معركة الحد الأقصي للأجورتنطلق بحلول 2012. جولة جديدة من المعارك الفكرية ولاكلامية والفضائية المتوقعة مع قدوم العام الجديد عندما تبدأ الخطوات الفعلية لتطبيق المرحلة الاولى من الحد الاقصى للأجور والتى بدأ ممتاز السعيد وزير المالية الجديد اتخاذ خطوات فعلية لتطبيقها ، حيث عقد خلال الأيام الماضية عدة اجتماعات مع عدد من قيادات الوزارة لبحث كيفية تطبيق المرحلة الأولي للحد الأقصي للأجور بدءا من شهر يناير المقبل ، وكيفية ربط الحصول علي المرتب بالرقم القومي للموظف حتي يتم اكتشاف أي دخل يحصل عليه من أي جهة ، وذلك بهدف منع أي موظف حكومي من تجاوز الحد الأقصي الذي سيقترب من 40 ألف جنيه شهريا. وأكد مصدر مسئول بوزارة المالية أن الدراسات التي أجرتها الوزارة ، وكذلك الجهاز المركزي للتنظيم والادارة أشارت إلي أنه يمكن تطبيق المرحلة الأولي للحد الأقصي للأجور بدءا من يناير المقبل علي نحو 10 آلاف قيادة بالجهاز الإداري للدولة ، علي أن يتم بعد ذلك بستة أشهر تطبيق المرحلة الثانية للحد الأقصي علي أصحاب الكادرات الخاصة من العاملين بالدولة ،مثل القضاة وضباط الشرطة ورجال القوات المسلحة والصحفيين والعاملين بالسلك الدبلوماسي والرقابة الادارية والمخابرات العامة والجهاز المركزي للمحاسبات. كان الدكتور حازم الببلاوى نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية ووزير المالية السابق قد بدأ خطوات وضع حد أقصي لأجور العاملين بالدولة ، علي أساس أن يكون هذا الحد مرتبطاً بمعادلة تأخذ فى الحسبان متوسطات معدلات التضخم فى الظروف المستقرة، ومراعاة معدلات تزايد الخبرات ، وتزايد المسئوليات خلال العمر الوظيفى للموظف الذى يصل إلى 36 سنة ، علي ألا يزيد الحد الأقصى عن 36 ضعفا للحد الأدنى، بمراعاة متوسط زيادة سنوى 10% طوال العمر الوظيفى. كما سبق تشكيل لجنة المشكلة برئاسة د. عصام شرف رئيس الوزراء السابق لمعالجة اختلال هيكل الأجور بالدولة ، وأقرت اللجنة بدء العمل على اتخاذ خطوات عاجلة لتقليل الفجوة بين المرتبات والدخول للعاملين بالأجهزة الحكومية، فى إطار مسار عاجل يبدأ تنفيذه من أول يناير 2012، وتكليف الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة وحتى بداية التنفيذ بوضع الضوابط والقواعد اللازمة فى هذا الشأن ، والتى ترتكز على مبدأين أساسين هما الشفافية والإفصاح عما يحصل عليه العاملون بالحكومة من دخول، وإيجاد علاقة بين الحدين الأدنى والأقصى للدخول فى الحكومة ، ويتم بمقتضاها زيادة الحد الأدني كلما ارتفع الحد الأقصي . ووافقت اللجنة على تشكيل لجنة متخصصة لدراسة أوضاع المرتبات والدخول فى الدولة، واقتراح هيكل جديد لها يقضى على التناقضات والتفاوت الكبير في مرتبات العاملين من خلال أسس مستقرة ، على أن تنتهى اللجنة من أعمالها وتقدم توصياتها فى غضون ستة أشهر من تكليفها بهذا العمل، بحيث يمكن فى حالة الموافقة على توصياتها بدء تطبيقها مستقبلاً ،لضمان التحقيق الدائم لمبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة والشفافية والإفصاح، على أن يراعى فى كل الأحوال ألا يكون من شأن هذه الضوابط والقواعد أى تأثير على أوضاع التأمينات والمعاشات. ويؤكد د.علي لطفي رئيس الوزراء الأسبق أهمية وضع حد أقصي للأجور ،وأنه يمكن تحديده بمالا يزيد عن 50 ألف جنيه شهريا ، علي أن يطبق ذلك علي العاملين بالحكومة والقطاع العام . وأضاف : سبق أن أصدرت قرارا بتحديد حد أقصي للأجور سنة 1986 عندما كنت رئيسا للوزراء وحددته ب 20 ألف جنيه شهريا ، وكان يطبق علي جميع العاملين بالحكومة والقطاع العام والبنوك والمؤسسات الصحفية. ويري د . حسين عيسي عميد كلية التجارة بجامعة عين شمس أن هناك حاجة ماسة لتنفيذ سياسة جديدة للأجور في مصر ، ويمكن أن تنفذ من خلال عدة محاور أهمها وضع حد أدني للأجور يتفق مع الظروف الاقتصادية ، وظروف المعيشة للمواطنين ومعدلات التضخم ، مع وضع نظام محدد للحوافز يقوم علي معايير موضوعية لتقييم معدلات آداء الموظفين ، بالاضافة لتحديد حد أقصي للأجور وليكن في حدود 15 أو 20 ضعفا للحد الأدني للأجور ، فمثلا لو كان الحد الأدني يبلغ ألف جنيه شهريا لأقل موظف يجب ألا يزيد الحد الأقصي عن 20 ألف جنيه لأكبر موظف . وقال د.عيسي أن مصر في أشد الحاجة لوضع حد أقصي للأجور، لأنها عانت طوال الفترة الماضية من الفوضي والفجوة العالية في الأجور بين الموظفين الكبار والصغار ، خاصة أن وضع حد أقصي للأجور معمول به في جميع الدول المتقدمة . ويضيف د . حسين : كما يجب ربط زيادة الأجور بشكل عام بمعدلات التضخم ، فمثلا في بعض الدول الأوربية لا تتجاوز الزيادة السنوية للمرتبات عما يتراوح بين 2 و 5 %لأن معدل التضخم هناك لا يزيد عن 1 أو 2% ،لكن في مصر قد يصل معدل التضخم إلي 20% في بعض الأوقات ، كما يجب ربط زيادة الأجور بحجم الانجاز في العمل ، ولذلك يجب إعادة توزيع العمالة حسب احتياجات جهات العمل وتوجيه زيادة الموظفين في أماكن إلي سد النقص منهم في جهات أخري . وتؤكد د. عالية المهدي العميد السابق كللية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة أنه يمكن تحديد الحد الأقصي للأجور بالحكومة لما يتراوح بين 20 و30 ضعفا للحد الأدني ، مع وضع حدود دنيا مختلفة لكل فئة من الموظفين ،طبقا لمؤهلاتهم الدراسية فيختلف ما بين الأمي، والحاصل علي الشهادة الابتدائية، ويزيد عند الحصول علي الاعدادية أو مؤهل متوسط أو عال ، كما يجب انهاء فوضي الحوافز والمكافآت والبدلات المتعددة والتي لا يوجد لها مثيل في أي دولة في العالم ،حيث تفتح بابا لزيادة المرتبات بطرق ملتوية يستفيد منها كبار الموظفين فقط ، وذلك يجب تقليل هذه البنود واختصارها ،مع وضع قواعد موضوعية لربطها بحجم الانتاج والانجاز في العمل .