غدا.. "الوطنية للانتخابات" تعلن نتيجة ال30 دائرة الملغاة بأحكام "الإدارية العليا"    السيارة الكهربائية.. مراحل التطوير    نتنياهو يعلن رسميًا المصادقة على اتفاق الغاز مع مصر بمبلغ فلكي    الرقابة المالية توافق على التأسيس والترخيص ل 6 شركات بأنشطة صندوق الاستثمار العقاري    41 مؤشرًا لقياس أداء المدن الجديدة للتحول نحو مدن خضراء مستدامة    المنظمات الأهلية الفلسطينية: المنخفض الجوي فاقم الكارثة الإنسانية وكشف هشاشة أوضاع نازحي غزة    تقارير: الأهلي يحسم صفقة بلعمري    جنرال التعليق مدحت شلبي في مهمة نهائي كأس العرب بين الأردن والمغرب    الحماية المدنية بالمنيا: انهيار منزل مكوّن من 3 طوابق وجارى إخلاء السكان بمنطقة طه السبع    محمد رمضان يعلق على تأييد حكم حبسه    الحكومة تستهدف استراتيجية عمل متكامل لبناء الوعى    إصابة شخصين في حادث تصادم 3 سيارات أعلى الطريق الأوسطي    إسرائيل ارتكبت مجازر إبادة جماعية فى غزة وتستثمر حادث سيدنى لكسب التعاطف    في قبضة أمن الإسماعيلية.. كلاكيت تاني مرة شراء أصوات بالقصاصين والقنطرة شرق وغرب ( صور )    إسرائيل تفرج عن 12 أسيرا من سكان قطاع غزة    وزير العمل يبدأ زيارته إلى إيطاليا بلقاءات مع قيادات شركات التوظيف والتدريب    الزعيم عادل إمام يغيب عن عزاء شقيقته إيمان    خالد الجندي: من الشِرْك أن ترى نفسك ولا ترى ربك    ما حكم حلاقة القزع ولماذا ينهي عنها الشرع؟.. أمين الفتوى يُجيب    محافظ الجيزة: زيادة عدد ماكينات الغسيل الكلوى بمستشفى أبو النمرس إلى 62    السيسي يرحب بتوقيع اتفاق الدوحة للسلام الشامل بين حكومة وتحالف نهر الكونغو الديمقراطية    محمود كارم: خطاب الكراهية أخطر التحديات التي تواجه المجتمعات المعاصرة    جلسة صعود وهبوط: 6 قطاعات فى مكسب و10 قطاعات تتراجع    جهود مصرية حثيثة لتوفير المساعدات والخيام لسكان شمال غزة    الداخلية تكشف حقيقة إجبار سيدة على ترك مسكنها بالبحر الأحمر    البنك الزراعي المصري يسهم في القضاء على قوائم الانتظار في عمليات زراعة القرنية    مستشار رئيس الجمهورية: مصر تمتلك كفاءات علمية وبحثية قادرة على قيادة البحث الطبى    أرفع أوسمة «الفاو» للرئيس السيسى    مدير تعليم سوهاج يتناول وجبة الإفطار مع طالبات مدرسة الأمل للصم (صور)    محافظ القاهرة يتفقد عددًا من اللجان الانتخابية للاطمئنان على سير العملية الانتخابية    جامعة الدول العربية تطلق المنتدى العربي الأول للإنذار المبكر والاستعداد للكوارث    الروائى شريف سعيد يتحدث عن "عسل السنيورة" الفائزة بجائزة نجيب محفوظ    التموين تنتهي من صرف مقررات ديسمبر بنسبة 73%    الصحة: إجراء جراحة ميكروسكوبية دقيقة لطفل 3 سنوات بمستشفى زايد التخصصى    كيف دعم حسن حسني الراحلة نيفين مندور في فيلم «اللي بالي بالك»؟    جوائز مالية ضخمة للمنتخبات المشاركة في كأس العالم 2026    تأييد حبس الفنان محمد رمضان عامين بسبب أغنية رقم واحد يا أنصاص    الداخلية تضبط 3 أشخاص لتوزيعهم أموال بمحيط لجان المطرية    محافظ القليوبية يكرم البطلة جنة صليح لحصولها على برونزية قذف القرص بدورة الألعاب الأفريقية    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    وزير الرياضة يعلن عودة نعمة سعيد من الاعتزال تحضيرا ل أولمبياد لوس أنجلوس    حقيقة انفصال مصطفى أبو سريع عن زوجته بسبب غادة عبدالرازق    مفتي الجمهورية يلتقي نظيره الكازاخستاني على هامش الندوة الدولية الثانية للإفتاء    مكتبة الإسكندرية تشارك في افتتاح الدورة العاشرة لملتقى القاهرة الدولي لفن الخط العربي    المحمدي: ظُلمت في الزمالك.. ومباريات الدوري سنلعبها كالكؤوس    أوكرانيا تعلن استهداف مصفاة نفطية روسية ومنصة بحر القزوين    اليونيفيل: التنسيق مع الجيش اللبناني مستمر للحفاظ على الاستقرار على طول الخط الأزرق    اتجاه في الزمالك لتسويق أحمد حمدي في يناير    المصرف المتحد يرعى المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها الثانية