ملفات ساخنة على رأس أولويات وزير المالية في الحكومة المصرية المالية الجديدة، الدكتور ممتاز السعيد، ينبغي عليه إنجازها، لإثبات جدارته بالترشح لمنصب وزير المالية، خاصة بعدما قضى ما يزيد على 40 عاما داخل أروقة الوزراة، والتي تدرج في مناصبها حتى أصبح رئيسا لقطاع الموازنة العامة للدولة، ومشرفا على مكتب وزير المالية الأسبق، يوسف بطرس غالي، قبل أن يترك الخدمة قبل عامين، ثم عاد مستشارا ماليا خاصا لنائب رئيس الوزراء ووزير المالية السابق د.حازم الببلاوي منذ شهرين تقريبا، ثم ثم تولى مهام ومسئولية الوزارة في حكومة الدكتور كمال الجنزوري الجديدة. ويعتبر "قرض البنك الدولي" من أبرز الملفات الساخنة المطروحة على طاولة وزارة المالية، حيث أكد الدكتور ممتاز السعيد أنه سيعيد النظر في حصول مصر على القرض المعروض عليها من قبل صندوق النقد الدولي بقيمة 3.2 مليار دولار، بعد أن كانت الوزارة قد بدأت في اتخاذ خطوات جدية للحصول عليه قبيل استقالة حكومة الدكتور عصام شرف بأيام، بهدف سد عجز الموازنة المقدر بنحو 134 مليار جنيه، ومن خلال قراءة الأحداث يرجح أن يكون الاتجاه الأقوى للسعيد هو التراجع عن الحصول على هذا القرض، بسبب توجهات الدكتور كمال الجنزوري، رئيس الحكومة الجديد الذي يرفض الحصول على مزيد من القروض من الخارج. وكان الدكتور حازم الببلاوي، نائب رئيس الوزراء ووزير المالية السابق، بدأ في اتخاذ إجراءات الحصول على القرض، وتم إعداد الخطابات الرسمية لتوجيهها للصندوق للحصول على القرض، بهدف تقليل الاعتماد على الاقتراض الداخلي، بعدما وصلت عوائد سندات وأذون الخزانة لحدود مرتفعة، كما أن الاقتراض من الخارج يتميز بأسعار فائدة متدنية مقارنة بالاقتراض من السوق المحلية، فضلا عن توفر مدد سداد أطول لقروض الجهات الدولية، غير أن وقوع أحداث التحرير الأخيرة واستقالة حكومة شرف تسبب في وقف إجراءات الحصول على القرض. وتأتي قضية وضع حد أقصى لأجور العاملين بالدولة، ضمن الملفات العاجلة التي تحتاج إلى سرعة الحسم، خاصة أن السعيد أعلن أن المرحلة الأولى للحد الأقصى للأجور سيبدأ تطبيقها خلال شهرين، غير أن السعيد بدأ فعليا منذ اليوم التالي لمشاورات انضمامه لحكومة الجنزوري وقبل توليه المسئولية بستة أيام، بحث كيفية تطبيق المرحلة الأولى للحد الأقصى للأجور، بدءا من شهر يناير المقبل، واتخاذ خطوات ربط الحصول على الراتب بالرقم القومي للموظف، حتي يتم اكتشاف أي دخل يحصل عليه من قبل أي جهة، وذلك بهدف منع أي موظف حكومي من تجاوز الحد الأقصى الذي سيقترب من 40 ألف جنيه شهريا. كما استعرض السعيد مع معاونيه الدراسات التي أجرتها الوزارة، والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، الخاصة بتلك القضية، والتي أكدت نتائجها أنه يمكن تطبيق المرحلة الأولى للحد الأقصى للأجر بدءا من يناير المقبل على نحو 10 آلاف قيادة بالجهاز الإداري للدولة، على أن يتم بعد ذلك بستة أشهر تطبيق المرحلة الثانية للحد الأقصى على أصحاب الكادرات الخاصة من العاملين بالدولة، مثل القضاة، ضباط الشرطة، رجال القوات المسلحة، الصحفيين، العاملين بالسلك الدبلوماسي، الرقابة الإدارية، المخابرات العامة والجهاز المركزي للمحاسبات. كما يعكف وزير المالية الجديد منذ تعيينه نائبا لوزير المالية السابق الدكتور حازم الببلاوي، على