عزيزي أردوغان.. تحدثت إلي شعبك من خلال تكنولوجيا الاتصال ونقل حديثك إلي الشعب قناة معارضة ووقفت معك المعارضة في درس ديمقراطي حقيقي، وأنت الآن تدهس الديمقراطية. فتذكر جيدا أن الانقلاب الفاشل قد يأتي بعده انقلاب ناجح أو ثورة يرغب فيها الكثير من شعبك يبحثون عن علمانية تركيا الضائعة ، ولم تعد الأيام كالماضي حلمك الأوروبي علي المحك.. سياساتك الإقليمية كارثية ونحن نترقب الأيام ... فقد كان يوم الجمعة الماضي يوما فارقا بالنسبة للأتراك وكذلك المحيط الإقليمي والدولي حيث تزعمت مجموعة من قيادات الجيش التركي الانقلاب علي حكم السيد أردوغان وتركيا دائما ما يتم النظر إليها علي أنها بارعة في هذا الفعل الإنقلابي، فقد سبق هذا الانقلاب الفاشل انقلابات أخري في أعوام 1960، 1971، 1980 والحقيقة أن الانقلاب فشل وما زال الحديث عن تداعياته والقراءات المتصلة بهذا الحدث مازالت مستمرة حيث يواجه أردوغان العثمانلي تحديات أراها جسيمة في الأيام القليلة القادمة فهو أمام خيارين. الأول تدعيم أركان ديكتاتورية حكمه ، والثاني استيعاب ما حدث ومراجعة سياساته الداخلية والإقليمية والدولية التي لا يمكن وصفها بأقل من أنها سياسات أدت لهذه المحاولة ليصبح السؤال لأي خيار سينحاز الرجل؟؟ والحديث هنا ليس عن قراءة ما سيتم في المستقبل.. فالرجل علي الأرض بدأ في تبني سياسات وأفعال تدعم الخيار الأول مستعينا بالراية التي يرفعها ويحصل علي الدعم التام من خلال أساس عقائدي أولا ثم سياسي ثانيا وأري أن هذا ليس عيبا إذا ما تم توصيف الموقف بموضوعية علي أنه صراع سياسي بالأساس. هنا تصبح المساندة لتدعيم أركان حكمه وأفكار حزب العدالة والتنمية والرجل يرتكن إلي فكر براجماتي واضح ويعيبه أنه يأتي بالفعل وعكسه فهو يتحدث بالراية الدينية ويدافع عن الأقصي في كل مكان وزمان، بينما يرتبط بعلاقات استراتيجية مع الكيان الصهيوني ولا يخفي ذلك حتي في أحلك لحظات حكمه عشية الانقلاب كانت الشاشات العبرية تنقل بثا مباشرا من داخل كبري المدن التركية وقد تابعت هذه الشاشات وكانت البهجة تملأ الاستوديوهات العبرية والمراسلين علي وقع فشل الانقلاب. وهناك دليل آخر يجعلنا نعرف ونتأكد من خيارات الرجل فلم يعد خفيا علي أحد ممارساته القمعية ضد الجميع وتساؤل اليوم ما علاقة ما يقرب من 1500 قيادة جامعية في أنحاء الجامعات التركية بهذا الانقلاب ليتم عزلهم من مناصبهم ؟؟
وكذلك محاولة إجراء تعديل دستوري بعودة عقوبة الإعدام حيث جاء علي لسان الرجل نصا من تعهد بذلك ووقع عليه فعليه تنفيذه وهو بذلك يؤكد رغبته في التراجع وتنفيذ الإعدام في حق الخونة، بحسب ما يقول. ويصبح الموقف الآن وكأن الرجل يتحدث إلينا من موقع الوالي الذي يحتمي بشعبه متناسيا أخطاءه الكارثية في سوريا وتمويل داعش والصدام المباشر مع الدب الروسي وكذلك في الداخل ومعارضيه الذين يرفعون راية أتاتورك وعلمانية الدولة التركية وظهر ذلك جليا في مظاهرات ميدان تقسيم، وأي قراءة في البحث عن أسباب فشل الانقلاب تصبح عديمة الجدوي بعد أن تحقق الفشل وأصبح الانقلاب من الماضي وإن كنت ألمح مساندة أمريكية ساعدت في ذلك من خلال القواعد الأمريكية المنتشرة في أزمير وأكسار وقاعدة إنجرلك جنوبتركيا. تتبقي ملاحظة أخيرة أقولها عن الإعلام المصري الذي جعلنا أضحوكة كالعادة، فالتناول جاء علي حقيقة سقوط تركيا ورحيل أردوغان في ساعات الانقلاب الأولي وجاءت التفسيرات والتحليلات ثم تم التراجع عن ذلك بعدها بساعات قليلة.