يبقى تطوّر المدرسة رهين تطوير النظام التربوي وضبط الأهداف المرسومة للرقي بمستوى المدرسة عموما كما أن تجدّد البرامج والمناهج التعليمية في كل مراحل التمدرس لا بدّ أن يتلاءم هذا التطوّر مع التغيّرات التي شهدها العالم عموما والمجتمع بما يتطلبه هذا الأخير من نواميس و قواعد، وليكتمل هذا التطابق لا بدّ من وجود أدوات تنفيذ تراكب التطوير و التغيير الحاصل وتطبيقه بمختلف جوانبه التشريعية، خصوصا وهي التي تنظم التصرّف اليومي في شؤون التلاميذ (الطلاب) بكيفية معرفيّة تضمن احترام القوانين والتراتيب المنظمة للحياة المدرسية حرمتها يصون كرامة المربي بمختلف رتبة ووظائفه في المدرسة فضاء للتفاعل الاجتماعي الاجتماعية. يعرف الكلّ أن الطفل يبدأ التعلّم لبعض الأشياء الأوليّة في تعامله الاجتماعي (نظام الأكل، النوم، النظافة، ...) فإن ذلك يتمّ في فضاء يطغى عليه الجانب العاطفي من خلال التصرف الودود من قبل الأب و الأم و غالبا ما يطغى على هذا التصرّف الحماية و التسامح. ولكنّ لتحوّل الطفل من الفضاء الأسري إلى الفضاء المدرسي، و هي المرحلة الابتدائية (من 6 إلى 11 سنة) في الطفل التلاميذ يكون ملزما ولأول مرّة ليتعلم الانضباط القوانين المنظمة للحياة المدرسية، وهي حياة جديدة عليه وغريبة تقيّد بعض تصرّفاته في هذا الفضاء الجديد. فالمدرسة يتعدّى دورها تلقين المعرفة إلى التربية والإعداد الجيّد لطفل اليوم ليكون فردا قادرا على الاندماج في حياة المجتمع الذي ينتمي إليه وكيفيّة التواصل مع الإطار التربوي بالمدرسة (مدرس، مرشد تربوي، إطار تأطير، مشرف إجتماعي، و بقيّة مكونات الإطار التربوي، ...) الذي مطالب على تعويد التلميذ على الاندماج و حسن التعامل والتقيّد بالنظام واحترام القوانين وإدراك الواجب والحق المكفول بترتيب وقوانين. وإن كان التقيّد بالنظام والقوانين مطلوب فإنه سوى وسيلة مصطنعة أو إلزامية تسلط لفرض نوع من السلام و الانضباط داخل الفصل لضمان استمرار الدرس و في مختلف الفضاءات (الساحة، قاعة المراجعة، ...) لإيجاد جو ملائم للتعايش و ضمان التواصل المفيد... مع فرض نظام هادئ. أو فرض نظام هادئ بالساحات و في مختلف الفضاءات الأخرى بالمدرسة. و إنما هو سبيل من سبل أساس الأخلاق في النظام أخلاق والقوانين أداة لفرض الانضباط الأخلاقي دون تسلّط وكبت لتصرّفات الطفل العفويّة. والتعلّم أيضا يأتي نتيجة ملاحظة سلوك الآخرين فالمدرسة تعيد قيم المجتمع و تختلف القواعد الموجودة فيه و كذلك التناقضات والفوارق الموجودة فيه فهي الأداة التي تقدّم إطار محكوم بقوانين تشريعية (قوانين، مناهج) يرسم مستقبل المتتلمذ و من خلاله المجتمع المستقبلي وذلك لما للمدرسة من علاقة تفاعلية مع محيطها الخارجي بما يكفل ضخّ مبادئ يبدأ باحترام القوانين إلى المواطنة والانتماء. وعليه فإن الهدف التربوي يتطلب كثيرا من الانضباط لتحقيقيه وتعويد التلميذ على جعل حدّ لحريته الفرديّة وامتثاله للقوانين. وسأحاول من خلال هذا البحث التعرّض إلى قضيّة القوانين التأديبية وأرصد بعض الواقع السلوكي محاول تقويمه إلى جانب نظام المرافقة والمتابعة الإحتياطية لشؤون التلاميذ (الطلبة) إلى جانب رصد بعض السلوكية وطرق التعامل معها. ومن المرافقة ضرورة تربية الشباب التلمذي (الطلابي) على تلقائية الجمع بين الشخصية الحرّة المسؤولة والعمل المنظّم النيّر الجاد والنافع وهو ما يقتضي تعويد هذه الفئة من المجتمع (التلاميذ) على تطعيم الراية الوطنية و الولاء للوطن وتقديسه واحترام المربي لمختلف الأسلاك واحترام المدرسة والتحلي بروح المواطنة والحسّ المدني وتعويده على ممارسة كل هذه المبادئ والقيم بشكل يومي داخل الوسط المدرسي. 