* صراعات مذهبية وطائفية تحدد المناصب الكبرى * خلاف حول عدد الوزراء في التشكيلة التي يعدها الحريري * تنافس داخل القيادات لانتزاع أكبر حصة من المكاسب بعد تكليف سعد الحريري بتشكيل الوزارة الأولى في عهد الرئيس الجديد ميشال عون من المتوقع أن يواجه الحريري- نجل رئيس الوزراء الأسبق- المزيد من التحديات والعقبات التي تبدأ مع من المشاورات يقوم بها الرئيس المكلف، لدى الحوار مع الكتل النيابية التي ستقدم مطالبها من الحقائب الوزارية إلى الحريري. وطبقا لما تذكره صحيفة البيان اللبنانية، فمن المقرر بعد التوصل إلى تفاهم مع القوى السياسية، سيقدم الحريري تشكيلة الحكومة إلى رئيس الحمهورية اللبنانية، وهنا تبرز أكثر من إشكالية بدءًا من تركيبة الحكومة وما إذا كانت تضم 24 أو 30 وزيرًا وكيفية توزيعها طائفيًا ومذهبيًا، على اعتبار أن الدستور في مادته ال95 تحدّث عن ان"الطوائف تمثل ضرورة عادلة في تشكيل الوزارة، وإن كانت هناك مناصفة بين المسلمين والمسيحيين ومثالثة بين الموارنة والسنة والشيعة. وتبقى المشكلة في عملية توزيع الحقائب على الكتل النيابية وتحديد حصة المستقبل مثلًا وباقي الفرقاء السنة الموالين والمعارضين، وكذلك الأمر بالنسبة للثنائي الشيعي (أمل وحزب الله) وما إذا كان يقبل بشريك شيعي ثالث حزبي أو مستقل، والحال ذاتها بالنسبة للحزب التقدمي الاشتراكي، وما إذا كان يرضى إسناد الوزارة إلى رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان أو غيره، ولا يحتكر التمثيل الدرزي، علمًا أنه ينال عادة حصة وزارية من الطوائف الأخرى، وتبرز المشكلة في الحصة المسيحية وكيفية توزيعها على التيار الحر والقوات، إضافة إلى المردة والكتائب إذا قبلا المشاركة في الحكومة كونهما عارضا انتخاب عون والنواب المستقلين وحلفاء المستقبل المسيحيين وحلفاء التقدمي وحركة أمل المسيحيين أيضًا، ناهيك عن الثلث المعطل الذي تكرس في اتفاق الدوحة وكان هناك الوزير الملك للتحرر منه، خاصة أن 8 آذار تصر عليه، ليتوج الأمر بموافقة الرئيس على التشكيلة بعد تنفيذ مطالبه، لاسيما إذا تمسك بحصة وزارية جريًا على العادة المتبعة منذ اتفاق الطائف عام 1989، الى النظر بكيفية تأمين أكبر عدد من المؤيدين، حتى يسهل الحصول على الثقة إلى توزيع الحصص ومطالبة كل كتلة بوزارة معتبرة، لاسيما الأساسية منها، مثل الاتصالات، والعدل، والنقل والأشغال والتربية، بالإضافة إلى كيفية توزيع الوزارات السيادية (الدفاع- الخارجية - الداخلية -المالية) على الطوائف الأربع الكبرى، خاصة أن المكوِّن الشيعي يضع نصب عينيه وزارة المالية، على اعتبار أن أي مرسوم يحمل عادة توقيع رئيس الجمهورية الماروني ورئيس الحكومة السني والوزير المختص ولا يوجد بالتالي توقيع شيعي، ولذلك فوزير المال لا بد أن يوقع على كل المراسيم التي تحمل الطابع المالي، ما يرضي الشيعة بوجود توقيعهم الثالث على أي مرسوم. وإذا قطع الحريري هذا الشوط بنجاح، ينتقل إلى معركة البيان الوزاري، بحيث تشكل عادة لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة لصياغته ونيل الثقة على أساسه، وهنا تبدو إشكالية بالغة التعقيد، إذ إن الحكومات المتعاقبة استهلكت الكثير من الوقت حتى تخطت هذه العقدة وتم اللعب على الألفاظ لتمرير بعض العبارات، لا سيما ما يتصل بالمقاومة، بحيث كانت تطرح ثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة" في حكومات سابقة استبدلت في حكومة تمام سلام بجملة "التأكيد على الحق للمواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة". كما أن بنودا أخرى تتعلق بالسياسة الخارجية وعلاقات لبنان العربية، لا سيما الموقف مما يجري في سوريا، بعدما سبق أن اعتمدت حكومتا الرئيسين نجيب ميقاتي وتمام سلام سياسة النأي بالنفس، إضافة إلى نظرة الحكومة إلى ملفات الخطر الإرهابي والتوطين والنزوح السوري والمحكمة الخاصة بلبنان واستخراج النفط وما شابه. فكل هذه العقبات لا بد للرئيس المكلف أن يذللها حتى يستطيع تشكيل حكومته أولًا وإنجاز بيانها الوزاري لينال الثقة على أساسه، والإقلاع بها إلى شاطئ الأمان بعيدًا عن الأمواج المتلاطمة، وصحيح أن المهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة، إلا أن شهر العسل الحكومي بعد التكليف محفوف بالمخاطر والأشواك، ما يتطلب الكثير من التأني والحوار.