أكد الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادي، أن مصر تمتلك مجموعة من الشركات والمصانع المملوكة للدولة تُقدر قيمتها بما يزيد على 131 مليار جنيه ولا تحقق هذه الشركات النتائج المرجوة، ما يعتبر بمثابة قيمة اقتصادية مهدرة لا تضيف للاقتصاد الوطني، وحاولت الحكومة التعامل مع هذا الملف، لافتا إلى أن من نتائج ذلك زيادة إجمالي إيرادات الشركات التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام إلى 80 مليار جنيه بصافي أرباح 6 مليارات جنيه للسنة المالية 2016/2017 وانخفاض عدد الشركات الخاسرة إلى 58 شركة من إجمالي 125 شركة. وأوضح جاب الله، في تصريحات خاصة ل "صدى البلد"، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي دعا إلى الاهتمام بهذه القضية والتوجيه بإصلاح الشركات الخاسرة والعمل على تحويلها لشركات رابحة من خلال تعظيم الاستفادة من أصولها وتحديثها ونقل التكنولوجيا المتطورة إليها مع ضخ الاستثمارات اللازمة لذلك للوصول إلى تطوير أوضاع هذه الشركات وتأهيلها لأن تكون منتجاتها مواكبة للمعايير العالمية بسبب ضخامة حجم هذا القطاع وما يمكن أن يضيفه للاقتصاد الوطني. وقال الخبير الاقتصادي إن أهم مشكلات قطاع الأعمال المصري تتمثل في أنها مازالت تقوم على تكنولوجيا وأفكار الحقبة الاشتراكية، ما جعلها تتأخر عن ركب التقدم وتُصاب بأمراض فقر التمويل وعدم جودة المنتج وعدم القدرة على منافسة المنتج المستورد بعد فتح الأسواق المصرية مع التحول الرأسمالي، وكذلك عدم القدرة على النفاذ للسوق العالمية في ظل آليات الاقتصاد الحر القائم على العولمة وتوحيد المعايير الإنتاجية، حيث تعثرت محاولات التطوير السابقة لهذا القطاع بسبب تراكم المديونيات وعدم ضخ استثمارات للتطوير، وعدم التعامل مع قضية رفع الكفاءة وتصحيح الخلل في توزيع العمال. وشدد على ضرورة ألا يقتصر تطوير تلك الشركات على ضخ الاستثمارات فحسب، ولكن مع استمرار هياكل هذه الشركات كما هي، وذلك منعا لإهدار تلك الاستثمارات دون أي نتيجة تُذكر، مطالبا بتطوير الشركات والعمال وضخ الاستثمارات وفقًا للآليات التي يتجه لها الاقتصاد المصري والقائمة على الاندماج والتحول لآليات الاقتصاد العالمي القائم على العولمة والحرية الاقتصادية وملكية المشروعات للقطاع الخاص، وتوحيد معايير الجودة، وتفعيل خُطط التطوير المالي والإداري، وتطبيق نُظم للإفصاح والحوكمة، والشفافية، والتطوير الفني والتكنولوجي. وأضاف جاب الله: "لكي ينجح هذا التوجه لابد من الاتجاه إلى نوع من الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص من خلال برنامج منضبط لتطوير هذه الشركات من خلال الاعتماد على تمويل لا يعتمد على الموازنة العامة للدولة، أو تمويل البنوك يقوم على الارتقاء بمستوى العاملين وإكسابهم المهارات الإدارية والقيادية والخبرات المالية والقانونية اللازمة، وإعداد برامج تدريبية لتأهيل الصف الثاني من الكوادر، وتفعيل دور إدارات الموارد البشرية بالشركات، وكذلك تطوير الإنتاج من خلال إعادة تأهيل خطوط الإنتاج ورفع مستوى الجودة الفنية، على أن يتم تمويل ذلك من خلال طرق أهمها؛ زيادة رؤوس أموالها وطرح أسهمها للاكتتاب العام في البورصة، أو استخدام أدوات التوريق والتأجير التمويلي، واستغلال الأصول غير المستغلة لنصل لغاية أن تتحول جميع الشركات إلى شركات رابحة تضيف للاقتصاد الوطني وتصلح للتعامل مع السوق العالمية". وتابع قائلا: "ولكن لابد عند التعامل مع هذا القطاع بآليات متنوعة حسب حالة كل شركة فما يصلح مع شركة ربما لا يصلح مع الأخرى، وفي مجال طرح الأفكار أدعو إلى بحث إنشاء بورصة خاصة لبعض الشركات الرابحة تطرح فيها نسبة من الأسهم للجمهور وللعمال بعد التقييم العادل، بحيث تكون الأسهم قريبة من الشعب ليتم شراؤها بقصد جني الأرباح السنوية، ويتم التعامل في تلك الأسهم بإدارة مستقلة بمبنى الشركة لتكون وسيطا بين راغبي البيع والشراء، بما يسمح بضخ تمويل للشركة وانتفال ملكيتها تدريجيًا للمساهمين من الشعب الذين سيشكلون الجمعية العمومية التي تختار مجلس الإدارة الذي ستكون مهمته إنجاح الشركة لنيل رضاء الجمعية العمومية". واستكمل قائلا: "وكذلك بحث إمكانية عمل تدريب للشباب من أبناء العاملين كبار السن الذين لم يعودوا قادرين على العطاء، وفي حال اجتياز الشباب التدريب والتأكد من صلاحيتهم للعمل، يحق للعامل من كبار السن أن يطلب الخروج على المعاش على أن يحصل على مكافأته أسهما من الشركة تدر عليه أرباحا وأن يتم تشغيل ابنه الذي اجتاز التدريب والذي سيكون أكثر قدرة على الإنتاج ولديه الحماس لإنجاح الشركة ليكسب والده المساهم فيها الأرباح بنهاية العام المالي".