رحلة شاقة تتكبدها للوصول عنده فبمجرد أن تطأ قدماك لمنطقة "الضاهر" تحاول أن تكتشف معالمها وتفك شفرتها عن طريق الاستعانة بأحد شيوخ المنطقة لدرايتهم بالمعالم التاريخية فيها لتقترب رويدًا من مسجد الظاهر بيبرس لتجده مغلقا ويأتيك شخص من داخل الصرح يهرول سريعا ويلقى جملة اعتراضية قائلا "الزيارة ممنوعة والمسجد مقفول". تنتابك رغبة عنيدة لاستكمال طوافك دون الاكتراث برد فعله المخيب للآمال لتصادف بوابة أخرى مغلقة، هذه المرة تفقد صوابك لوهلة وتتيقن إنك تلهث وراء سراب جذبتك نحوه بواباته الشاهقة. تشعر بالنهاية لتجد بوابة أخيرة يشاء القدر أن تكون مفتوحة ويجلس على أعتابها إمامين للمسجد يتجاوز أعمارهم ستين عاما إحداهما يجوب ممسكا بكتاب الله، والآخر فتجده جالسا وتبدو عليه علامات الإنهاك والرغبة الملحة في النوم. إلا أن رؤيتك لإرث تاريخي تجاوز 750 عاما، قد تحول لحطام وتأكلت عواميده الآثرية العتيقة، تجعلك تشعر بالصدمة، فضلا عن البنية التحتية المدمرة وتراكم مخلفات البناء من رمال وأحجار. ويسرد أحد الأئمة تاريخ مسجد الظاهر بيبرس قائلا إنه يرجع تاريخ بنائه لعام 667 ه 1269 على مسافة 10 آلاف متر مربع، وهو من أكبر المساجد في مصر بعد جامع ابن طولون، وطرازه المعماري نادر، ويوجد به ثلاثة مداخل تذكارية، وتم تصميم قبته علي طراز قبة الإمام الشافعي، وقد أنشئ على نفس تخطيط مساجد العصر الفاطمي، وقد خضع الجامع لأكثر من مشروع ترميم، تصل ل 15 مشروعا. وأكد أنه بدء ترميم المسجد على عدة مراحل حيث كانت البداية في عام 2007 حينما بدأت شركة مصرية في مشروع الترميم للجامع بمبلغ 53 مليون جنيه، وفي عام 2008 أصبحت أعمال الترميم مشتركة بين مصر وكازاخستان، واستمرت لمدة 3 سنوات، وحتى عام 2010 تم الاستعانة بأعمدة إيطالية لاستكمال أعمال صيانة المسجد وكان من المفترض الإنتهاء من آخر عملية ترميم لجامع الظاهر بيبرس على يد هذه الشركة في 6 أكتوبر 2011، إلا أنه حتى الآن لم يكتمل. وتابع حديثه قائلا إن الشركة بدأت عمليات الترميم بإزالة الدعامات الداخلية للجامع والطوب الرملي المستخدم في البناء، واستبداله بالطوب الطفلي في أعمال الترميم وهو أقرب ما يكون للطوبة الأصلية للمسجد، بالإضافة إلى حل مشكلة المياه الجوفية المرتفعة بالجامع وترميم الأواوين والحوائط الخارجية والقبة التي سوف تتكلف ما يقرب من 70 مليون جنيه، وقد توقف العمل في المسجد نتيجة وجود اختلاف بين الشركة وبين الأثريين القائمين على ترميم المسجد حتى الآن.