئات الطائرة يتوجهون إلى تونس بحثًا عن التتويج الإفريقي    محمود ناجي يدير مباراة السنغال وأوغندا في ربع نهائي أمم افريقيا للمحليين    ناقد رياضي: بن رمضان اللاعب الأكثر ثباتًا في الأهلي.. ومواجهة المحلة صعبة    *لليوم الثاني.. خدمة Premium الجديدة بقطارات السكة الحديد "كاملة العدد"    وزير الطيران المدنى يشارك باجتماعات اللجنة التنفيذية لمفوضية دول أمريكا اللاتينية    مصلحة الضرائب تنفي وجود خلاف بين الحكومة وشركات البترول حول ضريبة القيمة المضافة    تحرير 128 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    «الأرصاد» تكشف حالة طقس غدًا السبت |إنفوجراف    انقلاب سيارة ربع نقل على طريق أسيوط الصحراوي يصيب 6 أشخاص بالفيوم    الداخلية تكشف تفاصيل اقتحام منزل والتعدي على أسرة بالغربية    زيادة طفيفة لمؤشر البورصة هذا الأسبوع    محمد رمضان يساند أنغام ويهديها أغنية على مسرح بيروت    مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي يعلن لجنة تحكيم الدورة ال32    ثائرٌ يكتُب    وزير الثقافة يستقبل وفد الموهوبين ببرنامج «اكتشاف الأبطال» من قرى «حياة كريمة»    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    الحبس عامين ل تارك صلاة الجمعة بماليزيا.. أحمد كريمة يوضح الرأي الشرعي    دعمًا للأجيال الواعدة.. حماة الوطن يكرم أبطال «UC Math» في دمياط    إدانة دولية واسعة لقرار إسرائيل بالموافقة على بناء مستوطنات بمنطقة E1 شرق القدس    تهيئة نفسية وروتين منظم.. نصائح هامة للأطفال قبل العودة إلى المدارس    ما الواجب على من فاته أداء الصلاة مدة طويلة؟.. الإفتاء توضح    أستاذ بالأزهر: مبدأ "ضل رجل ولا ضل حيطة" ضيّع حياة كثير من البنات    نيوكاسل يطارد المهاجم النرويجي ستراند لارسن.. وولفرهامبتون في معركة للحفاظ على نجم الهجوم    منير أديب يكتب: اختراق أم احتراق الإخوان أمام السفارات المصرية بالخارج؟    محافظ أسيوط يسلم جهاز عروسة لابنة إحدى المستفيدات من مشروعات تمكين المرأة    غدًا.. إعلان نتيجة التقديم لرياض أطفال والصف الأول الابتدائي بالأزهر| الرابط هنا    «زي النهارده» في 22 أغسطس 1948.. استشهاد البطل أحمد عبدالعزيز    «زي النهارده«في 22 أغسطس 1945.. وفاة الشيخ مصطفى المراغي    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 22 أغسطس 2025    كيف يتصدى مركز الطوارئ بالوكالة الذرية لأخطر التهديدات النووية والإشعاعية؟    النصر يستعيد نجمه قبل نهائي السوبر    صفات برج الأسد الخفية .. يجمع بين القوه والدراما    محمد رمضان يستفز جمهوره في مصر ب فيديو جديد: «غيرانين وأنا عاذرهم»    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    إحالة أوراق المتهم بقتل أطفاله الأربعة في القنطرة غرب إلى مفتي الجمهورية    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    فطور خفيف ومغذ لصغارك، طريقة عمل البان كيك    «هتسد شهيتك وتحرق دهونك».. 4 مشروبات طبيعية تساعد على التخسيس    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    نجم الأهلي السابق: أفضل تواجد عبد الله السعيد على مقاعد البدلاء ومشاركته في آخر نصف ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحوار الاجتماعي‏..‏ والصراع السياسي
نشر في صدى البلد يوم 18 - 12 - 2012

كان واضحا عندما تنحي الرئيس السابق حسني مبارك في‏13‏ فبراير‏2011‏ أن حجم الخراب الذي تركه نظامه أكبر من أن يحمله أي حزب أو فصيل أو جماعة منفردا‏.‏
فقد تعرضت مصر مجتمعا واقتصادا وسياسة وثقافة لتجريف لا مثيل له في تاريخها الحديث. كما عاني معظم شعبها من ظلم اجتماعي شديد نتيجة سياسات انحازت بشكل كامل للفئات والشرائح العليا في المجتمع. ولذلك كان مطلب العدالة الاجتماعية في مقدمة أهداف ثورة25 يناير.
