سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في خطبة الجمعة.. خطيب الجامع الأزهر يصحح فهما خاطئا ويؤكد: الحج ليس رحلة ترفيهية سياحية والله لم يفرضه ليتعبنا.. ويحذر من يؤخرونه: لا تنتظروا حتى آخر العمر واغتنموا الفرصة لتعودوا من بيت الله بلا ذنوب
خطيب الجامع الأزهر الشريف: الحج ليس رحلة ترفيهية سياحية الحج فرض على كل مكلَّف مستطيع ماليا وبدنيا الحكمة من فريضة الحج ليست التعب والمشقة الحج ميراث المسلمين من أبيهم إبراهيم 3 أمور تجعل الحاج يفوز بالجائزة الكبرى اغتنموا الفرصة أيها الحجاج لتعودوا من بيت الله بلا ذنوب أداء ركن الحج لا يصح فيه التسويف والمماطلة ألقى الدكتور عبد الفتاح عبد الغني العواري، عميد كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف بالقاهرة، خطبة الجمعة اليوم، بعنوان: «فلسفة الحج وحكمة مشروعيته»، بحضور لفيف من علماء الأزهر والأوقاف، وذلك في الجامع الأزهر الشريف، بمحافظة القاهرة. قال الدكتور عبد الفتاح عبد الغني العواري، عميد كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف بالقاهرة،إن الحج ليس رحلة ترفيهية سياحية، يستمتع الناس فيها بجمال الطبيعة، منوهًا بأن من فهم أن الحج رحلة سياحية فهو مخطئ واهم، لا يعرف التصور الحقيقي لهذه الرحلة القدسية، مؤكدًا أن حج بيت الله الحرام هو رحلة إيمانية نورانية. وتابع: تتطلع إليها أفئدة الموحدين،وتبكي لها عيون العارفين، وتهواها القلوب الخاشعة لرب العالمين، فهي رحلة تجديد العهد مع خالقك، رحلة يتوب فيها العبد لربه في بيته، يقدم له المعاذير ويطلب منه العفو والمغفرة، ويتعلق بأستار بيته، ويناجيه ويناديه، منوهًا بأن الله تعالى يسمع عبده وهو عليم به في رحلة التوبة الصادقة مع الله تعالى، والعزم الأكيد على عدم العود إلى المعاصي، والإقلاع عن الذنوب، وتحقيق التقوى، والتخلي والتجرد عن كل ما يحيل عن حب الله تعالى. وأوضح «العواري» أن الحاج يترك أهله وولده ووطنه والمال والجاه، ويجعل الدنيا خلفه، ويخرج طالبًا رضا الله سبحانه وتعالى، ويرجو رحمته، وليس له أمنية إلا أن يعفو الله تعالى عنه، ورجاؤه أن يتوب عليه، فليُحقق بهذه الرحلة ما يحقق له السعادة في الدنيا وما يُحقق له الفوز بالنعيم المُقيم في الآخرة. وأضاف أن الحج أصبح شعيرة من شعائر الإسلام، وأمانة في رقاب المسلمين، لأنهم ورثوه ميراث أبيهم إبراهيم - عليه السلام-، مستشهدًا بما قال الله تعالى: «وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ» الآية 78 من سورة الحج. ونوه بأن الحجَّ فرض على كل مكلَّف مستطيع -ماليًا وبدنيًا- في العمر مرَّةً، وهو ركنٌ من أركانِ الإسلام، ويكتمل به الإسلام، مستشهدًا بقول الله تعالى: «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ» (آل عمران: 97). واستدل بما رواه الشيخان -واللفظ للبخاري- عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» وكذلك ما رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا». فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ، حَتَّى قَالَهَا ثَلاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ». جدير بالذكر أنه ضَبَطَ الفقهاءُ الاستطاعةَ بقوَّةِ البدنِ وتحمُّلِه، وبأن يملكَ الحاجُّ الزادَ له ولمن يعولُ حتى يرجعَ، وأن