كتبت مرات ومرات أطالب بضرورة وجود رؤية وتحرك مختلف لتحقيق تنمية حقيقية على أرض الفيروز، وتطرّقت إلى حالة التخبّط التى شهدها مشروع تنمية سيناء المعروف ب"ترعة السلام" الذى يستهدف استصلاح وزراعة 450 ألف فدان شرق وغرب القناة، ومنها التضارب فى القرارات والاختصاصات المعلقة بالإشراف على المشروع ما بين وزارة الزراعة ووزارة الرى، وكذلك ما بين إنشاء شركة قابضة لتنمية سيناء بقرار جمهورى ثم نقل تبعيتها من الرى إلى الزراعة ثم صدور قرار جمهورى آخر بإلغائها، قمة التخبط والتضارب الذى غزل خيوطة بحرفية عالية رموز النظام السابق لمصالح خاصة، ليكون المشهد فى النهاية بهذه المأساوية والضبابية، ولتكون الضحية أبناء سيناء وما تم إنفاقه على أعمال البنية الأساسية. ما حدث ويحدث على أرض الفيروز وراؤه تخاذل الوزرات والحكومات السابقة أيام نظام المخلوع، وما ترتب عليه من هوة وفراغ أمنى كبير ساهم فى تمهيد الطريق أمام الجماعات المتطرفة والتكفيرية لكى تنشط وتحكم سيطرتها على مناطق بعينها خاصة المدقات الوعرة والجبال ومنها جبل الحلال الذى يوجد فى كهوفه ودروبه أكثر من 3 آلاف خارج على القانون، وآخرون صادر ضدهم أحكام قضائية أو عُرفية. ومع استمرار مسلسل الإهمال والتراخى فى برامج التنمية الحقيقية وإبعاد أبناء سيناء عن المناصب القيادية مما أوجد لديهم شعورًا ب"الغبن" والظلم وهو ما صاحبته حورات فكرية أدخلت شريحة من أبنائهم فى دروب المتشددين ، وفى الوقت الذى سعى فيه البعض لتبنى مبادرة لوضع حد لمطاريد جبل الحلال بعد وقوع الحادث الارهابى بشرم الشيخ فى 2005 حيث ساعد بعضهم الشرطة فى القبض على مرتكبى الحادث مقابل تسوية أوضاعهم أو العفو عنهم طالما أنهم غير مطلوبين فى قضايا جنائية، إلا أن المفاجأة كانت تنصل أجهزة الأمن من هذا الاتفاق لتعود الأمور إلى سابق عهدها وفى المقابل غض الجهاز الأمنى الطرف عمّا يحدث. ومع وقوع الحادث المأساوى فى رفح والذى راح ضحيته خيرة أبناء مصر تحرك الجيش المصرى ليعيد للدولة المصرية هيبتها وسيطرتها على سيناء، لكن ورغم هذه المحاولات الجيدة فإن الأمر يتطلب مزيدًا من التنسيق والتعاون الجاد من أجل تنمية سيناء وإقامة مشروعات حقيقية على أرضها بحيث تكون امتدادًا للوادى القديم وأن يتم تقنين أوضاع واضعى اليد والبدء فورًا فى إجراءات تملك أبناء سيناء لهذه الأراضى، فى نفس الوقت فتح حوار فكرى مع الجماعات المُتشدّدة وفى حال عدم اقتناعهم بوسطية الإسلام ونبذهم للعنف يتم تطبيق القانون عليهم وعلى مرأى ومسمع من عشائرهم وقبائلهم، الأوضاع فى سيناء تتطلب جهدًا جماعيًا من الحكومة وعزيمة صادقة على استكمال برامج التنمية بشتى صورها، وهذه المساعى هى الحل الوحيد لعودة أرض الفيروز إلى مصر مرة أخرى، وهو ما ننتظره من الجهاز القومى لتنمية سيناء وما تم تخصيصه وأن يتم تمثيل أبناء سيناء داخل هذا الجهاز لانهم الأقدر على توصيف وحل مشاكل سيناء. وقد خصّصت الحكومة مليارًا و95 مليون جنيه لتنمية سيناء في ميزانية العام الحالي بالإضافة إلى 250 مليون جنيه دعمًا من وزارة الدفاع لتمويل الاحتياجات العاجلة للمواطنين بسيناء خاصة مشروعات المياه والمدارس ذات الفصل الواحد وتنفذ هذه المشروعات الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلح وفقا للاحتياجات التى يطلبها أهالي سيناء أنفسهم. واللافت للنظر تصريحات اللواء شوقي رشوان، رئيس جهاز تنمية سيناء، التى أكد فيها أن الحكومة تدرس إنشاء 3 مناطق حرة في سيناء برفح ونويبع والعريش لتحديد الجدوى الاقتصادية لها والفائدة التي تعود على مصر وليس فقط من أجل توفير بعض البضائع لبعض الأشقاء.. نتمنى أن تكون الأيام المقبلة أكثر إشراقًا على كل المستويات، والله المستعان. [email protected]