تواجد الفرنسيون في مصر منذ أكثر من قرن كامل، تارة كمستعمرين للبلد؛ وأخرى لتلبية نداء الحكام المصريين بالتواجد في البلد، وفي كلتا الحالتين استفادت مصر بوجودهم من خلال نقل خبراتهم وعلومهم إلى المصريين وكان الحكام حريصون لعدة عقود على إرسال البعثات المصرية إلى فرنسا لينهالوا من علومهم ثم يعودوا لتدريسها في مصر، فاللغة المصرية القديمة تم اكتشافها على أيدي الفرنسيين، وأشهر التماثيل التي تزيين الميادين المصرية نفذها نحات فرنسي. - شامبليون وفك رموز حجر رشيد : ولد عالم المصريات الفرنسي جون فرانسوا شامبليون في 30 ديسمبر عام 1970، في فرنسا، ولم يلتحق بالمدرسة في صغره، وشغل فترة طفولته بتلقي دروسًا خاصة في اللاتينية واليونانية، وظهر اهتمامه باللغات القديمة والبحث والدراسة مبكرًا في قبل أن يبلغ السابعة عشرة، وكان قد قدم بحث عن "الأصل القبطي لأسماء الأماكن المصرية"، ودرس لمدة 3 سنوات اللغات الشرقية والقبطية. عمل شامبليون كمدرس تاريخ، ثم سافرإلى باريس وعمل كأول أمين للمجموعة المصرية في متحف اللوفر، وشغل منصب أستاذ كرسي الآثار المصرية، وعند انتقاله إلى جربنوبل للالتحاق بالمدرسة الثانوية، تواصل مع "فوربيه" سكرتير البعثة العلمية التي رافقت حملة نابليون بونابرت، وانضم إلى فريق العلماء الفرنسي أثناء الحملة الفرنسية على مصر. كان ل"فوربيه" دورًا اساسيًا في تعلم شامبليون لعلم المصريات، حيث جعله يطلع على مجموعته الخاصة من المقتنيات الأثرية، واستطاع شامبليون في 27 سبتمبر 1822 من فك رموز ورموز اللغة المصرية القديمة "الهيروغليفية"، بعدما استعان بحجر رشيد والذي عثر عليه أثناء تواجده مع الحملة في مصر، وكان قد نقش عليه ب "الهيروغليفية". ورغم وفاته في سن صغير يناهز 42 عامًا إلا أنه ترك إنجازات فارقة بالنسبة إلى الحضارة المصرية، حيث فك طلاسم لغة حيرت الكثير طيلة 13 قرنًا. - جاك مار وتماثيل الميادين : فيما جاء النحات الفرنسي "جاك مار" إلى مصر بناءًا على رغبة الخديوي إسماعيل، والذي كان مهتمًا بتزيين الميادين بتماثيل للقادة المصريين، فضلًا عن رغبته في تحويل مصر إلى "قطعة من أوروبا"، وكانت أولى تماثيله هي "أسدا قصر النيل" وموجودان أعلى كوبري قصر النيل في القاهرة، وكانا من تصميم وتنفيذ "جاك مار" عام 1871، ووصلت تكلفة بنائهما ألفي فرانك فرنسي، وفقًا لما قال النحات أحمد عبد الفتاح ل"صدى البلد". أما في عهد محمد علي، فصنع نفس النحات تمثال ل"لاظوغلي باشا" وكان وزير الدفاع في عصر محمد علي وكان يتمتع بسلطة ونفوذ كبيرة حتى تولى منصب رئاسة الوزراء، وصنع "جاك مار" التمثال من البرونز، وصنعه بعد قرار الحوكمة المصرية بعمل تماثيل لكبار الشخصيات في عهد محمد علي باشا، وأطلق اسم لاظوغلي باشا على نفس الميدان الذي يتوسطه التمثال يحمل نفس الاسم.