1) كيف نعالج مخالفة الطالب داخل المدرسة. – مفهوم المخالفة المخالفة هي الفعل الذي يتعارض مع القوانين والترتيب المنظمة للحياة المدرسية وآداب التعايش داخل الفضاء المدرسي و هي كذلك كلّ فعل يأتيه التلميذ (الطالب) يتضارب مع المعايير العامة التي وضعت للأشخاص. و المقصود من المعايير هو القواعد الضمنيّة أو المصرح بها والتي يتوجّب التقيّد بها و التي تفترض إسناد عقوبة لمن يحي عنها. - السلوك بالسوط المدرسي: في داخل المدرسة تتفاعل مجموعات وجماعات مختلفة بمرجعيات ثقافية وانتماء اجتماعي وكذلك مراحل عمرية متفاوتة مما ينتج عن هذا التفاعل والاحتكاك توترات تؤدي في بعض الأحيان إلى تصرفات وسلوك وردود أفعال غير محسوبة تكون متفاوتة الخطورة. وتختلف درجات خطورة هذه المخالفات. فتكون تجاوزا للمعايير كالتشويش الظرفي والعفوي أثناء الدرس أو عدم إحضار بعض اللوازم المدرسية والتأخير غير المتعمّد... وهي مخالفة بسيطة يمكن تجاوزها شرط أن لا تتكرّر، لكن الحزم مطلوب عند التجاوزات الخطيرة كالجنوح الأخلاقي والتطاول على أحد الأطراف التربوية وكذلك العصيان الجميع أو التشجيع عليه والعبث بالتجهيزات وغيره من السلوكيات التي من شأنها شلّ السير العادي للحياة المدرسية. كما تشمل هذه السلوكيات مخالفات تضرّ بالتلميذ وحده كالتقاعس عن العمل والتأخير المتعمّد والتغيّب دون عذر شرعي وكل هذه السلوكيات التي أتينا على ذكر البعض منها يمكن أن تأخذ شكلا تصاعديا في مستوى تواتراتها و نوعيتها لفصل إلى حدّ التجاوزات و تحولها إلى ظاهرة العنف بأنواعه والذي قد يسلط على الإطار البشري بل حتى الفضاء عموما كالعبث بالتجهيزات و الممتلكات و غير من السلوكيات التي تشكل خطرا على المدرسة وإطارها وباقي المتعلمين. ومن بين هذه المخالفات الخطيرة و التي تطلب كما أسلفنا تدخلا حازما كالغشّ والذي يبلغ في بعض الأحيان حدّ المجاهرة به من قبل بعض الأفراد الذين لم ينالوا عقوبة تأديبية لثنيهم على المخالفة أو المجاهرة بها. إن السكوت أو التغافل على هذه المخالفات يجعل العلاقة بين الطرفين التربوي، والتلمذي متشنجة ومهتزة و قد يبلغ العدوانية السافرة مما يؤثر على المستوى العلائقي داخل المدرسة و على صورتها ومردوديتها لتنشغل المؤسسة متمثلة في جهازها التأطير (أعوان التأطير، المشرف الاجتماعي، المشرف التربوي، "القيم العام"، وكذلك مدير المدرسة) لمعالجة الظواهر السلوكية عوض تجويد الآداء وتوفير الجوّ الملائم للتعلّم في بيئة سليمة خالية من التوتّر العلائقي عموما. وتتشفى هذه الظواهر و السلوكيات بسبب شعور بالإحباط والعجز عن تطويق والتصدي لهذه الظواهر السلوكية والشعر بالظلم وعدم التفهم لدى التلاميذ من الأطراف المشرفة والمؤطّرة.