والثلاثين    إقبال على التصويت بجولة الإعادة في انتخابات مجلس النواب بالسويس    إصابة سيدة وابنها صدمتهما سيارة بقرية فى أبو النمرس    محافظ قنا يوجه بحملات مرورية مكثفة للحد من حوادث الطرق    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    أجواء شتوية وفرص لسقوط أمطار.. الأمطار تكشف تفاصيل حالة الطقس    إصابة ثلاثة طلاب من جامعة بنها جراء اعتداء بمياه النار في كفر شكر    انفجارات في كييف وإعلان حالة إنذار جوي    مصطفى عثمان حكما لمباراة البنك الأهلي ومودرن سبورت في كأس عاصمة مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤية لإصلاح منظومة التعليم الفاشلة في مصر؟
نشر في صدى البلد يوم 06 - 06 - 2016

عندما أنظر إلى حالة التدهور والتدني بل والانحطاط الذي وصل إليه حال التعليم في مصر، اتذكر على الفور المشهد التاريخي الذي قام به الفنان الكوميدي الكبير "نجيب الريحاني" في فيلم "غزل البنات" عندما ذهب ليعلم بنت الباشا في القصر ، وهو في انتظار الباشا دخل عليه احد العاملين عند الباشا بلباس مهندم ومظهر انيق ، فانخدع في مظهره وظن انه الباشا ، فقال له : انا مش سعادة الباشا ، انا مخصوص هنا علشان الكلب ده، فرد عليه نجيب الريحاني " الاستاذ حمام" ساخراً : وبتقبض ماهية على كدة ؟ فقال له: 30 جنيه بس ، ورد عليه الريحاني بسخرية مغلفة بالدهشة والصدمة : 30 جنيه بس ، لا حرام ؟ ليه ما تطلبش اعادة نظر،علاوة ، تنسيق ، فقال له :ضروري هاطلب ايه يعني 30 جنيه انا باوكله واحميه وافليه ولا بتوع المدارس ، فرد عليه الريحاني : هم بتوع المدارس بيوصلوا ل 30 جنيه ؟ وهنا سأل العامل نجيب الريحاني قائلا : هو حضرتك بتشتغل إيه ؟ فأجابه بسخرية : انا بتاع كتب .. بتاع علم !! وبعدها تركه العامل ، وجلس الريحاني منتظرا الباشا يكلم نفسه ويندب حظه قائلا : 30 جنيه ! ، أنا لو من 18 سنة باعلم كلاب كنت بقيت من الأعيان.
ولعل هذا المشهد يلخص بوضوح جزءا مهما وجوهريا من اسباب انهيار منظومة التعليم في مصر وفشلها فشلا ذريعا بل وبامتياز ، وهذا ليس كلامي بل كلام مؤسسات عالمية كبرى متخصصة في جودة التعليم حيث احتلت مصر المركز الاخير عالميا في جودة ادارة المدارس والمرتبة 136 من بين 144 دولة ، والمركز 120 في الابتكارات والاختراعات ، ولكي نكون امناء مع انفسنا ونريد تطويرا واصلاحا للتعليم ، يجب ان نعترف أن منظومة التعليم في مصر فاشلة ، والكلام عن جودة التعليم كلام فارغ وفض مجالس، وان ملف التعليم الذي يعد واحداً من اهم واخطر الملفات التي تتعلق بالأمن القومي المصري اصبح سوقا ومافيا للهليبة والمنتفعين واصحاب المصالح ، ولا عزاء لدولة العلم التي نرجوها .
لقد لخص مشهد نجيب الريحاني اوضاع المعلمين في مصر مقارنة بمن يربون الكلاب في قصور الاثرياء ، مما جعله يشعر بصغر النفس امام هذا الشخص وتتضاءل امامه قيمة العلم والكتب ...!!! يا سادة لا تصدعونا بتطوير التعليم وجودته بدون ان تهتموا بالمعلم واحواله المعيشية ، فالمعلم هو قاعدة الارتكاز في منظومة اصلاح التعليم ، ويجب النظر بشكل جدي الى مرتب المعلم ، وتدريبه وتطوير قدراته ومهاراته ، ليس بدورات تدريبية شكلية تنفق فيها الوزارة ملايين بلا جدوى وفي الاخر ياخذ المدرس شهادة تدريب او اجتياز دورة ، فجودة التدريب غائبة وبها فساد ، وان كنا نريد تطويرا حقيقيا وجودة في التعليم لابد من النظر الى جودة المناهج وربطها بالواقع ومتطلباته وتفريغها من الحشو وتنقيتها من التضليل والتمييز والحض على الكراهية بل واحيانا الارهاب ، ولا يتأتى تطوير المناهج الا بثلاثية المتخصصين والطالب والمعلم ، فلابد ان يؤخذ رأي الطالب عبر استقصاء او دراسات بحثية او استطلاعات رأي او برامج تليفزيونية تجمع بين الطالب والمعلم والمتخصص في تطوير المناهج بل وممثلين عن اولياء الامور حتى لا يكون التطوير منفصلا عن الواقع وتحدياته ، ونهدر موارد الدولة وندخل من جديد في دوامات متواصلة من الفساد الذي يكتنف التمثيليات التي نسمعها كل يوم عن تطوير التعليم والمناهج.