إعداد مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي الجديد 2012/2013، ونظرا للظروف الاقتصادية الحالية التي تمر بها البلاد عقب ثورة يناير، والتي أعقبها انتشار حالات الانفلات أمني، وتراجع في معدلات الإنتاج بعد إغلاق أكثر من ألف مصنع، بسبب التدهور الأمني، والمطالب الفئوية، وتهريب نحو 4 مليارات جنيه من الاستثمارات الأجنبية إلى الخارج، فإن السعيد يجد نفسه مجبرا على تلبية المطالب الفئوية المشروعة للعديد من القطاعات العاملة بالدولة، وتوفير نحو نصف مليون فرصة عمل جديدة، وهو ما يحتاج إلى زيادة الإنفاق العام، حيث يجب أن يتضمن مشروع الموازنة العامة الجديدة آليات وحوافز جديدة لجذب الاستثمارات الأجنبية، بينما تجبره الظروف الاقتصادية وانخفاض إيرادات الدولة، خاصة بعد تراجع حركة الصادرات والورادات، وكساد النشاط السياحي، على تقليل الإنفاق. وتسبب مديونية أموال التأمينات صداعا مزمنا لأي مسئول يتولى منصب وزارة المالية، فرغم إصدار الوزراة خلال السنوات الأخيرة لصكوك على الخزانة العامة للدولة، بقيمة 209 مليارات جنيه تمثل جزءا كبيرا من مديونية الدولة لصناديق التأمينات التي تدر عائدا للصناديق يقدر بنحو 16 مليار جنيه سنويا، تحصل عليها الصناديق نقدا، إلا أن هذا الإجراء لا يكفي، خاصة أن هناك نحو 134 مليار جنيه تمثل ديونا للصناديق على الخزانة العامة للدولة، ولا تستطيع وزارة المالية إصدار صكوك جديدة بها، لأنها سترفع الدين العام المحلي، رغم أن هذه المديونية تمثل تراكم الأموال التي تحملتها الخزانة العامة للدولة، بدلا من صناديق التأمينات، لزيادة المعاشات سنويا عبر منح أصحاب المعاشات العلاوات الاجتماعية السنوية منذ عام 1987 وحتى عام 2010. كما أن وزير المالية الحالي مطالب بتحقيق الربط المقرر على مصلحتي الضرائب والجمارك، والمقدر خلال العام المالي الحالي بنحو 232.2 مليار جنيه، ما يقرب من 218 مليارا منها يمثل الربط المقرر على مصلحة الضرائب، وفي حالة عدم تحقيق هذا المبلغ سيزداد عجز الموازنة العامة الحالية المقدر بنحو 134 مليار جنيه، وهو ما يعادل 8.6 في المائة من إجمالي الموازنة، وزيادة العجز ستسبب خطرا على الأجيال القادمة، وعدم القدرة على الإنفاق على البنية التحتية، وما يزيد من خطر عدم تحقيق الحصيلة الضريبية المطلوبة، تراجع الإنتاج الصناعي، وتدهور النشاط السياحي، وركود قطاع العقارات، وتزايد عمليات التهريب الجمركي بسبب الانفلات الأمني، وكل هذه المجالات تمثل جزءا كبيرا من موارد الضرائب. ويمثل ملف المتأخرات الضريبية، والتي تقترب من 40 مليار جنيه، صداعا مزمنا في رأس أي وزير مالية، خاصة أن غالبية هذه المتأخرات على جهات حكومية مثل اتحاد الإذاعة والتليفزيون، والمؤسسات الصحفية الحكومية، وتبلغ مديونياتهما نحو 9 مليارات جنيه، بخلاف الضريبة على أرباح خصخصة العديد من الشركات الحكومية، وتراكم الفوائد على الملفات الضريبية الخاصة ببعض مؤسسات القطاع الخاص والأفراد، نظرا لتعثرهم ورفضهم سداد الضرائب وفوائدها بسبب التقديرات الجزافية التي كانت تطبقها مصلحة الضرائب على الممولين. ويعتبر تضارب القرارات نحو تطبيق قانون الضريبة العقارية الجديد، وتأجيل تطبيقه أكثر من مرة، مشكلة تبحث عن حل منذ إقراره عام 2008، وإن كانت المؤشرات تؤكد أنه سيتم تطبيقه بدءا من يناير المقبل.