ل"شادي عبدالسلام" علاقة وخاصة ربما تكون نادرة بالسينما رغم المشوار القصير الذي وضع الموت حدًا له لكن إبداعه لا يزال مسار الحديث حتى الآن فهو المخرج الوحيد الذي يصمم الشخصيات ويرسمها على الورق قبل أن يقوم بتصويرها وتحويلها إلى صورة مرئية وهي موهبة نادرة لم يمتاز غيره بها. شادى محمد محمود عبد السلام الصباح المولد في 15 مارس من عام 1930 بمدينة الإسكندرية، وعرف حب السينما مبكرًا، ورغب في دراستها، إلا أن أسرته وقفت حائلًا دون ذلك، فتخرج في كلية فيكتوريا التابعة لجامعة أكسفورد بإنجلترا عام 1949. التحق «عبد السلام» بمعهد الفنون الجميلة بالقاهرة لدراسة العمارة، وهو الفن الذي لطالما أحبه واعتبره أساس كل الفنون، متخذًا من "سيرجي آيزنشتاين" المخرج السوفيتي القدير قدوة له أما علاقته بالسينما بدأت بعد ما طرق باب المخرج صلاح أبو سيف راغبًا في العمل معه. أتيحت الفرصة أمام شادي عبد السلام بالفعل فشارك فيلم "الفتوة" عام 1957، وكان عمله يقتصر على تدوين الوقت الذي تستغرقه كل لقطة، لكنه لم يستصغر هذا العمل، واعتبرها الخطوة الأولى في عالم السينما. وبعد فترة عمل مساعدًا للمخرج الكبير صلاح أبو سيف فى العديد من أفلامه منها «الوسادة الخالية، الطريق المسدود، أنا حرة»، ثم حدثت الصدفة التي جعلت منه مهندس ديكور يتهافت عليه المنتجون، وذلك أثناء عمله مع المخرج حلمي حليم في فيلمه «حكاية حب» حيث حدث أن تغيب مهندس الديكور، فقام «شادي» بعمل الديكور، الذي أبهر الجميع. ذاع صيته في الوسط الفني كمهندس ديكور لعدد من الأفلام أهمها: «وإسلاماه» عام 1961، ولم يقتصر نجاحه فقط فى مصر بل عمل خارجًا كمصمم للديكور والملابس في الفيلم الأمريكي "كليوباترا" والفيلم البولندي "فرعون" وفي عام 1966، عمل عبد السلام مع المخرج الإيطالي الكبير «روسيلليني» في فيلم "الحضارة"، ويرجع له الفضل في تحقيق رغبة "شادي" للانتقال إلى مجال الإخراج السينمائي الذي لطالما أراده بشدة. وضع فيلمه الروائي الطويل الوحيد "المومياء" السينما المصرية على خريطة السينما العالمية، وقدَّم «المومياء» عام 1975، ويتناول الفيلم قضية سرقة الآثار، ونال عدة جوائز منها جائزة "جورج سادول" في باريس في عام إنتاجه سنة 1970، وهي جائزة هامة لأن لجنة التحكيم بها متعددة من أشخاص لديهم رؤى وثقافات مختلفة اجتماعيا وسياسيا.في سنة 2009 اختارته المؤسسة العالمية للسينما كواحد من أهم الأفلام في تاريخ السينما العالمية، ورممت النسخة الأصلية، وتم الاحتفاء به في مهرجان كان السينمائي في نفس العام، وتلاه إخراجه لأفلام "الأهرامات وما قبلها" 1984، و"رع مسيس الثاني" 1986. بعد فترة اختفاء، عاد شادي عبدالسلام في العام 1982 وفي جعبته عدة مشاريع لأفلام تنتمي إلى الفيلم التعليمي والذي يسعى من خلاله مخاطبة العائلة المصرية عبر التليفزيون. وبدأ شادي هذه المشاريع بفيلم «الكرسي»، والذي يسجل فيه بالكاميرا ترميم كرسي توت عنخ آمون ولكن بطريقة هي مزيج من التسجيلي والروائي وكانت لديه آمال لتحقيق سلسلة طويلة من الأفلام التعليمية الثقافية والتي لا تخلو من المتعة والتسلية في نفس الوقت ومنها فيلم عن رمسيس الثاني وآخر عن بناة الأهرام وثالث عن أول عاصمة في التاريخ الفرعوني "نخن". وتوفي شادي عبدالسلام في الثامن من أكتوبر عام 1986 بعد أن أهدى السينما فيلمه الخالد "المومياء"، ذلك الفيلم المعجزة الذي تفخر به السينما العربية.