قالت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية، إن العلماء اختلفوا في حكم نقل الميت من قبره الذي دفن فيه، فذهب الحنفية والشافعية إلى عدم جواز ذلك إلا لضرورة كدفنه في أرض مغصوبة، أو أن تؤخذ الأرض بالشفعة. وأضافت اللجنة في إجابتها عن سؤال: «ما حكم نقل الميت من المقبرة التي دفن بها إلى مقبرة أخرى؟»، أن الحنفية والشافعية استدلوا على منع النقل بأن فيه انتهاكًا لحرمة الميت، قالوا: «وَلِذَا لَمْ يُحَوَّلْ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَقَدْ دُفِنُوا بِأَرْضِ الْحَرْبِ إذْ لا عُذْرَ». وأشارت إلى أن المالكية رأوا جواز نقل الميت بعد دفنه بشروط ثلاثة: ألا ينفجر حال نقله، وألا تنتهك حرمته، وأن يكون لمصلحة، كأن يخاف عليه أن يغرق البحر قبره أو يأكله السبع، أو ترجى بركة الموضع المنقول إليه، أو ليدفن بين أهله، أو لأجل قرب زيارة أهله. وتابعت: "وذهب الحنابلة إلى جواز نقل الميت إلى بقعة أحسن من البقعة التي دفن بها، كأن يكون مدفونًا مع غيره فينقل ليدفن منفردًا"، مشيرة إلى أن المالكية والحنابلة استدلوا بما رواه البخاري عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: «دُفِنَ مَعَ أَبِي رَجُلٌ، فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أَخْرَجْتُهُ، فَجَعَلْتُهُ فِي قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ»، وفي رواية: فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الآخَرِ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً غَيْرَ أُذُنِهِ» رواهما البخاري. وأوضحت أنه يظهر مما تقدم أن الفقهاء لا يبيحون نقل الميت إذا ترتب على نقله إهانة له أو اعتداء على حرمته، أو لم يكن النقل لغرض معقول ومبرر قوي، سواء كان هذا الغرض من النقل لمصلحة الميت أو لمصلحة الحي، فمصلحة الميت تقتضي أن ينقل لو تهدم القبر أو كاد، أو وصل إليه الماء أو كان مدفونًا مع غيره فينقل ليدفن وحده في قبر مستقل كما فعل سيدنا جابر مع أبيه، ومصلحة الحي في نقل الميت أن يكون الميت بين أهله أو أن يكون قريبًا منهم لزيارته. ونبته: "لكن لا يجوز النقل لو لم يكن الغرض منه مستساغًا كأن ينقل من مقبرة جماعية في البلد إلى مقبرة جماعية أخرى في نفس البلد، إذ لا مبرر معقول من وراء هذا النقل. وأفادت: "وترى اللجنة الأخذ بمذهب المالكية وفق الضوابط والشروط التي وضعوها؛ وذلك تيسيرًا على الناس ورفقًا بهم".