شاءت الأقدار أن نحيا زمنًا تنفس فيه المصري عزة وكرامة ونطقت دقات قلبه بلغات الكون مرددة "ارفع رأسك يا أخي" ارفعها عزة وكبرياء لا أن ترفعها ليقطفها السياف، زمن كان على رأس البلاد خادمها ابنها البار الزعيم عبدالناصر، زمن عرفنا عبره الخطة الخمسية والخطة العشرية حيث المشروعات القومية العملاقة التي ملأت البلاد طولاً وعرضًا ملتزمة بتاريخ للإنجاز لا يتخطى المقرر مطلقًا وكأن المعلم "بيج بين" يضبط ساعته على مواعيد تنفيذ برامج بناء مصر، وشاءت نفس الأقدار أن نحيا زمنًا كانت الهمة على قدم وساق لبيع مشروعات مصر عبدالناصر لعصابة اللصوص الذين هم على رأس السلطة وهم مسئولو البيع وهم المشترون، هكذا كان نصيب مصر التي كانت محروسة فصارت منهوبة وتطورت إلى المنكوبة، منكوبة على يد حكام صدّعونا بحكومات متعددة وكل حكومة تتشكل فيها "مجموعة اقتصادية" هى الجهل على قدمين، مجموعات اقتصادية طبلت وزمرت ورقصت بدون بدلة رقص أي رقصت عارية وكلها عورات قذرة قادت البلاد إلى فضائح الفقر والدين والعوز والعجز والضياع في وقت تضخمت فيه أرصدة السياسيين اللصوص وتضخم أيضًا "طحال وكلى وكبد ومصارين" مصر المنكوبة بمن ادعوا أنهم مجموعات اقتصادية حملت كل أمراض الكون لتسكن جسد المسكينة حبيبتهم مصر. بينما يشكل الدكتور هشام قنديل حكومته تمنيت ألا أسمع تعبير "مجموعة اقتصادية"، على الرغم من حاجة مصر إلى مجموعة اقتصادية "تفهم" لا أن "تنهب" ونسمع على يديها إشادة اللصوص العالميين أصحاب البنك الدولي وصندوق النهب، أقصد النقد الدولي، اللذين يشيدان دومًا باقتصاد مصر غير الموجود أصلاً، تمنيت لو بقى قنديل في وزارة الري حيث قرأنا أنه فعل كذا وكذا في ملف المياه على الرغم من أن من باعوا النيل سبق وأن قالوا إنهم فعلوا مائة كذا وكذا بدليل وجود الصديقة الشقيقة العزيزة ست المصريين والعرب إسرائيل الكبرى التي هى من نيل جنوب السودان إلى الفرات، حيث راعت مشاعر المصريين فراحت تأخذ النيل من منابعه ولا تزاحمنا في نيلنا الذي ينبع من الأقصر. أقولها دومًا وفي كل جلسة تجمعني ببشر لهم أذان تسمع وعقول تعي وبصيرة تتخطى أطراف الأنوف، أقول بأن 25 يناير لم يأت بعد، ويبدو أنه لن يأتي مطلقا، أقولها وأنا متفائل.