وفي رأيي ان منظومة تطوير التعليم ايضا تحتاج الى اصلاح اداري بعيدا عن البيروقراطية وتغيير بعض القوانين لتتناسب مع متطلبات العصر وراحة المعلم نفسه ، وضمان اجور عادلة لكل القائمين على العملية التعليمية والاداريين ، ولك ان تتخيل آلاف القضايا المرفوعة في المحاكم من المعلمين والاداريين ، وكم القوانين الفاسدة التي تهدد استقرار المعلم وتنغص عليه عيشته وعيشة اهله ، هل يتخيل احد ان وزارة التربية والتعليم بل وحكومة مصر بعد 30 يونيو عاجزة عن اجراء عملية نقل لمدرس او مدرسة ويذوق المدرس الامرين حتى يتم نقله ولا ينقل الا ببديل او بواسطة !!! مع ان الحكومة لو فكرت لوجدت حلولا فعالة ومبتكرة لهذه المعضلة التي تؤرق الاف المعلمين والمعلمات الذين يريدون النقل من مكان لاخر ، فتوفير المناخ الملائم للمعلم نفسيا وماديا هو احد اهم مدخلات جودة العملية التعليمية.
وكنت أتمنى ان تفكر الحكومة المصرية ووزارة التربية والتعليم بشكل جدي في استحداث محكمة متخصصة للتعليم في مصر وهذه المحكمة كنت طالبت بتأسيسها ايام جماعة الاخوان ولكنهم لم يلتفتوا اليها ، وهي ستخدم الافا مؤلفة من المدرسين الذين لهم شكاوى وقضايا في المحاكم تتعلق بالعملية التعليمية وتسرع في البت فيها ، وايضا لا يجب اغفال تطوير منظومة الرقابة الصارمة على سير الامتحانات والكنترولات في عملية اصلاح جودة التعليم بدلا من هوجة الغش والتسريب للجميع التي نشهدها حاليا وهي تؤكد على فشل الوزارة الحالية فشلا ذريعا يستوجب اقالة الوزير فورا دون تعليق شماعة الاخفاق على الاخوان ، وتطوير التعليم نفسه يحتاج الى تطوير آلية وضع الامتحانات وتغييرها بل ونسفها حتى تعبر الامتحانات عن قياس مهارات وقدرات الطالب العلمية وليس قدرته على الحفظ ، فلا يجب ان تتعامل الحكومة مع عقل الطالب على انه كوسة او كرنبة يمكن حشوها او انه ببغاء يحفظ فقط ما يسمعه ويكتبه في ورقة الاجابة .
والحق اقول ان تطوير التعليم ليس مرهونا فقط بتطوير المناهج وجودتها فقط بل مرهونا بدور اجهزة الدولة كافة ومنابرها الاعلامية ومؤسساتها التي يجب ان ترفع من قيمة العلم والعلماء وايضا لابد ان يشعر الطالب بأن هناك مردودا سيأخذه من العملية التعليمية بعد التخرج والا يصاب بالاحباط ، فعندما هانت قيمة التعليم والعلم على الحكومة ومؤسساتها وجدنا طلابا محبطين ويلجأون للغش لانهم لا يرون جدوى او فائدة من التعليم ، وعندما هانت على حكومتنا قيمة العلم والعلماء والابتكار هربت العقول المفكرة واصحاب الابتكارات ، ولا يوجد ابلغ دليل على كلامي هذا من تصريح الدكتور احمد زكي بدر لاحد المخترعين عندما قال لمخترع وعلى الملأ: اطلع بمشروعك على امريكا على طول !!! وهو تصريح كارثي يلخص ازمة مصر الحقيقية في العلم ! فمنظومة التعليم الحالية كرهت التلاميذ في المدارس وكرهتهم في العلم.
وفي النهاية أؤكد على ان منظومة اصلاح التعليم منظومة لا ترتبط فقط بالعملية التعليمية من طالب ومعلم ومتخصص تطوير مناهج بل منظومة متكاملة يجب ان يراقبها الجميع ويشارك في صياغتها لانها لا تنفصل عن المجتمع بكل هيئاته ومؤسساته ويجب ايضا ان يكون هناك اشراف كامل ومتابعة دورية وصارمة من مؤسسة الرئاسة على هذا الملف المفصلي والهام الذي يعد اصلاحه بمثابة اصلاح لمسار مصر كلها في شتى المجالات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.