ذكرت مجلة "انتليجنس نيوز" الأمريكية المتخصصة فى شئون الاستخبارات، أن الأعوام التسعة الماضية شهدت زيادة بمقدار الضعفين فى حجم مقر جهاز المخابرات الاتحادى الروسى مما يشى باتساع مهام عمل الجهاز وقطاعاته التابعة. وأشارت الدورية التى تصدر فى واشنطن في تقرير لها إلى أن جهاز المخابرات الخارجى الروسى / اس فى ار / كان وريثا شرعيا للمخابرات السوفيتية السابقة "كى جى بى"، وانتقلت إليه كل ملفات صراعها مع اجهزة المخابرات الغربية إبان الحرب الباردة وحتى سقوط وتفكك الاتحاد السوفيتى . وأكدت أن ما شهده الاتحاد السوفيتى السابق من ضعف وتفكك فى سنواته الأخيرة لم ينعكس على عمل "كى جى بى" الذى بقى برغم انهيار السوفييت جهازا قويا ومؤثرا على صعيد العمليات الخارجية وهى القوة التى انتقلت لاحقا إلى جهاز المخابرات الروسى "اس فى ار" الذى بدوره ضاعف من تلك القوة ومدد نطاقاتها فى كافة الجمهوريات السوفيتية السابقة لجمع المعلومات وملاحقة اهداف تهدد الأمن القومى الروسي. وأشارت الدورية الأمريكية إلى أن فترة السبعينيات من القرن الماضي شهدت طفرة تطوير مذهلة فى القدرات الفنية والتكنولوجية لجهاز "كى جى بى"، كانت فيما بعد ميراثا للمخابرات الروسية الحالية، واستمرت عمليات التطوير حتى العام 2007 عندما انتقلت المخابرات الروسية الى مقرها المهيب بأضلاعه الثلاثة وطوابقه الإحدى والعشرين ذات السرية العالية فى منطقة يازينوف فى العاصمة موسكو وهناك توجد مكاتب التصوير الفضائى والاستطلاعى ومكاتب جمع المعلومات من المصادر المعلنة والمتابعة الإخبارية والمعلوماتية. ووفقا للتقرير، يعد ميخائيل فرادكوف الدبلوماسى السوفيتى السابق أول مدير للمخابرات الروسية يدشن عمليات التوسعة الكبرى لمقرها فى العام 2007 عندما أسندت إليه مهمة إدارة هذا الجهاز الرهيب والغامض الذى يتولاه الى الان بعد ان عمل رئيسا لوزراء روسيا الاتحادية فى الفترة من 2004 وحتى مطلع 2007. ولم تستبعد الدورية الامريكية أن يتولى الرئيس الروسى الحالى فلاديمير بوتين منصب مدير الاستخبارات الروسية "اس فى ار" بعد انتهاء فترته الرئاسية حيث تعد الاستخبارات مكانه المفضل بحكم سابق عمله كضابط فيها . وتشير تقارير أخرى إلى أن ما شهده مقر الاستخبارات الروسية من توسعة فى حجمه وقدراته لم يكن منبت الصلة عن اتساع مواز فى أنشطة وعدد محطات العمل الخارجى التابعة فى مختلف مناطق العالم ، ويؤكد ذلك ما تردد فى وسائل إعلامية عن انذار استخباراتى روسى مبكر لنظيرتها التركية ببوادر انقلاب يوليو من العام 2016 فى تركيا الذى تم إفشاله. وبرغم نفى المتحدث باسم الحكومة الروسية ديمترى بيسكوف علمه بتلك التقارير وتأكيد وكالة الأنباء الروسية الرسمية "تاس"،عدم صحتها ، يؤكد مراقبون ان مركزا روسيا للتنصت الاستخبارى بشمال اللاذقية فى سوريا والذى يقع على مقربة من الحدود التركية قد التقط اتصالات مشفرة عبر الراديو بين مدبرى التحرك العسكرى فى تركيا صيف العام الماضى وتم ابلاغ فحواها الى الاستخبارات التركية التى أنكرت ذلك. كذلك رصدت تقارير إخبارية أمريكية ما اعتبرته وتيرة التحرش المخابراتى بين عناصر يعتقد تبعيتها للمخابرات الروسية الخارجية والدبلوماسيين الأمريكيين فى أوروبا، وأطلقت وسائل إعلام أمريكية على تلك التحرشات مسمى " الحرب الرمادية " بين واشنطنوموسكو والتى بلغ مداها زعم دبلوماسيين أمريكيين تعرضهم إلى عمليات إخافة وارباك متعمدين من عناصر يشتبه فى انتمائها إلى عملاء المخابرات الروسية إبان حكم أوباما. وقال نورم ايسين السفير الأمريكي الأسبق لدى جمهورية التشيك، إن عمليات الإخافة كانت إحدى الأنشطة الدائمة التى تقوم بها المخابرات السوفيتية لإرباك عمل الدبلوماسيين الأمريكيين إبان فترة الحرب الباردة وهى أنشطة من غير المستبعد أن يكون قد تم اللجوء إليها إبان ذروة المواجهة بين موسكووواشنطن إبان فترة إدارة أوباما التى كانت تفرض عقوبات على موسكو سعيا إلى فرض طوق عزلة دولية عليها، وكانت الحرب الرمادية موضع شكوى من جانب وزير الخارجية الأمريكي في إدارة أوباما جون كيرى خلال زيارة له للعاصمة الروسية موسكو فى مارس من العام الماضى صرح خلالها بأن أوباما قد كلف وكالات المخابرات الأمريكية بعدم الرد أو اتخاذ أي إجراءات تجاه الدبلوماسيين الروس. وقبيل ترك منصبه بأيام أمر أوباما بطرد 35 من الدبلوماسيين الروس من واشنطن على خلفية تقارير زعمت اختراق الاستخبارات الروسية لنظم اتصالات سرية أمريكية استغلها الجمهوريون للدفع بمرشحهم دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة، ولم يتخذ الرئيس الروسى فلاديمير بوتين وقتها إجراءات مضادا للإجراء الأمريكي.