قال وزير التجارة الفرنسى فى تصريح له إن "الماركات" هى أكبر كذبة تسويقية صنعها "الأذكياء" لسرقة "الأغنياء" فصدقها "الفقراء"، ويسلط ذلك التصريح الضوء على ظاهرة منتشرة فى جميع المجتمعات حول العالم، وهى أن الكثير من الناس أصبح لديهم هوس بشراء الماركات العالمية حتى وإن كانت ظروفهم المادية لا تسمح بذلك. وبالرغم من أن الكثير من الدراسات الاجتماعية السابقة أجمعت على أن شراء الماركات العالمية حكرا على الطبقات الغنية نظرا لأن ظروفها المادية تسمح بذلك، إلا أن الواقع أثبت خطأ تلك الدراسات، فالتهافت على شراء الماركات العالمية ليس له علاقة بالطبقة الاجتماعية أو الحالة المادية. يحرص الكثير من الأشخاص من مختلف الطبقات الأجتماعية على الظهور مرتدين أحدث الماركات العالمية بصرف النظر عن سعرها، باعتبارها تمثل عنوانا للشخصية والمكانة الاجتماعية وتحدد قيمتهم فى أعين الأخرين، فضلا عن أن البعض يعتقدون أن ارتداء الماركات يساعد على تعزيز ثقتهم بنفسهم. وسنتناول فى التقرير التالى أهم الأسباب وراء هوس البعض بشراء الماركات العالمية: 1- المكانة الاجتماعية: يعتبر الكثيرون اقتناء الماركات العالمية دليلا على الرقى والمكانة الاجتاعية العالية، فضلا عن أن ذلك يعطى انطباعا جيدا عنهم ويكسبهم احترام الأخرين؛ ويعتقد البعض أن ارتداء تلك الماركات يمنحهم ثقة بالنفس وشعورا بالسعادة فضلا عن كونه دليلا على مواكبة العصر الحديث وأحدث صيحات الموضة. 2- الحملات الدعائية: كان للحملات الدعائية المنتشرة فى الشوارع والجرائد والمجلات والتليفزيونات والمواقع الالكترونية دورا كبيرا فى جذب اهتمام الكثيرين وخاصة الشباب، فهى تشجعهم على شراء الماركات مهما بلغ ثمنها، وإن لم يستطيعوا تحمل سعرها، من الممكن أن تتحول الرغبة فى ارتدائها إلى هوس يدفعهم فى بعض الاحيان إلى شراء الماركات المقلدة. 3- مواقع التواصل الاجتماعى: تلعب وسائل التواصل الاجتماعى وخاصة "انستجرام" دورا كبيرا فى زيادة اهتمام أو هوس الشباب بشراء الماركات؛ حيث تحرص كثير من النساء فى العالم العربى على متابعة أحدث صيحات الموضة، ويعمل الكثير منهن كمدونات للوضة، وتقومن بنشر صورهن أثناء ارتداء أحدث الماركات الشهيرة؛ ومن الممكن أن يصل عدد متابعيهن إلى ملايين. وتتلقى بعض هؤلاء النساء أيضا دعوة من أشهر المصممين العالمين لحضور عروض الأزياء الخاصة بهم، وهو ما يدل على الدور الهام الذى تلعبه تلك المواقع فى زيادة إقبال المستهلكين على شراء تلك الماركات. 4- المشاهير يرتدون الأزياء العالمية: يهتم الكثيرون بمتابعة أخبار المشاهير وأزيائهم، باعتبارهم أيقونات للموضة، ويحرص البعض على شراء نفس الماركات التى يقومون بارتدائها. ولذلك السبب يقوم بعض مصممى الأزياء بدعوة النجوم والمشاهير للمشاركة فى عروض الأزاء الخاصة بهم. 5- الجودة: يعتقد الكثير من الأشخاص أن السبب فى ارتفاع أسعار الماركات راجع إلى اسم الماركة فقط وليس جودة المنتج لأن المنتج لا يختلف عن غيره فى أى شئ. فيما يؤكد أخرون على أن المنتجات التى تحمل اسم الماركات الشهيرة تكون مصنوعة من خامات أفضل وأكثر جودة من غيرها، فضلا عن أن أغلب تصميمات الماركات العالمية لا يمكن أن تصبح قديمة وتزداد قيمتها مع مرور الوقت. وفقا لإحدى الإحصائيات الصادرة عام 2015، فإن السبب وراء شراء 66% من الأشخاص بالولايات المتحدةالأمريكية الماركات العالمية يرجع إلى "الجودة" و"التصميم". 6- الضغوط النفسية: وفقا لعدد من علماء النفس، يلجأ بعض الأشخاص إلى التسوق وشراء الماركات العالمية غالية الثمن، هربا من الضغوط العصبية وحالت الاكتئاب التى يمرون بها، حيث أكدت بعض الدراسات على أنه عند التسوق يفرز الجسم هرمونا يعطى شعورا بالسعادة والرضا. 7- مستوى الخدمة: يفضل 89% من الأشخاص شراء احتياجاتهم من المحلات الخاصة بالماركات الشهيرة بسبب مستوى الخدمة الجيد الذى يشجعهم على تكرار التجربة مرة أخرى. إن الموضة عبارة عن فن يعكس ذوق الأنسان واختياراته، لكن من الممكن أن يتحول الشغف بالموضة إلى هوس يجعل الأنسان يقبل على شراء الماركات غالية الثمن دون تفكير وتمييز بين الشغف والبذخ المبالغ فيه، فينفق أغلب دخله عليها ومن الممكن أن يغرق فى الديون نتيجة لذلك، وهنا يتحول الأمر إلى مشكلة كبيرة.