غير أن الشروع في تحقيق هذه العدالة يتطلب برنامج عمل وطنيا متكاملا وأجواء ملائمة تتيح إمكانات فتح حوار اجتماعي موضوعي وجاد يضع الركائز اللازمة للتعاون في تحقيق هذا البرنامج من خلال أوسع مشاركة ممكنة من جانب مختلف الأطياف في الساحة السياسية في المجتمع. وليس ممكنا التطلع إلي شئ من ذلك في ظل حالة انقسام سياسي وفكري حاد تخلق استقطابا شديدا وتجعل الشارع ساحة لصدام قد لا تحمد عقباه إذا لم نضع حدا له ونحاصر مستصغرات الشرر التي قد يشعل أي منها نارا تأكل الأخضر واليابس.
ولم تكن الدعوة التي تبناها بعض السياسيين والمثقفين والشخصيات العامة إلي شراكة وطنية إلا تعبيرا عن الحاجة الماسة إلي تعاون لحمل تركة ثقيلة مليئة بالصعوبات, وفي مقدمتها الظلم الاجتماعي المتراكم عبر عقود من الزمن. فلا سبيل إلي التحرك في هذا الاتجاه بدون حوار اجتماعي جاد لا يمكن التطلع إليه في ظل صراع ينطوي علي انقسام بلغ مبلغ الاستقطاب الذي قسم المصريين علي نحو لا سابق له.
فالشراكة الوطنية ليست تقاسما لسلطة أو توزيعا لمناصب. فلم يعد للسلطة نفوذها وسطوتها, ولا بقيت للمناصب وجاهتها. وما هذه الشراكة إلا تعاون لمواجهة مشاكل لا قبل لأحد بها وحده. ولذلك فعندما طرح كاتب السطور رؤيته لهذه الشراكة في بداية الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية, حرص علي تأكيد أنها تبدأ بالموضوع والقضية والمنهج وليس بأي شئ آخر.
وكان ذلك في لقاء جمع الرئيس محمد مرسي حين كان المرشح المفضل لدي القوي الوطنية وأنصار ثورة25 يناير في بداية الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية التي نافسه فيها الفريق أحمد شفيق. ضم ذلك اللقاء, الذي عقد في فندق كمبنسكي, نحو ثلاثين من السياسيين والشخصيات العامة أراد مرسي الاستماع إلي رؤيتهم للمعركة الانتخابية في جولة الإعادة.
وركز كاتب السطور حينئذ علي أهمية الشراكة الوطنية, وقدم اقتراحا محددا تبدأ به هذه الشراكة هو أن يتبني مرسي برنامجا سياسيا مرحليا تعمل علي أساسه أول حكومة يشكلها عقب فوزه في جولة الإعادة, وأن يكون هذا البرنامج مستمدا من برامج جميع مرشحي الثورة الذين شاركوا في الجولة الأولي ولم يحالفهم التوفيق, وهم: حمدين صباحي وعبد المنعم أبو الفتوح وهشام البسطويسي وخالد علي وأبو العز الحريري.
