قالت دار الإفتاء، إنه ينبغي لمن تبع الجنازة أن يطيل السكوت ويلتزم الصمت، ويكره رفع الصوت حتى لو بالذكر وقراءة القرآن ونحوهما مما فيه إخلال بآداب الجنائز والخروج عن هدي سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة من بعده رضوان الله عليهم أجمعين. واستشهدت الإفتاء في فتوى لها، بما روي عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: «كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَكْرَهُونَ رَفْعَ الصَّوْتِ عِنْدَ ثَلَاثٍ: عِنْدَ الْقِتَالِ، وَفِي الْجَنَائِزِ، وَفِي الذِّكْرِ» أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى". وهذه الكراهة: قيل: كراهة تحريم، وقيل: ترك الأولى، وروى ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن المغيرة قال: «كَانَ رَجُلٌ يَمْشِي خَلْفَ الْجِنَازَةِ وَيَقْرَأُ سُورَةَ الْوَاقِعَةِ، فَسُئِلَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ عَنْ ذَلِكَ، فَكَرِهَهُ». وأشارت إلى أن من أراد سير خلف خلف الجنازة أن يذكر الله تعالى ففي نفسه -أي سرًّا بحيث يسمع نفسه-، كما جاء في "الفتاوى الهندية" (1/ 162، ط. دار الفكر): «وَعَلَى مُتَّبِعِي الْجِنَازَةِ الصَّمْتُ، وَيُكْرَهُ لَهُمْ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، كَذَا فِي "شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ"، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَذْكُرَ اللهَ يَذْكُرُهُ فِي نَفْسِهِ، كَذَا فِي "فَتَاوَى قَاضِي خَانْ» واستندت إلى ما قاله الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (2/ 48، ط. دار الكتب العلمية): [(وَيُكْرَهُ اللَّغطُ) -بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَسُكُونِهَا-، وَهُوَ ارْتِفَاعُ الْأَصْوَاتِ (فِي) السَّيْرِ مَعَ (الْجِنَازَةِ)؛ لِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَرِهُوا رَفْعَ الصَّوْتِ عِنْدَ الْجَنَائِزِ وَعِنْدَ الْقِتَالِ وَعِنْدَ الذِّكْرِ. قَالَ فِي "الْمَجْمُوعِ": وَالْمُخْتَارُ بَلْ الصَّوَابُ مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ مِنْ السُّكُوتِ فِي حَالِ السَّيْرِ مَعَ الْجِنَازَةِ، وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِقِرَاءَةٍ وَلَا ذِكْرٍ وَلَا غَيْرِهِمَا، بَلْ يَشْتَغِلُ بِالتَّفَكُّرِ فِي الْمَوْتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَمَا يَفْعَلُهُ جَهَلَةُ الْقُرَّاءِ بِالتَّمْطِيطِ وَإِخْرَاجِ الْكَلَامِ عَنْ مَوْضُوعِهِ فَحَرَامٌ يَجِبُ إنْكَارُهُ، وَكَرِهَ الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ قَوْلَهُمْ: اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَمِعَ ابْنُ عُمَرَ قَائِلًا يَقُولُ: اسْتَغْفِرُوا لَهُ غَفَرَ اللهُ لَكُمْ فَقَالَ: لَا غَفَرَ اللهُ لَكَ، رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي "سُنَنِهِ". وكان الآلاف من أهالي مدينة منفلوط، قد شيعوا جنازة متوفى على دقات الطبول والدفوف، بعد 4 أيام من وفاته، وطافوا به عددًا كبيرًا من شوارع المركز في مشهد غريب.