أعرب المبعوث الصيني للأزمة السورية شيه شياو يان عن اعتقاده بأن الأزمة السورية تتقدم نحو الحل بخطوات بطيئة لكنها مهمة ، وان الحل السياسي للأزمة بات ممكنا أكثر فأكثر. وقال المتحدث - فى مقال نشره اليوم الجمعة في صحيفة " الشعب " اليومية الرسمية التى تعد اوسع الصحف الصينية انتشارا - إن اندلاع الأزمة السورية يعود إلى تراكم العديد من المشاكل المحلية على مدى طويل ، كما أن القوى الأجنبية تمثل طرفا رئيسيا في الأزمة ، هذا إلى جانب الصراع الطائفي. وأضاف أن الأزمة السورية لم تكن حدثا بالغ الدموية فحسب ، وانما تحولت إلى كارثة كبرى حلت بسوريا ، كان لها تأثير دولى خطير من خلال تغذيتها لإنتشار الإرهاب عبر العالم ، وخلقها لأكبر موجة لجوء منذ الحرب العالمية الثانية ، علاوة على تسببها فى أن تعيش سوريا فى وضع بالغ الصعوبة ، وفى أن يظل السلام الذي يصبو اليه الشعب السوري حلما بعيد المنال حتى الان. وأوضح المبعوث الصينى أن المأساة الإنسانية التي تعيشها سوريا أيقظت ضمير البشرية ، وحفزت محبي السلام في العالم والقوى الحريصة على العدالة للدفع بإتجاه معالجة الأزمة ، لتتصاعد بعد ذلك وخلال العام الماضى الأصوات المنادية بالوحدة في مقاومة الإرهاب ، واستعادة السلام واحترام السيادة السورية وإعادة الإعمار. وأشار الى أنه وبفضل الجهود المشتركة ، مني تنظيم داعش وعدة تنظيمات ارهابية اخرى بضربات موجعة في العراقوسوريا ، كما توصلت الدول المعنية إلى اتفاق حول "منطقة خفض الصراع" ، ما أسهم في توسيع رقعة الأراضي المنضوية تحت وقف إطلاق النار ، وحفّز جزءا من اللاجئين على العودة إلى منازلهم ، موضحا أنه وفي ظل بروز هذه الخطوات الإيجابية ، تضاعفت تطلعات الناس نحو حل الأزمة السورية. وقال شيه شياو يان إنه شارك خلال الفترة القريبة الماضية في الجولة السابعة لمحادثات السلام بجينيف حول الأزمة السورية ، وقام بعدها بزيارة بعض دول الشرق الأوسط ، حيث التقى مع مختلف الأطراف سعيا لدفع محادثات السلام والتعبير عن الموقف الصيني البناء ، وأشار الى أنه إجمالا يمكن القول أن الوضع بالنسبة لسوريا مازال هشّا ، وأن الجولة الاخيرة من محادثات جينيف لم تأت بإختراق حقيقي ، لكن وبالرغم من هذا فإنه يمكن ملاحظة انه حدث تقدم مرحلي ، وارتفاع مستوى الإجماع ، وسعى نحو الإتجاه الصحيح. وأضاف أن الجانب الصيني دعى خلال الجولة الاخيرة من المحادثات مختلف الأطراف للإنطلاق من المصالح الجوهرية للشعب السوري وأمن المنطقة طويل المدى ، كما أكد على ضرورة اغتنام المؤشرات الإيجابية التي أظهرتها الازمة السورية ، والتحلي بالثقة والصبر ومراكمة جهود حل الأزمة ، لخلق مزيد من الظروف المواتية للحل النهائي ، موضحا أن موقف الصين الذي اكد عليه خلال المحادثات يرتكز على خمسة محاور تتمثل فى : أولا : أنه يجب التمسك بالحل السياسي ، والتخلي عن فكرة حسم الصراع في ساحة الحرب ، كما أن على مختلف الأطراف العمل على دفع الحوار والمحادثات، وضمان استمرارية العملية السياسية وإستقرارها ، كما أن عليهم إظهار الصدق والتقريب بين المواقف ، بمايعزز الثقة المتبادلة والإجماع. ثانيا : أنه يجب التمسك بمبدأ تقرير الشعب السوري لمصير سوريا وأنه ينبغى على مختلف الأطراف السورية إظهار الإحترام والتفهم وتعزيز فرص الحوار ، والعمل على التوصل إلى حوار ومفاوضات ذات تمثيا واسع ، وفي ذات الوقت ، فإن على الجميع التمسك بوساطة الأممالمتحدة ، والعمل على تفعيل دور آليتيْ محادثات جينيف ومحادثات أستانا ، كما أن على مختلف الأطراف الأجنبية العمل على دعم المفاوضات، وعدم فرض أجنداتها على سير المحادثات. ثالثا : أنه يجب اغتنام اى فرصة متاحة لضرب الإرهاب ، وفي الوقت الذي يتم فيه ضرب المنظمات الإرهابية ، يجب الإنتباه إلى عدم تفريق الإرهابيين في مختلف المناطق ويجب توجيه الضربات القوية إلى جميع المنظمات المدرجة على قائمة الإرهاب في منظمة الأممالمتحدة ، وعدم الكيل بمكيالين ، أو التقوقع داخل الحسابات الجيوسياسية .... "وعلى هذا الأساس ، فإن جميع الأطراف مدعوة إلى العمل على تشكيل جبهة موحدة ضد الإرهاب ، وعلى جميع الأطراف تقديم اسهامات ايجابية في هذا الجانب". رابعا : دعم جهود إعادة الإعمار في سوريا ... حيث أنه ينبغى على المجتمع الدولي أن يقوم بدعم جهود إعادة الإعمار السورية ، ومساعدة هذه الدولة المنكوبة على إعادة إنشاء بنيتها التحتية ، وتمكين اللاجئين من العودة إلى ديارهم ، كما يجب الإهتمام بإعادة التأهيل النفسي للسوريين ومساعدتهم على تضميد جراحهم ، وإستعادة الأمل والنظر إلى المستقبل. خامسا : ضمان سيادة واستقلال ووحدة سوريا لان السيادة والإستقلال ووحدة الأراضي تعد شروطا أساسية لمحافظة أي دولة على سلامها واستقرارها ، وتحقيق أمنها طويل المدى ... " كما أن الإحترام المتبادل للسيادة والإستقلال والوحدة هي الطريق الوحيدة للتعايش بين الدول على اختلاف أيديوليجياتها، وأديانها واقتصادياتها ، وحماية الأمن والإستقرار الإقليمي والعالمي". وأكد شيه شياو يان أن الصين ستواصل التعاون مع المجتمع الدولي ، مقدمة إسهاماتها وحكمتها ومقترحاتها ، للعب دور بناء في إستعادة السلام والإستقرار في سوريا وكامل منطقة الشرق الأوسط.