وتضمن هذا الاقتراح أن ينتهي الاجتماع المشار إليه بتشكيل مجموعة عمل تكون مهمتها استخلاص برنامج الشراكة الوطنية من القواسم المشتركة في برامج مرشحي الثورة أولئك, وإعلان مرسي التزامه بأن يكون هو برنامج حكومته حال فوزه. وعندما تبدأ الشراكة الوطنية ببرنامج تنبثق عنه خطط عمل محددة, يصبح الموضوع هو الأساس وليس الأشخاص الذين يتم اختيارهم وفقا لمتطلبات تنفيذ هذا البرنامج والخطط المرتبطة به, سواء رئيس الحكومة والوزراء أو أعضاء الفريق الرئاسي.
غير أن تجاهل مثل هذا الاقتراح وغيره من النوع نفسه أدي إلي توسيع الفجوة بين الأحزاب والقوي التي وقفت يدا واحدة خلال ثورة25 يناير. فقد ازداد شعور معظم هذه الأحزاب والقوي بالإقصاء والاستبعاد, وتنامت مخاوفها من تداعيات انفراد فصيل واحد بالسلطة وغلق الجسور التي كانت مفتوحة من قبل, الأمر الذي أدي إلي اشتداد التوتر والاحتقان ووصول الانقسام إلي مستوي ينذر بالخطر.
ويستعصي في مثل هذا الوضع الذي يعلو فيه صوت الصراع, ويظهر الاستقطاب مجسدا في الشارع وليس فقط في الساحة السياسية, إجراء حوار حول كيفية معالجة الوضع الاقتصادي المتدهور وحل المشاكل الاجتماعية المتفاقمة.
فعندما يشتد الركود ويتعذر جلب استثمارات جديدة وتغلق مصانع وشركات أبوابها ويصعب تحقيق نمو اقتصادي يعتد به, لابد أن تتفاقم الأزمة الاجتماعية. وعندئذ يصبح صانع القرار في أصعب وضع يمكن تخيله, لأن متطلبات دفع الاقتصاد نحو النمو تتعارض مع مستلزمات تحقيق العدالة الاجتماعية. وهذه معضلة كبري لا يمكن معالجتها بدون حوار اجتماعي في أجواء تتوافر فيها الثقة اللازمة لإقناع المجتمع بأن تحقيق العدالة يتطلب جهدا ووقتا. ولا سبيل إلي ذلك بدون شراكة وطنية توجه رسالة قوية إلي المجتمع مفادها أن هذه الشراكة هي الضمان الحقيقي لنجاح الجهد المبذول من أجل تحقيق العدالة في مدي زمني محدد يتم الالتزام به.
وفي غياب الشراكة الوطنية الضرورية لتحقيق هذا كله, يلجأ صانع القرار إلي وسائل قد تساعده مرحليا ولكنها تنطوي علي أعباء كبيرة مثل الاقتراض من صندوق النقد الدولي, ويجرب اتخاذ قرارات اجتماعية قاسية تنطوي علي رفع أسعار وضرائب سلع وخدمات أساسية, ثم يضطر إلي وقف سريانها لما تؤدي إليه من زيادة أعباء فئات واسعة من المجتمع لديها ما يكفيها من معاناة ولم تعد قادرة علي تحمل المزيد.
فليس في إمكان الفئات الفقيرة والمتوسطة أن تتحمل زيادة في الإنفاق علي الكهرباء مرتين خلال أسبوع واحد, إحداهما في أسعار الكيلووات والثانية في الضريبة علي هذه الأسعار.
وقل مثل ذلك عن زيادة الضرائب المفروضة علي الدخل وعلي سلع لا يمكن الاستغناء عنها.
وفي غياب بدائل لمثل هذه القرارات القاسية, لم يكن ممكنا إلغاؤها. ولذلك أوقف سريانها لإجراء( نقاش مجتمعي حولها يتولاه الخبراء المتخصصون). ولكن هذا النوع من النقاش لا يقدم ولا يؤخر, بخلاف الحوار الاجتماعي الواسع حين يجري في أجواء من التوافق والشراكة الوطنية. فأين هي هذه الأجواء في ظل احتدام صراع يقسم أبناء مصر ويهدد مستقبلها.
نقلا عن " الأهرام "


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.