يملكَ الرَّاحلة، ويأمنَ الطريقَ، ويُمكِّنه الوقتُ من أداء الحج، وهذا عامٌّ في الرجال والنساء، وتزيد المرأة بخصلتين أُخرَيين؛ حيثيُشترط لها ألا تكونَ معْتدَّةً عن طلاقٍ أو وفاةٍ في الميقات الزماني للحج، وأن تكونَ في صُحبةٍ آمنةٍ؛ كوجود زوج أو رفقة مأمونة، وتحصل -على المفتى به في دار الإفتاء- بأن تطمئن على الأمان في دينها ونفسها وعِرْضها في سفرها وإقامتها. وأشار إلى أن هناك 3 أمور تجعل الحاج ينال مراده ويفوز بالجائزة الكبرى، موضحًا أنه بالحج يكون العبد ربانيًا، ويحب الخير لكل البشر، ويُحقق الأمن لهم أينما وجد وأينما حل، ومن هنا يكون جديرًا بالجائزة الكبرى، التي رُصدت له، كما أخبرنا رسول الله -صلى الله عليخه وسلم- فقال: «منْ حجَّ فَلَم يرْفُثْ، وَلَم يفْسُقْ، رجَع كَيَومِ ولَدتْهُ أُمُّهُ». ولفت إلى أن في الحج لا صيد وولا التقاط لأي لقطة، ولا قطع لشجرة بالحرم، فالحاج يُحقق السلام أينما وجد وحل، مستشهدًا بما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : «حَرَّمَ اللهُ مَكَّةَ فَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلي وَلَا لأَحَدٍ بَعْدِي ، أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ، لا يُخْتَلَى خَلَاهَا ، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا ، وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُعَرِّفٍ». ونصح قائلًا: اغتنم الفرصة أيها الموحد لتعود من بيت مولاك ولا ذنب لك، ويقال لك اعمل فيما تستقبل فقد غُفر لك ما مضى، حقق هذه الأمنية وعد إلى دارك وبلدك وأهلك بصحيفة بيضاء نقية لا ذنب فيها، فابدأ صحيفة جديدة و عهد مع مولاك، لتنال الرضا عنده والفوز بالحُسنى وزيادة. ونبه، عميد كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف بالقاهرة، إلى أن الحج له فلسفة عميقة في الإسلام، مؤكدًا أن الله سبحانه وتعالى لم يقصد به وحاشاه أن يتعبنا أو يُعنتنا بتكليف هذا الأمر وأداء هذه الفريضة، وإنما أراد بنا رحمة وطمأنينة وسكينة، مشيرًا إلى أن من دخل بيت الله الحرام كان آمنًا، ومن تعلق بحرمه حلت في قلبه السكينة والرحمة والطمأنينة ، وتحقق به السلام مع سائر البشر والبيئة والحيوان الذي يراه. واستشهد بما قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ » الآية 95 من سورة المائدة، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: « خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ». وحذر القادر على الحجّ ماليًّا وبدنيًّا من تأخير الحج، ناصحًا إياه بالمبادرة والتعجيل بأداء الفريضة، لأنها ركن من أركان الإسلام الخمسة، موجهًا حديثه لمن يؤخر أداء الحج: «حريٌّ بكم أن تبادروا قبل فوات الأوان لتلقوا ربكم بإسلام اكتملت أركانه وتحققت أهدافه فتناولون هذا الشرف العظيم». وأضاف: لا تنتظروا حتى تضعف القوة وترق العظام وينحني الظهر فتحتاجون لمرافق يحملكم وعنئذٍ ستشعرون بالمشقة والتعب لكبر السن، وهذا الأمر يتنافى مع تيسير الإسلام الذي يرفع الحرج عن غير القادر بدنيًا، فركن الحج لا يحتاج إلى التسويف والمماطلة فيمن توفرت فيه الاستطاعة البدنية والمالية، بل على من توافرت لديه الاستطاعة أن يبادر ويسارع لكسب الوقت، حتى تكون لديه هذه قوة بدنية تعينه على أداء المناسك فيشعر بلذة العبادة.