قال الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي، إمام وخطيب المسجد النبوي، في خطبة الجمعة اليوم، إن من مبادئ المسلم وأخلاقه ؛ مبادلة أهل الفضل بالفضل؛ ومقابلة الجميل بالأجمل، وهذه قيمة عظيمة من قيم الإسلام في التعامل، وهي أن جزاء الإحسان في الإسلام الإحسان بمثله. واستشهد خطيب الحرم النبوي، بقول الله تعالى: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ) كما قال الله تعالى : (وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم - سيد أهل الوفاء، علمنا أجمل معاني الإحسان فقد اعترف بفضل زوجه خديجة بنت خويلد في حياتها، وحتى بعد مماتها، وكان يكثر من ذكرها وشكرها والاستغفار لها، ويقول: ( إنها كانت وكانت، وربما ذبح الشاة فقطعها ثم أرسلها في صدائق خديجة ) رواه البخاري ومسلم. وأوضح أن صور رد الجميل الذي يسعى للوفاء به أهل الوفاء يشمل الأقوال، والأفعال والمشاعر ، قال الله تعالى : (وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) ، فإذا رد المسلم التحية ، بمثلها أو أحسن منها، والمعروف بمثله أو أحسن منه ، والكلمة الطيبة بمثلها أو أحسن منها ، والهدية بمثلها أو أحسن منها ، صفت قلوبنا ، وقويت روابطنا ، وتعمقت علاقاتنا، وانحسرت دائرة الخلاف بيننا. وذكر أن أول خطوة في مكافأة أهل الفضل الاعتراف بفضلهم، والإقرار باستحقاق شكرهم ، وهو التزام أخلاقي على المسلمين ؛ وجه به نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم ، ودعا إليه ، ويسَر الإسلام صور مكافأة أولي الفضل بما يستطيعه المسلم؛ بالكلمة الطيبة والدعاء له بالخير، وملاقاة المسلم لأخيه المسلم بطلاقة الوجه وبشاشة النفس ، وهذا من كمال هذا الدين وشموله وآدابه ومحاسنه لتبقى المودة والألفة والمحبة . وتابع فضيلته : ومن أقرضك مالًا فمن الجميل حسن أداء الديون ، والوفاء والحمد ، وفي حياة المسلم فئات من ذوي الفضل معروفهم قائم، وفضلهم دائم ، وإحسانهم سابغ؛ وأعظمهم فضلًا رسول الأمة صلى الله عليه وسلم - الذي أخرجنا الله به من الظلمات إلى النور. وذكر ان من أكثر الناس فضلا على الإنسان وأحقهم عليه وفاء؛ الوالدين الذين أحسنا إليه وربياه صغيرا، قال تعالى: (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا )، كما أن طلاب العلم عليهم واجب الوفاء لمعلميهم بالدعاء لهم؛ لفضلهم عليهم ، دعا أبو حنيفة لشيخه حماد، ودعا أبو يوسف لشيخه أبي حنيفة ، قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - ( ما بت منذ ثلاثين سنة إلا وأنا أدعو للشافعي وأستغفر له). ونوه، أن الزوجين بينهما معروف مترادف ، وجميل متقابل، أسدى كل واحد منهما للآخر زهرة حياته، وثمرة فؤاده؛ فحفظ العهد، وحسن العشرة والتغافل عن الزلات من رد الجميل، فإن الحسنات يذهبن السيئات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ » رواه مسلم.