حكومات كثيرة ومتعاقبة تحدثت وتبنت ما اصطلح على تسميته مشروعات قومية للتوسع الأفقى منها مشروع توشكى وترعة السلام بسيناء وشرق العوينات وأنفق النظام السابق على هذه المشروعات مليارات الجنيهات دون أن تحقق تنمية حقيقية أو حتى تؤتى جزءا معقولا من ثمارها ، وبعد قيام الثورة خرجت العديد من الأصوات تطالب بإمعان النظر فى هذه المشروعات ومراجعة عمليات تخصيص الأراضى والقواعد التى تم على أساسها تخصيص أو بيع هذه المساحات . وعندما نتحدث عن المشروعات القومية نجد أن مشروع شمال سيناء يستحوذ على اهتمام خاص نظرا لموقعه الاستراتيجى وأبعاده القومية المعروفة ، اما توشكى فكان الرئيس السابق حسنى مبارك يعتبره بمثابة السد العالى الذى اقترن باسم الرئيس عبد الناصر لكن شتان بين هذا وذاك ، فالأول لم يحقق أى مردود يذكر للمواطن المصرى وشابته مخالفات وإهدار واضح للمال العام أما الثانى فأثاره ومكاسبه خالده ولا تحتاج إلى دليل . - والحديث عن تنمية المشروعات القومية يستوجب الإشارة إلى متغير مهم ساهم فى إهدار سنوات كان من الممكن أن يتغير فيها شكل وحقيقة هذه المشروعات ، والمتابع لمعدلات أداء هذه المشروعات يلاحظ حجم التضارب الذى كان موجودا بين كل من وزارة الرى ووزارة الزراعة ، ففى البداية كانت هذه المشروعات تتبع وزارة الرى وكان يوجد فى سيناء ما يعرف بجهاز تنمية سيناء وحقق إنجازات معقولة على طريق التنيمة لكن تم التخلص من هذا الجهاز وأعقبه قرارا جمهوريا بإنشاء الشركة القابضة لتنمية سيناء التى تولت على مدار شهور محددة أعمال التنمية، تلا ذلك فصل اعمال هذه الشركة ليقتصر عملها على اعمال البنية الأساسية وتتبع وزارة الرى، اما عمليات تخصيص الأراضى والبت فى الطلبات المقدمه للحصول على اراض وعقد المزادات الخاصة بذلك فهو من اختصاص وزارة الزراعة ، استمر الحال على ذلك اشهر قليلة ثم كانت المفاجأة بإغلاق وتصفية الشركة القابضة لتنمية سيناء ونفس الوضع وبنفس التطور حدث فى توشكى ، لتكون المحصلة مزيد من إهدار الوقت ومزيد من إهدار الاموال ومزيد من الخسائر على المستوى الاقتصادى من هنا كانت الصورة ضبابية وقاتمه والخلافات والتضارب بين الجهات والوزارات المعنية لا حدود لها ، أما الأن وبعد قيام الثورة أعتقد أن الأمر اختلف بعض الشئ على خلفية التطورات التى أعقبت البلاغات الخاصة بتخصيص أراضي الدولة بأثمان بخسة وبالمخالفة للقانون وتبعها حبس رموز امثال يوسف والى على ذمة التحقيق لتسببهم فى اهدارالمال العام وبالذات تخصيص 100 الف فدان لشركة المملكة بسعر 50 جنيها فقط للفدان وفسخ عقود اراض أخرى لأسباب مشابهة . - على أن الجديد بعد الثورة هو إعلان د. كمال الجنزورى المكلف بتشكيل حكومة الإنقاذ الوطنى عن ضرورة تبنى سياسة واضحة لتعظيم العائد من أعمال البنية الأساسية فى المشروعات القومية ، ولمسنا من الرجل جدية نأمل أن يتم ترجمتها فى اختيار وزير زراعة قوى فاهم وواع ينقلنا إلى منطقة الواقع العملى بعيدا عن التنظير والحكى الذى لا طائل من ورائه أو العمل لمصلحة فئة معينة فى المجتمع . وهناك عدد من النقاط المهمة التى أرى ضروة وضعها فى الاعتبار منها التركيز خلال الفترة القادمة على إعطاء أولوية لأبناء سيناء فيما يتعلق بتخصيص الأراضى وكذلك دراسة معوقات الاستثمار وطرح تسهيلات ومزايا يمكن من خلالها الاستفادة من الموارد الطبيعية والبيئية التى تذخر بها سيناء ، بجانب إعداد تقرير شامل عن تنفيذ أعمال الاستصلاح في مشروع توشكي الذى يستهدف زراعة 450 ألف فدان علي فروعه الأربعة ومشروع شرق العوينات لاستصلاح 220 ألف فدان والتأكد من قيام الشركات العاملة بالمشروعين بتنفيذ بنود العقود التي أبرمتها مع الدولة وسحب الأراضي من الشركات المخالفة .. نتمنى أن تشهد الفترة القادمة مزيدا من التنسيق بين الجهات والوزارات المعنية لتحقيق تنمية حقيقية على مستوى كافة المشروعات القومية وكفانا تضيعا واهداراً للمال والوقت، وعلي حكومة الانقاذ الوطنى أن تدرك صعوبة تحديات منها أزمة نقص الغذاء ومحدودية موارد مصر المائية .. والله المستعان . [email protected]